الانتخابات الإسرائيلية.. نتائج على وقع المجازر
شؤون سياسية الجمعة 13-2-2009م د. إبراهيم زعير نتائج الانتخابات الإسرائيلية جاءت متوافقة إلى حد بعيد مع التوقعات التي تحدثت عنها الكثير من وسائل الإعلام الصهيوني، فقط نتائج حزب العمل لم تكن متوقعة، فالمرشحون الرئيسيون الثلاثة لرئاسة الوزراء ليفني ونتنياهو وباراك قبل ظهور النتائج حسمت لصالح ليفني بـ 29 مقعداً مقابل 27 لنتنياهو
و 15 لحزب «إسرائيل بيتنا» برئاسة ليبرمان و13 لباراك حزب العمل، ومن المفترض أن يكلف الرئيس الصهيوني شيمون بيريز تسيبي ليفني برئاسة الوزراء زعيمة حزب كاديما اليميني ومن يعرف طبيعة الكيان الصهيوني، يدرك لماذا جاءت النتائج على هذه الصورة، صحيح أن تسيبي ليفني ظهرت خلال الحرب الوحشية على غزة بأنها الأكثر تطرفاً وعنفاً وتضليلاً، وأعجب بها الجمهور الصهيوني لأنه لم يحدث أن تحدث أحد من قبل كما تحدثت هي أثناء العدوان الهمجي على غزة، فهي التي كانت تقول: إن وقف إطلاق النار سيدخل حيز الفعل عندما تقرر إسرائيل ذلك وليس هناك عالم أو ولايات متحدة أو أوروبا أو مجلس أمن وليس هناك طرف آخر جريح ينزف دماً، إسرائيل وحدها التي تقرر ذلك، ليفني أضفت على نفسها صورة عسكرتارية متطرفة ومن صوت لكاديما فهو في الواقع صوت لليمين المتحمس لأي حرب ويجازف بالمشاركة بجرائمها صحيح أن بنيامين نتنياهو حل في المركز الثاني بفارق بسيط جداً عن ليفني وظهر كمتطرف أشد منها في خطابه الانتخابي ولكن كاديما والعمل حزبي الوسط واليسار مجرد خدعة، فهما اللذان دفعا إسرائيل لحربين فظيعتين خلال عامين بينما نتنياهو يتميز بخطاب أشد ولكن أقل فعلاً منهما، واكتفى بالكلام فقط، وفي الحربين عام ٢0٠6 على لبنان و2008 على غزة لم تحقق إسرائيل سوى المزيد من القتل والانتقام من أطفال ونساء لبنان وفلسطين وهذا من الواضح أنه كان كافياً ليشبع تعطش الكيان الصهيوني لمزيد من دماء الأبرياء الفلسطينيين، فصناديق الاقتراع برهنت من جديد أن من يحظى بتأييد الرأي العام الصهيوني هو من يقتل أكثر من الفلسطينيين والعرب وليس من يحقق الأهداف من وراء تلك الحربين، فالثقة بمن يقتل أكثر هي الحافز لمنحه الصوت الصهيوني اعتقاداً بأن القتل سيحقق الأهداف عاجلاً أم آجلا،ً وفي جميع الأحوال لم يكن لمنطق السلام أي مكان في الحملات الانتخابية لقادة الأحزاب الصهيونية بغض النظر عن الصفات التي يحبون إلصاقها بأنفسهم، ومما لاشك فيه أن أي صوت ذهب للسيدة الحديدية تسيبي ليفني أو نتنياهو أو ليبرمان وباراك هو في حقيقة الأمر صوت مؤيد للحرب على الفلسطينيين والعرب، ومن السخافة الاعتقاد بوجود فروقات حقيقية بين هؤلاء القتلة جميعاً، فالجميع متطرفون وأحاديثهم عن السلام تعني في جوهرها إخضاع العرب وإذلالهم وإرغامهم على الاستسلام وهذا ما يحاولون إقناعه العالم بأنه السلام، ومن المشروعية أن يتساءل كل من يحرص على العدل والحق في المنطقة، هل من الممكن الحديث عن السلام مع من كان ضالعاً في حرب الإبادة الجماعية وارتكاب جرائم بحق الإنسانية في غزة؟ عندما يرتكبون مثل هذه الجرائم البشعة بحق الفلسطينيين فهل يمكن لأحد أن يصدق بأن هؤلاء يريدون السلام؟ من يطلق قذائف الفوسفور الأبيض على المدنيين ويدمر آلاف المنازل ويقتل الآلاف من الأبرياء هل يمكن لأحد أن يصدقه بأنه يريد الحل على أساس الدولتين اللتين تعيشان بسلام إلى جانب بعضهما البعض؟ بعد اكتمال فصول العدوان على غزة ظهر بشكل جلي بأن تلك الحرب لم تكن عابرة وليست لإسكات صواريخ المقاومة وهي ليست وليدة اللحظة فتحت شعار نظرية «الأمن الصهيوني» تسابق زعماء الأحزاب الصهيونية من أجل الفوز بصوت الناخب الصهيوني على أساسه، وبالتالي فإن أي متوهم بوجود فوارق حقيقية أو فكرية أو سياسية بين الأحزاب الصهيونية سيصاب دائماً بخيبة أمل، فاللعبة الديمقراطية في إسرائيل ملطخة بدماء الأبرياء الفلسطينيين والعرب وليس ما يوحي بأي آفاق مستقبلية بإمكانية إحلال السلام في المنطقة إلا في حالة واحدة عندما تقتنع إسرائيل وحكامها الدمويون بأن العرب قادرون على فرض السلام الحقيقي عليها بقوة وصلابة مقاومتهم ووحدة صفوفهم والدفع من شأن إرادتهم في وجه الغطرسة الصهيونية التي لا تعرف الحدود.
|