تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ألا يكفي .. ليقتنع العرب?

دراسات
الخميس 20/3/2008
الدكتور عيسى الشماس

تمثلت جرعة الدعم الأميركية الأخيرة للكيان الإسرائيلي, في تصريحات (بوش) خماسية الأبعاد: (رفض حدود ,1967 إلغاء حق العودة للفلسطينيين من خلال التوطين, الإبقاء على المستوطنات الإسرائيلية,

الاعتراف بدولة إسرائيلية ذات صبغة يهودية, والقضاء على المقاومة الفلسطينية بذريعة مكافحة الإرهاب). وبذلك نصب (بوش) نفسه بديلاً عن الأمم المتحدة, ونسف كل قرارات الشرعية الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة بشأن الصراع العربي- الصهيوني, بدءاً من قرار حق العود (195) وانتهاء بمقررات مؤتمر مدريد, ولا سيما مبدأ (الأرض مقابل السلام) الذي استند إلى قرارات الشرعية الدولية, باركته دول العالم أجمع, بما فيها الولايات المتحدة الأميركية, التي تدعي أنها راع أساسي لعملية السلام.‏

لقد أطلق (بوش) العنان بجنون أولمرت ووزير حربه/ باراك, لتصعيد الهجوم التدميري على قطاع غزة الصامد, المقاوم, في سابقة إرهابية لم يشهد التاريخ لوحشيتها مثيلاً; فكانت محرقة بكل أبعادها, كما وصفها وزير حرب العدو /باراك/ نفسه, تواصلت على مدى الأيام الأربعة, من أواخر شباط الماضي, تحت اسم عملية (الشتاء الساخن) حيث أمطرت غزة بآلاف القنابل والصواريخ الإسرائيلية الفتاكة, التي دمرت البيوت على رؤوس أصحابها, وذهب ضحيتها ما يقرب من (130) شهيداً فلسطينياً, منهم أكثر من (40) طفلاً, بعضهم ما زال في أيامه الأولى, وأمام مرأى العالم أجمع.‏

اليوم تشيني وبالأمس (كونداليزا رايس) مهندسة السياسة الخارجية الأميركية, زارت بعض الدول العربية, وزارت الأراضي الفلسطينية المحتلة, والتقت بقادة العدو لتطلع على نتائج الحملة وتقيّم الوضع العام عن كثب, ومن ثم تعطي توجيهاتها الرشيدة للمرحلة المقبلة, التي ربما تمهد لعدوان جديد من نوع آخر, بعدما فشلت المحرقة الحالية في إخضاع المقاومة الفلسطينية في غزة,وانتهت بانسحاب القوات الإسرائيلية.‏

إن كل مراقب للأحداث, ومحلل لمعطياتها وأبعادها, سيصل إلى حقيقة لا تقبل الشك والتأويل, وهي أن مجرم الحرب (أولمرت) لم يكن يقدم على جرائمه في غزة, وإشعال نار فيها تأكل البشر والحجر, وتمثل أعلى درجات الإرهاب الدولي في العصر الحاضر, لولا الدعم اللامحدود من الإدارة الأميركية, التي فتحت أمامه الضوء الأخضر ليقوم بفعلته الهمجية (الشنيعة ضد الأبرياء في غزة, مهما حاولت هذه الإدارة العنجهية أن تبرىء نفسها من ممارسة الإرهاب بأبشع صوره, والدليل القاطع على ذلك أنّ ما تفعله (إسرائيل) في غزة, هو صورة مطابقة لما تقوم به القوات الأميركية في العراق..!‏

والأغرب من ذلك كله, أن يصمت العالم أمام فظائع الجرائم الإسرائيلية, ولم تحرك مشاعره أو ضمائره, مناظر القتلى الأبرياء في الشوارع, وأشلاء الأطفال الصغار وهم يستشهدون في مهودهم, فلا يندد ولا يستنكر, حتى إن بعض العرب صمتوا أيضاً وكموا أفواه شعوبهم ومنعوها من التعبير عن مشاعرها التضامنية مع الإخوة في فلسطين, وبعضهم نددوا لرفع العتب- كما يقال- وهم يرون الدم العربي يجري من فلسطين إلى العراق, ويراق من أجل العروبة, ومن أجل كرامة العرب في حاضرهم ومستقبلهم.‏

ألا تكفي هذه الصدمات المتتالية لإيقاظ العرب من غفوتهم? ألم يحن الوقت لأخذ موقف عربي مقاوم, رافض للسياسة الأميركية/ الإسرائيلية ألا يكفي ما يجري في العراق وفلسطين, وما يهيأ له أن يجري في لبنان مع إطلال المدمرة العملاقة (كول) إلى الشواطىء اللبنانية, بحجة القضاء على المقاومة والضغط على سورية? ألا يكفي ذلك كله لإقناع العرب بأن السياسة الأميركية لا يمكن أن تكون لمصلحة أي منهم في يوم من الأيام, مهما توددوا لها, ومهما قدموا لها من الهدايا والتنازلات, لأن السياسة الأميركية والإسرائيلية وجهان لعملة واحدة, يصكها اللوبي الصهيوني في البيت الأبيض وتل أبيب..!‏

فالعرب كلهم مستهدفون في المشروع الصهيوني/ الأميركي, فهل نحن مدركون ذلك?! وماذا نحن فاعلون في مواجهته قبل فوات الأوان..?!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية