تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المقاومةالفلسطينية.. والدعم العربي المطلوب!

دراسات
الخميس 20/3/2008
غالب حسن محمد

من الحقائق الثابتة التي تقوم عليها أدبيات تحرير الأراضي المحتلة, أن المحتل لا يتنازل طواعية عن الأراضي التي يحتلها بدليل احتفاظ فرنسا وبريطانيا وإسبانيا باحتلال أراض إلى الآن

في مناطق بعيدة عن أراضيها, إنما يأتي إجبار قوة الاحتلال على الرحيل بفعل الضغط المستمر والمتتالي لعمليات المقاومة التي تجعل هذا الاحتلال شديد التكلفة حتى إن العائد على المحتل يصبح دون هذه الكلفة.‏

هذه معادلة بسيطة أدت إلى ظاهرة تصفية الاستعمار التي اجتاحت العالم بعد الحرب العالمية الثانية وما بقي من جيوب استعمارية إلى الآن وأبرزها بالطبع الاحتلال الاستيطاني لفلسطين, لقد استمر هذا الاحتلال نتيجة عدم التعامل والتعاطي مع هذه المعادلة البسيطة, وقد أدى إدراك هذه المعادلة مؤخرا إلى التصعيد الفلسطيني للمقاومة الذي شهدته على وجه الخصوص- الانتفاضة الفلسطينية في عام 1987 والتي أدت بدورها إلى إطلاق عملية التسوية في عاصمة النرويج وما عرف فيما بعد ب (اتفاق أوسلو) والتي توهم فيها الجانب الفلسطيني وظنها مثل مفاوضات باريس التي كانت بين حركة المقاومة الفيتنامية وحكومة الولايات المتحدة الأميركية والتي توجت انتصار هذه المقاومة وحصول فيتنام على الاستقلال إلا أن هذه المفاوضات كانت طعما قدمه الاحتلال الصهيوني لإنهاء الانتفاضة الأولى على وعود فضفاضة بانسحاب (إعادة انتشار) من الضفة الغربية وقطاع غزة سرعان ما تلاشت هذه الوعود وأعاد احتلال المناطق التي قام بإعادة الانتشار فيها.‏

لقد كان أحد أهم العوامل التي وقع فيها الطرف الفلسطيني بشباك الطرف الصهيوني هو أنه لم يجد قاعدة تنطلق منها المقاومة بعد تضييق الخناق على هذا الجانب.‏

لقد أفرز هذا الوضع وما رافقه من طول في العملية السياسية تيارين, أحدهما استكان للحل السياسي مهما طال به الأمد حتى ولو كان هذا الحل سرابا, والتيار الآخر وجد أن هذه العملية عبارة عن عقبة أمام الحل النهائي وإنهاء الاحتلال مالم تترافق مع فعل مقاوم يكلف المحتل أثمانا باهظة حسب القاعدة القديمة.‏

أما من الناحية الإقتصادية فإحصائية بسيطة تبين مدى فداحة الحصار الاقتصادي للمحتل وما تخلفه روابط التبعية الكاملة لهذا الاحتلال.‏

1- إن الأنشطة الاقتصادية التي تقوم بها الأراضي الفلسطينية المحتلة هي ما تسمح بها سلطات الاحتلال الاسرائيلي وعنق الزجاجة في هذه الأنشطة هو الماء.‏

2-إن التجارة الخارجية الفلسطينية محصورة عبر إسرائيل ومن معها.‏

3- إن النسبة الأكبر من العمالة الفلسطينية تعمل في الاقتصاد الإسرائيلي.‏

4- إن العملة المتداولة في الأراضي الفلسطينية هي العملة الإسرائيلية.‏

من خلال ذلك نجد أن إسرائيل تتحكم في التحويلات المالية للسلطة الفلسطينية.‏

لو عدنا إلى التاريخ القريب جدا لوجدنا أن أول أمر عسكري صهيوني بعد نكسة حزيران عام 1967 قد قضى بأن كافة مصادر المياه الموجودة في الأراضي التي تم احتلالها هي ملك للدولة الصهيونية وبناء عليه فإن الكيان الصهيوني هو من يحدد مصادر المياه التي يعتمد عليها النشاط الاقتصادي الفلسطيني, ومع استكمال الجدار العازل العنصري تكون (إسرائيل) قد استولت وبشكل كامل على حوض الماء الغربي أكبر أحواض الضفة الغربية حيث لا يستطيع الفلسطينيون الحصول على أكثر من 8 ملايين متر مكعب مقابل حصول الكيان الصهيوني على 42 مليون متر مكعب من هذا الحوض.‏

أما في التجارة الخارجية فإننا نجد أن معظم صادرات وواردات فلسطين تتم عن طريق الحكومة الإسرائىلية وهذا ما يحقق دخلا هائلا للاقتصاد الإسرائيلي, في مقابل حرمان الفلسطينيين من أية ميزة اقتصادية.‏

فيما يتعلق بالعمالة الفلسطينية التي ارتفعت بشكل واضح قبل الانتفاضة في عام 2000 فقد أدى ذلك إلى عجز الأنشطة الفلسطينية الاقتصادية بالدرجة الأولى, وعدم استيعاب هذه العمالة وقد أدى تحكم إسرائيل في التحويلات المالية للسلطة الفلسطينية فضلا عن تجميدها لهذه التحويلات في وقت تشاء إلا أنه حين أقنعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان عن تقديم المساعدات للشعب الفلسطيني إثر صعود حماس للسلطة, كانت القمة العربية في الخرطوم قد قررت في آذار 2006 دعم الموازنة الفلسطينية عربيا بمبلغ 660 مليون دولار, لكن الجامعة العربية لم تتمكن من تحويل هذه المبالغ للسلطة الفلسطينية وذلك بسبب الهيمنة الصهيونية على عملية التحويل.‏

في النهاية نرى أنه لو توفرت الإرادة العربية لمساعدة العرب الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة لتحرير أراضيهم, فإن ذلك يتوجب على القمة العربية محاولة تفتيت هذه التبعية الاقتصادية وتحرير الاقتصاد الفلسطينيي من الهيمنة الصهيونية سواء بربط الخدمات الأساسية من كهرباء وغاز بالشبكات العربية أو بجعله عملة التداول الفلسطينية هي العملة المعترف بها على المعابر وأن تكون التجارة الخارجية الفلسطينية عبر المعابر العربية وليس الاسرائيليين وتقديم المساعدات مباشرة للفلسطينيين وليس عن طريق وسائط صهيونية- إسرائيلية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية