|
ثقافة ولكني تقدمت إلى ما بدا لعيني المالحة كالمصطبة. أو هي صخرة مشرفة على ( ثغر) لا أدري أنا على شط بحر. أو إلى جانب سد يضرب فيما يشبه الوادي, على جانبه الآخر أشجار عالية ضخمة كما هي في الجانب حيث أقف! الهرهرة, من البانزين التورمال, بدل السوبر, منذ دخلنا تركيا الهرهرة في أمعاء السيارة (ستروين من فرع الشركة, في أنجو لام, أول ما صعدنا إليها تحت الليل من بوردو, نزلت بها, في أودية المانسيف- الكتلة المركزية, وتوقلت في جبالها, تنفيذا لرغبتي, أن أجعل سفري في الأرياف! وفي مرسليا, فرع الشركة, أجرى مراجعة مجملة ومفصلة للسيارة. سئلت, إن كان من مشكلات اعترضتني, ومشكلات ربما ستعترض. أرشدت مجددا كيف أنزل النزلة وأطلع الطلعة. بدلوا الهدروليك. الزيت- توتال. والبنزين سوبر. سألوا عن مناخ سورية وطقسها. السهل والجبل والسهوب, و..ووو... وأوصوا, إن طرأ طارىء, أن أمر على فرع الشركة في بلغاريا! ولكن الطارىء كان في بلغاريا. لا لي أنا, الحمد لله, ولا هو في السيارة فقد وقفنا عصر ذلك اليوم, الذي دخلنا بلغاريا في ضحاه. وقفنا على كازية, بجانب مؤسسة استهلاكية. بما عرفنا اسمه (بريزينك) في سيدي بلعباس. ودأبنا على الوقوف, على مثله. في المغرب وفرنسا! وقفنا بالصف مثل العالم والناس. ولكنا أخرجنا منه. طلب منا, بما فهمناه بالإشارة البون أو القسيمة. والمشكلة في المرور. في الريف, وحتى في المدينة. إن مواطني غير سورية. لا يعرفون غير لغة بلادهم. ومن هنا, إلى أن أفهمنا القائمون على الكازية, بالإشارة: أن حالنا وأحوالنا, كذا وكذا وكذلك. وإلى أن راجعوا مسؤولا أكبر. وهذا المسؤول فكر ودبر وقدر. وربما اتصل بمرجع آخر, حتى وضع لنا, في (الدبو) ما يوصلنا إلى الحدود التركية! الهرهرة في أمعاء السيارة, كالرايح عليه بطنه من شوب أو برد أو آفة ثالثة, توقفت بمجرد أن وقفنا على ذلك الثغر في إزمير. كما لو كانت هي الأخرى- السيارة, تناولت كما تناولنا من عرمة الجبس. ما بردنا به الجوف, تحت حر. يحرق ذنب العصفور, كما يقال. أول ما أفقنا عليه, يسعفنا من على كازية. نمنا, حوالي منتصف الليل, في حماها, في مدخل أنقره! وإلى أن نهضنا. ضببنا الخيمة, بتسعة أشخاصها. وكسرنا الصفرة من حواضر الزواده. ومشت السيارة بالبنزين التورمال. الشمس كأنها انصبت, بكل حرارة آب اللهاب. ما سبق لي أن شهدت مثله, في مكان ولا زمان آخر, على طول مصطبة أنقره. أمعاء السيارة أخذت تهرهر وتهرهر, بما يقطع القلب. الطريق مقطوع. لا دابة تدب عليه, ولا ظل لجناح طائر, تحت تلك السماء الشمس تتوقد على ما يشبح الملح. يكسف النظر بأشد من حرارة الشمس الساطعة! وأنا, على هرهرة أمعاء السيارة المخيف. مرة أقول أني ضائع على سطح من الملح, لا جهة له. لا أجرؤ أن أفتح عيني في ولد ولا امرأة. ومرة أقول. لا يوجد غير هذه الطريق المملحة بكثافة. وكذلك أخاف من امرأة. أو ولد, أن يسأل خائفا, عن قرقعة أمعاء السيارة. أو أن ينفتح فم, منكرا علي أنا. إلى أين أنا ماض بهم وبنفسي وبالسيارة. أربع خمس. وربما ست ساعات, حتى آنستنا عرمة الجبس في إزمير..! (سيلي) |
|