|
قضايا الثورة ولا يكاد ينعقد مؤتمر أوروبي إلا ويوجه المؤتمرون انتقاداتهم للسياسات الإسرائيلية التي تنسف الأساس الذي قامت عليه عملية السلام في المنطقة وتجعل من طي صفحة الصراع فيها أمراً أشبه بالمحال. لكن السؤال الذي طالما فرض نفسه على مثل هذه الانتقادات هو: لماذا لم يتمكن الأوروبيون حتى اللحظة من تحويل انتقاداتهم تلك إلى سياسات ضاغطة على إسرائيل لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية? ولماذا لم ترتقِ تلك المواقف الأوروبية إلى فعل حقيقي يتناسب مع حجم القارة الأوروبية وثقلها السياسي والاقتصادي على الساحة العالمية?! ومثل هذا التساؤل المشروع لم يأت من فراغ بل هو حقيقة تؤكدها المواقف الأوروبية اليومية, ففي الأيام القليلة الماضية تحدث الاتحاد الأوروبي عن قلقه من استمرار الاستيطان وبناء الجدار العازل ولكنه لم يتخذ أي إجراء عقابي ضد إسرائيل أو حتى يلوح بالعقوبات المطلوبة كما عهدناه في التعامل مع القضايا الأخرى على الساحة العالمية. وبموازاة هذا التأكيد على رفض الاستيطان عرضت المفوضية الأوروبية أيضاً استراتيجية شاملة لمساعدة الفلسطينيين في بناء دولة قابلة للحياة سياسياً واقتصادياً واشترطت لذلك حدوث تقدم في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية وكذلك زيادة المساعدات التي تقدمها الجهات المانحة في هذا الاتجاه, ولكن أيضاً لم تتحدث المفوضية الأوروبية عن العراقيل التي تضعها إسرائيل بوجه المفاوضات ولم تحمّل هذه الأخيرة مسؤولية تعثرها بل اكتفت بربط استراتيجية المساعدة إياها بالتقدم بالمفاوضات وكأن المسؤول عن هذا التقدم هو الشعب الفلسطيني وحده. لا بل إن المفوضة الأوروبية للعلاقات الخارجية (بينتيا فالدنر) قالت إذا كان التقدم الذي سيتم إحرازه على طريق تطبيق خارطة الطريق مرضياً فإن الأوروبيين على استعداد للطلب من البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي حشد الموارد الكبيرة لمساعدة الفلسطينيين مع أن السيدة فالدنر تدرك قبل غيرها أن شارون وحكومته المتطرفة شطبا نهائياً ما يسمى خارطة الطريق من القاموس السياسي وأن الفلسطينيين تعاملوا معها بكل اخلاص ونية صادقة على الرغم من إجحافها بحقوقهم وتنكرها للكثير من قضايا الصراع الجوهرية. باختصار حين يؤكد الأوروبيون رفضهم لخروقات إسرائيل للقانون الدولي وينتقدون سياساتها الإرهابية ويدعون لوقف الاستيطان ووقف بناء جدار الفصل العنصري وتدوي الأصوات في عواصمهم لمحاكمة شارون كمجرم حرب فإن ذلك يعد موقفاً جريئاً وواضحاً لكن يبقى الأهم من هذا وذاك إعطاء وصفة العلاج بعد تشخيص المرض ووضع ثقلهم لإجبار إسرائيل على احترام الشرعية ahmadh@ureach.com ">الدولية. ahmadh@ureach.com |
|