|
صفحة أخيرة أدوار متعددة لنماذج إنسانية متنوعة, وهي في كل عمل من الأعمال المشاركة فيها تمنح الدور الكثير من خصوصية تجربتها الممتدة عميقاً في تاريخ الفن السوري. هي في أمهات من أجملهن, وفي الكوميديا هي الأداء الواثق من حضوره وقدرته على إيصال المعنى المتضمن في الكلمات, لكنها في عصي الدمع (آنّا زهرية) وفي هذا الدور تحديداً, تعيد لنا أنوثة الزمن الماضي, حيث كان للكلمة معنى وللإشارة معنى وللسلوك معنى أيضاً. تتحرك رغم سنواتها التي أوصلتها إلى عمر الجدّة, بذات إحساس الصبايا اللواتي يدركن مكامن الجمال فيهن, أو لا يدركن ذلك إلا من خلال نظرات الإعجاب, حركة محسوبة وكلمات مكتوبة بعناية, وأداء يجمع ذلك كله في اتساق باهر يعيدنا إلى زمن الحب وزمن المرأة الجميل.. (آنّا زهرية) كما تقدمها دلع الرحبي وحاتم علي من خلال منى واصف استعادة للأنوثة الطاغية, ليس من خلال الشكل بل من خلال السلوك. شخصياً أراقب أداء منى واصف وأشعر بمعنى الخبرة المتراكمة, والإحساس العميق بالشخصية المؤداة.. إذ بمثل هذا الأداء يرتقي الفن ويصل إلى مبتغاه حيث يؤثر فينا نحن الذين نتابعه ويعيدنا بحركة أو إشارة أو كلمة إلى زمن لم يكن اللهاث فيه يبلغ ما يلفنا اليوم. منى واصف تحب (آنّا زهرية) ووصل إلينا هذا الحب فأحببناه, فأعاد لنا ذلك الأداء العميق إحساسنا بمن تحب أيضاً, لأننا فتحنا أعيننا على مكامن أخرى للجمال بمن نحب. لعبت منى واصف خلال تاريخها الفني الطويل أدواراً عديدة في مختلف أنواع الفنون, لكن موقعها في الفن السوري بقي كما هو دائماً: الملكة.وهي في رمضان الحالي تعود لتؤكد هذه الصفة والموقع, لذلك يصح أن نقول إن الملكة عادت إلى مكانها الطبيعي الذي بقي شاغراً بانتظارها. |
|