تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ربات البيوت خارج الحسابات الاقتصادية

مجتمع
الخميس 20/3/2008
ميساء الجردي

يتفق خبراء التنمية الاقتصادية والاجتماعية, في حصر المشكلات التي تحد من مشاركة المرأة السورية في المجالات التنموية المطلوبة بأنها مشكلات مرهونة بالبطالة, والفقر, والتعليم.

ومع ذلك فالحوارات ما زالت ساخنة حول تفسير وترجمة المؤشرات والأرقام الدالة على هذه المتغيرات والتحديات, وحول شكلها ومضمونها على أرض الواقع.‏

هذه الموضوعات فتحت باباً واسعاً للجدل على مدار ثلاثة أيام ضمن الدورة التدريبية المركزية التي أقامها مكتبا التنظيم المركزي والتخطيط والإحصاء المركزي في الاتحاد العام النسائي بعنوان (التنمية الإدارية والتنمية البشرية).‏

وقد أكدت السيدة سمية غانم رئيسة مكتب التخطيط والإحصاء في لقائنا معها أن هذه الجلسات بكل ما تحمله من موضوعات ومحاضرات وأبحاث هي استكمال لمشروع بدأناه منذ العام الماضي بمشاركة جهات حكومية وأهلية وفروع الاتحادات الخمسة للمنطقة الجنوبية, بهدف الإحاطة بجميع الثغرات التي تتعلق بتطوير العمل التنموي لدى المرأة في سورية.‏

ولابد من الإشارة إلى أن كل ما يطرح في هذه الدورة سيصبح في متناول الجميع عن طريق سلسلة التثقيف القانوني لعام ,2008 حيث سنقسم المقترحات والتوصيات لهذا العام إلى قسمين (نظري, وقسم عملي تدريبي) ودعماً لهذه المقترحات طلبنا من كل المشاركين معنا بتقديم مشروع تنموي صغير يتناسب مع المنطقة والمكان الذي يهمه مع كيفية تحقيق المشروع وتسويقه.‏

وعن رأيها فيما يواجه عمل المرأة الإداري والتنموي من موانع, قالت: إن أهم هذه الموانع هي المرأة ذاتها, لأنها إذا لم تكن تملك الهدف والتصميم لا يمكن أن تتقدم في أي مجال من المجالات مهما كان بسيطاً.‏

ومن هنا, نحن نسعى لبناء المرأة من الداخل, وليس من الخارج فقط والمطلوب منها أن تستفيد وأن تعمل على تطوير نفسها من خلال التعليم الذي هو فرصة للجميع, إضافة إلى المحاضرات ودورات التدريب, وألا تكتفي بما وصلت إليه أو أن تكون على درجة من الغرور, فلا تسأل أحداً, معتبرة نفسها وصلت إلى أعلى الخبرات.‏

والمرأة الإدارية هي التي تبدأ من إدارة نفسها أولاً, لأنها ومن خلال أدوارها المتعددة هي محور إدارة الآخرين, وإن نجحت في إدارة نفسها تصبح قادرة على تنظيم وقتها وتعزيز قدراتها والمساهمة أكثر في العمل التنموي من خلال النوع وليس الكم.‏

أين نجحت? وأين يجب أن تنجح?‏

هو سؤال حاولنا أن نوضح من خلاله آليات ومقاييس الأهداف التنموية بسنة 2015 التي تحسن من مشاركة المرأة في الاقتصاد والصحة الإنجابية, والتعليم النوعي وغيرها من ركائز التنمية.. في حديث مع الدكتور هاني خوري, خبير استشاري في المجالات التنموية والإدارية, قال: بدأنا بقياس دور المرأة في التنمية من إنجازات الخطة الخمسية التاسعة وأين وصلت مع المرأة, وربطناها بالأهداف التنموية للخطة الخمسية العاشرة, فتم تحليل العديد من المتغيرات, وعلى سبيل المثال: في جانب أساسي لهذه الخطة المطلوب رفع نسبة مشاركة المرأة في العمل الاقتصادي من 17.3% حتى 22% ولاحظنا أن الفترة الماضية شهدت انخفاضاً في نسبة البطالة, لكنه ليس دليلاً تنموياً, لأنه انخفاض ظاهري بسبب ارتفاع نسبة النساء المستنكفات عن العمل نتيجة لانخفاض الأجور وزيادة الأعباء في إيجاد وسيلة عمل مناسبة, حيث انخفضت نسبة البطالة إلى 8.16% في ظل العديد من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية.‏

ولكن إذا تم الطلب للعمل بشكل موسع وبشروط صحيحة, سوف نجد الكثير من الفتيات اللواتي لم يكن يرغبن بالعمل, يتوجهن لطلبه.‏

أما في حديثنا عن التعليم النوعي, فقد تم تحليل الفقر حسب تقرير التنمية الوطني الثاني, فكان التركيز على الفقر والتعليم, واستعراض النسب يوضح خللاً بتوزيع الدخل الوطني, ويتركز الفقر لدى 5.3 ملايين شخص منهم 58% متوزعون في المناطق الشرقية والشمالية.‏

وقال: هناك محاور كثيرة تخص مفهوم التنمية البشرية وتحديات عديدة قمنا بطرحها لنصل إلى مفهوم العمل التطوعي التشاركي ودور المنظمات الأهلية في مواجهة مصاعب التنمية وكيف يجب على المرأة أن تشارك بشكل جاد في مواجهة الأسعار وفي إعداد مشروعات صغيرة, وآلية امتلاكها لهذه المشروعات, ومشاركتها في مواقع القرار وفي سوق العمل, لتساهم في تخفيف نسب الفقر وفي تحقيق تطور نوعي.‏

وأرى أن الشيء الأساسي في موضوع العمل, هو ألا تدخل المرأة سوق العمل من أجل تحسين الدخل فقط, دون إدراك لحقوقها وأهدافها التنموية, فتزيد من أعبائها المنزلية بعقلية متخلفة.. فهناك حتى الآن فجوات كبيرة بالنوع وبالكم بمشاركة المرأة في حين يجب أن يكون دخولها إلى العمل ركيزة أساسية في التنمية من حيث البعد النوعي في تطوير المجتمع, وليس مجرد وظائف وأدوار هامشية, أو إدخال قسري.‏

الدكتور أكرم القش أستاذ في جامعة دمشق, قدم تحليلاً احصائياً واقعياً يبين مشاركة المرأة السورية بالعمل مع مقترحات لتعزيز دورها وبخاصة التنمية الريفية والتشارك الوطني.‏

وأشار أن هناك مشكلات كثيرة لدخول المرأة في سوق العمل, منها: متابعة التعلم أم لا, العنوسة, العادات والتقاليد, العمر الذي يجب أن تدخل به المرأة للعمل.. ولذلك فإن المسألة ليست بمقولة عمل المرأة ضرورة أم لا? بل في طبيعة المجتمع الذي تعيش فيه المرأة..‏

كي تستفيد‏

الدورة احتضنت الكثير من المهتمين والمختصين بقضايا المرأة والتنمية وكان لهم رأيهم في هذه التحديات: فقد رأت السيدة ريما فوار رئيسة مكتب إدارة فرع دمشق للاتحاد النسائي, إن هذه المواضيع تخص المرأة والرجل معاً, ومن خلال الأرقام والاحصائيات التي طرحت وجدنا أن المسؤولية كبيرة بالنسبة للمرأة, وإذا لم يساعدها المجتمع لن تكون صاحبة عمل قيادي, أو مشاريع خاصة بها, ومع ذلك نحن يجب أن نتوجه للمرأة في كل الشرائح وليس للمرأة القيادية فقط.‏

ورأت السيدة أمل محاسن عضو مجلس إدارة في العديد من الجمعيات التي تعمل على مكافحة السرطان: إن وجود المرأة كشريك أساسي في التنمية مرتبط بالتعليم ثم إبعاد الفقر عن الأسرة والمجتمع, ثم وعي المرأة لحقوقها حتى لا تساق إلى الأقنية الخاطئة في العمل.‏

ثم أكدت السيدة نور السبط من جمعية تنظيم الأسرة السورية على مسألة الاهتمام بالتعليم النوعي والتأهيل, وأن تمكين المرأة يأتي من تعليمها, ولكن علينا أن نشير أن التعليم في سورية مجاني في كل مراحله أو شبه مجاني, لذلك على المرأة أن تستفيد من هذه الفرص.‏

أما النقطة الثانية لكي تتمكن المرأة من العمل التنموي هي تهيئة البنية التحتية لمساعدتها في رعاية الأسرة.. مثل وجود روضة الحي بمعنى أن تكون لكل حي روضة أطفال بأسعار قليلة, ومدعمة بمربية معدة إعداداً كاملاً, تكون كبديل عن الأم أثناء غيابها, وبدون الحاجة إلى المواصلات والارهاقات.‏

ثم تحدثت عن قضية توزيع الأدوار والتي ما زالت مشكلة تواجه المرأة في العمل, فنحن لا نبحث عن وجود المرأة في العمل, وإنما نريدها أن تأخذ دورها الحقيقي في جميع المجالات, وما نراه اليوم من تقسيم العمل لا يعبر عن دور المرأة وإمكانياتها لأنه نابع من العرف والعادات, والتمييز في التعليم والتأهيل وغيرها من الثغرات التي لم تحل حتى الآن.‏

ورغم كل ما تقدم من آراء ومقترحات حول موضوع عمل المرأة التنموي الحقيقي كان هناك المزيد والمزيد والذي لم نتمكن من دمجه في هذا الموضوع ولكثرة تشعباته وارتباطه بمتغيرات وأفكار عديدة.‏

ولكن بكلمة مختصرة (التعليم أولاً والبنى التحتية ثانياً, والوعي ثالثاً وتقسيم الأدوار وعدالة التوزيع بالدخل رابعاً.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية