|
ثقافة وأشار الكاتب إلى أصل اللامعقول ومن أين تسلل إلى الفكر والأدب والفن عامة وهل هو في صلب الوجود أم يكمن في المجتمع أم في ذواتنا نحن البشر، ففي نهاية القرن التاسع عشر ظهرت حركات فنية سواء في الموسيقا أم في الفنون التشكيلية تدعى الثورة على المألوف وتحطيم المتعارف عليه من قواعد تعبير هذين الفنين كرد فعل ضد النزعة العقلية، والمنطق اللذين سادا الحضارة الأوروبية منذ مطلع عصر النهضة على يد مفكرين أمثال ديكارت وفولتير وبيكون وغيرهم. لدرجة أن المجتمعات الأوروبية انساقت بأغلبيتها أمام العقل، ومنهم من جعل للعقل تمثالا في قمرة بيته أسوة بالآلهة ومن هذه المذاهب التأثيرية والوحشية والتكعيبية والسريالية والتجريدية.. الخ وهذا في الفن التشكيلي، كما ظهرت اتجاهات مماثلة في الموسيقا كالتأثيرية والسريالية وتعددية المقامات واللامقامية والموسيقا وكلها تهدف إلى القضاء على ما سمي بتحطيم قواعد المنظور والثورة على الأساليب التقليدية في التعبير لدى هذين الفنين وساعد على ذلك اختراع آلة التصوير والمشكلات التي عانت منها المجتمعات الرأسمالية في حينه، ما دفع بهذه الفنون للبحث عن أساليب جديدة ورافق ذلك بروز بعض المفكرين الذين كان لهم الأثر الفعال في تدعيم هذه الاتجاهات. وتحدث المحاضر عن هؤلاء المفكرين ومنهم كوبر نيكوس الذي صدم أهل النفوذ بقوله إن الأرض ليست مركز الكون وبالتالي الانسان ليس مكرما ليتبوأ مركز العالم، والأرض شأنها شأن بقية الكواكب. والفيلسوف الألماني نيتشه الذي أطلق صيحة الالحاد في وجه الحضارة الغربية، ما كان من شأنه التأثير على المعتقدات ودارون الذي أعلن أن الانسان شأنه شأن بقية المخلوقات فقد تطور عن كائن ذي خلية واحدة وإن الإنسان يتميز بالدرجة ولا يتميز بالأصل، مانما مشاعر التواضع، ولا ننسى اينشتاين العالم الذي أضاف بعدا رابعا للواقع في الرياضيات والحسابات ألا و هو الزمان، ما نجم عنه القول بالنسبية. ونوه الاستاذ أيوب ايوب إلى الاتجاهات الثلاثة حسب العلاقة بين الشكل والمضمون. فالاتجاه الأول وإن استخدم اللامعقول في صياغته واسلوبه إلا أن هدفه بقي ضمن المعقول فأدعياء هذا الاتجاه اعلنوا أن هدفهم هو تحطيم الموجود المتهالك يقصدون بالمتهالك البنية الاقتصادية لتلك المجتمعات ليقيموا على أنقاضه الحقيقي والمناسب وثانيا: يذهب ممثلو هذا الاتجاه إلى أن اللامعقول في الوجود ذاته فكل شيء لا معقول، إلا أن أسلوب المفكر الفرنسي البيركامي كان الأقرب للتقليدي وخاصة في مسرحيته «اسطورة سيزيف» عارضا بها فلسفته في اللامعقول بأسلوب معقول ومفهوم. والخلاصة أن هذا الاتجاه يؤمن بلا معقولية الوجود والحياة ويعبر عن ذلك بشكل عقلاني ويدعو كامي إلى مواجهة اللامعقول وعدم الهروب منه بالتمرد والثورة بشقيها الاجتماعي كما عبر عن ذلك في مسرحيته الأبرار. وثالثا إن هذا الاتجاه تجسد في اعقاب الحرب العالمية الثانية فأخذوا عن الاتجاه الأول تمرده الاجتماعي وعن الاتجاه الثاني تمرده الميتافيزيقي وهكذا لم يدعوا ايجابية نطل منها على الحياة، فاللامعقول يغلف الواقع الانساني فموقفهم أقرب للتشاؤم منه للتمرد وقد عبروا عن تشاؤمهم المزدوج شكلا ومضمونا. وتحدث المحاضر عن الاتجاهين الأدبيين اللذين ظهرا منذ بداية الحرب الكونية الأولى في مصر ولبنان مثل المذهب الرومانسي والرمزي، وعن ابرز الشخصيات والجماعات التي كانت تمهد لادب اللامعقول لدى الغرب والعالم العربي. وخلص المحاضر إلى ملاحظة على أدب اللامعقول وهي استهجان أن يتخصص بعض الناس بالاشارة لما هو سالب دون ما هو ايجابي. صحيح أن العلم ينبئنا ببعض المعلومات الكارثية والمأساوية ولكنه ينبئنا دوما بالجديد والمتقدم، فما بال بعض الأدباء والمفكرين لايعرفون إلا الشؤم والسوداوية. |
|