تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هوليـــــــوود تعـيــد الاعتبــــــار إلــــــى غيفـــــارا

عن لوموند
ثقافة
الجمعة 13-2-2009م
دلال إبراهيم

ضمن موجة الأفلام السياسية الهوليوودية الجريئة، أفرد النقاد مكانة استحقها لرائعة المخرج ستيفن سودربرغ فيلم (تشي) بجزأيه (الأرجنتين) و(حرب العصابات) عن مسيرة حياة إيقونة الثوار تشي غيفارا، ولايسع المرء إلا التساؤل

ماذا يمكن أن يقدم الفيلم عن شخصية الثائر الأرجنتيني التي سبق وتناولتها السينما مرات عديدة؟ نشاهده، فنشعر أننا لسنا أمام فيلم هوليوودي، ولاحتى في استعراضياته الضخمة، فهو أصلا:ً فيلم ناطق بالإسبانية، ويدور حول موضوع يقف سياسياً على الضد من الفكر الهوليوودي السائد، بل إنه يحاول في شكل ما إعادة الاعتبار إلى بطل سبق لهوليوود أن حاولت تهشيم ذكراه مرات ومرات، ووصفوه النقاد بأنه إعادة اعتبار هوليوودية لبطل تحرير شعوب أمريكا اللاتينية، بعدما أساءت لسمعته كثيراً، وتمكن المخرج سودربرغ فتح الأبواب أمام سينما السيرة المتكاثرة أفلامها، والمتعثر في البحث عن لغة خاصة بها في الآونة الأخيرة.‏

في الفيلم يذهب بنا المخرج بعيداً جداً، أبعد ما نتوقع، وعبر موقف ينبض بالتعاطف والتفاعل والإيمان بالدور الذي قام به ذلك الثائر الذي نذر حياته للثورة في أمريكا اللاتينية.‏

أحداث الجزء الأول تسير وفق مجموعة من الخطوط المتوازنة، التي تتقاطع في أحيان كثيرة من أجل خلق حالة من الثراء والتداخل في الأزمات والأحداث لتجاوز السردية التقليدية في تحقيق مثل هكذا أفلام ملحمية الجانب، لقد مزج بين احتياجات سينما المؤلف حيث التجريب على صعيد الشكل والمضمون وأيضاً سينما المغامرة التي يعشقها الجمهور.‏

وقد امتلك الفيلم منذ البداية أوراق جذب قوية، أهمها اسم المخرج الذي قدم عدداً من الأفلام المميزة استحق عليها جوائز سينمائية مثل فيلمه (جنس، أكاذيب، فيديو) أو فيلم (أيرين برو كوفينتش) والورقة الثانية هي أداء الممثل المميز استطاع أن يذوب في الشخصية ويقدمها في جميع مراحلها وظل محافظاً على إيقاعها وتطورها وعمقها وأيضاً مبادئها التي تغلب الحوار على العنف والتضحية على أي طموح هامشي والانتماء للثورة بكل إرهاصاتها، ويبرز الفيلم فكرة النقاء الثوري، وقدرة بطله على المحافظة عليها حتى بعد انتصار الثورة وزحف الثوار إلى العاصمة هافانا.‏

واستطاع سودربرغ أن يضع المشاهد في حالة من التوحد مع غيفارا وهو ينتقل في أحراش بوليفيا، من موقع إلى آخر، والدائرة تضيق عليه بفعل حصار الجيش البوليفي المدرب والمسلح أمريكياً، وحتى المشهد الختامي الذي جسده، حين يقف متحدياً الجنود حتى في لحظة إعدامه ويتحول إلى أسطورة حية، (أن تكون ثورياً، هذا يعني إما أن تنتصر أو أن تموت) يصرخ مرتين في الفيلم بتلك الجملة المشهورة عنه، فيلم أبرز بطريقة مدهشة فكرة الجماعية وروحها الضرورية لأي ثورة وكذلك الخضوع الكامل الثوري إلى قضيته المقدسة.‏

لقد بعثته هوليوود من جديد لرمز الحرية والثورة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية