تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سرُّ قوة سورية

شؤون سياسية
الجمعة 14/11/2008
د ابراهيم زعير

ثمانية وثلاثون عاماً على قيام الحركة التصحيحية التي قادها الرئيس الراحل حافظ الأسد, ومنذ ذلك اليوم (السادس عشر من تشرين الثاني 1970) وسورية العربية شاغلة الدنيا من مشرقها لمغربها,

كما كانت دائماً خلال تاريخها الطويل فاقتنع العدو قبل الصديق أنه من غير الممكن لأي دولة كبرت أو صغرت أن تمر في المنطقة أو أن يكون لها دور ما, دون أن يكون لسورية رأي في ذلك, ووفق موقف ونهج سورية المدافع عن مصالح الشعب العربي في كل مكان, المصالح الوطنية والقومية يمكن أن تكون لهذه القوى الدولية أو تلك مكانة ودور في حياة المنطقة سياسياً واقتصادياً واستراتيجياً ويتعزز هذا الدور والمكانة بقدر ما يقترب أو ينسجم هذا الدور مع موقف سورية, وإذا كان يتعارض مع هذا النهج السوري فإن تلك المواقع وخاصة المعادية للعرب ومصالحهم العميقة فإنه محكوم بالفشل سلفاً مهما بلغ من عدوانية وبطش وقتل وتدمير ومهما بدا للوهلة الأولى أنه حقق ما يريد من خلال عدوانه الآثم من أهداف عدوانية, ومن المنطقي أن يتساءل المرء صديقاً كان للعرب أم معادياً لهم أين يكمن سر قوة موقف سورية? هل في موقعها الجغرافي أم في قدراتها الاقتصادية? أم في سياستها ونهجها الذي يحظى بأوسع التفاف جماهيري وتأييد شعبي على المستوى العربي والاقليمي, وبغض النظر عن التباين في المواقف والتوجه بل في أحيان كثيرة في الاختلاف على المستوى الرسمي العربي ككل?.‏

إن سر قوة سورية العربية يكمن في أنها لم تسكت يوماً عن ضيم أو عدوان لحق بالعرب وفي أي قطر من أقطارهم وأنها كانت دائماً المدافع الصلب والشجاع عن مصالح الأمة العربية ككل , فمنذ قيام الحركة التصحيحية بقيادة الرئيس الراحل حافظ الأسد حددت بدقة وحكمة الثوابت الوطنية والقومية التي لم تتخل عنها يوماً ولا للحظة واحدة مهما بلغت الضغوطات الاستعمارية والعميلة, فلم يترك أعداؤها وهم أعداء الشعوب العربية وسيلة أو طريقة إلا ولجؤوا إليها للضغط على سورية أملاً في ثنيها عن مواقفها المبدئية الثابتة ففشلوا وفي بعض الأحيان لم يتمكنوا من فهم مرونة تعاطي سورية مع الأحداث السياسية دون أن ينتبهوا إلى صلابة موقفها فاعتقدوا واهمين بأن ثمة تغييراً ما في النهج السوري ولكنهم سرعان ما يدركون خطأهم وحاولوا تجاوز سورية في حل مشكلات المنطقة الأكثر تعقيداً من بين المشكلات الكثيرة التي يعاني منها العالم وهنا أيضا ً اقتنعوا أن سورية هي مفتاح أي حل لأي قضية وخاصة بالمنطقة ودونها فإن جميع محاولاتهم ستفشل كما فشلت دائماً, ولم يدركوا بسرعة سر قوة سورية ولكنهم فهموا أن سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد الذي ورث عن والده القائد الخالد حافظ الأسد صلابة الموقف والمبدئية في القضايا المفصلية التي لايمكن التخلي أو التنازل عنها, فلم يجدوا أنفسهم إلا متجهين إلى بوابة دمشق سائلين التعاون معها بعد أن أكدت لهم التجربةأنه دون الدخول عبر بوابة دمشق لن يجدوا لأنفسهم مكاناً في المنطقة وإذا ما حلوا بها احتلالاً أو غطرسة وعدواناً فسرعان ما واجهوا مقاومة باسلة تستمد عزيمتها وانتصارها من سورية ففشلت أهدافهم ومشاريعهم فأخذوا يلملمون خيبات آمالهم وهزائمهم للهروب من مستنقع وجدوا أنفسهم يغوصون فيه, بينما سورية وحلفاؤها في كل مكان والمقاومة البطلة في العراق وفلسطين ولبنان يحققون الانتصار تلو الانتصار وما كان ذلك ممكناً لو لا إخلاص وحكمة قائدي الحركة التصحيحية الرئيس الراحل حافظ الأسد والرئيس بشار الأسد المتابع لكل الإرث النضالي لشعبنا السوري وشعوبنا العربية والذي رسخته في جذور الوطن ووجدان الشعب والأمة, فاستمرت سورية في إصرارها على:‏

> تحرير كامل الأرض العربية المحتلة بعد عدوان حزيران عام 1967 وعدم التفريط أو التنازل عن أي جزء أو شبر من هذه الأرض.‏

> الدفاع عن استعادة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب العربي الفلسطيني بما في ذلك حقه في تقرير المصير على أرضه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وحق العودة.‏

> النضال في سبيل إخراج القوات الأميركية المحتلة للعراق الشقيق دون تكبيله بمعاهدات واتفاقات تفقده حريته وتحرره واستقلاله ووحدة ترابه المقدس.‏

ولم يكتف التصحيح بترسيخ هذه المواقف الثابتة بل عمل لتوفير الأرضية المناسبة لتعزيزها اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً, فقامت الجبهة الوطنية التقدمية كإطار للوحدة الوطنية و تأكيد الدور القيادي للقطاع العام في الاقتصاد الوطني, إن هذا النهج الذي يتمسك به السيد الرئيس بشار الأسد ويلاقي أوسع التفاف جماهيري وشعبي هو سر قوة سورية العربية والذي جعلها قبلة المناضلين والشرفاء في دنيا العرب ومنحها مكانة مرموقة ومهابة واحتراماً في الساحة الدولية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية