تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الندوة الوطنية للترجمة دور الترجمة في الحفاظ على التنوع الثقافي

ملحق ثقافي
2018/10/9
فاتن أحمد دعبول

لأن الترجمة تشكل جسراً للسلام والتعاون والتنوع الثقافي بين الشعوب، كان المترجمون حملة مشاعل التفاهم والخير والجمال والعدالة في العالم، ورسالتهم من سورية هي التضامن من أجل تعزيز هذه المثل والقيم في العالم أجمع.

في يوم الترجمة العالمي الذي ارتقى في العام الماضي للاعتراف الرسمي به يوماً عالمياً أقامت وزارة الثقافة -الهيئة العامة السورية للكتاب- في مكتبة الأسد بالتعاون مع جامعة دمشق- المعهد العالي للترجمة، ومجمع اللغة العربية، واتحاد الكتاب العربي، واتحاد الناشرين السوريين ومركز دمشق للأبحاث والدراسات «مداد»، الندوة الوطنية للترجمة في قاعة محاضرات مكتبة الأسد الوطنية.‏‏

وفي هذه المناسبة ألقى د.ثائر زين الدين كلمة بالنيابة عن وزير الثقافة الأستاذ محمد الأحمد قال فيها: أحيي المترجمين السوريين وجميع المترجمين في العالم في يومهم هذا الذي ارتقى في العام الماضي ليكون عالمياً تحتفل فيه جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.‏‏

وأضاف: سنعمل على تطوير هذه التظاهرة الثقافية والوطنية لتلعب الدور الفاعل والمأمول منها في تطوير الترجمة على الصعيد الوطني لتغدو صناعة متكاملة تسهم في بنائنا الثقافي بكفاءة عالية، وفي سبيل ذلك أطلقنا جائزة سامي الدروبي للترجمة، واستأنفنا إصدار مجلة «جسور ثقافية»، والأهم أطلقنا المشروع الوطني للترجمة كمشروع استراتيجي غير محدد المدة ينفذ بخطط سنوية واقعية، وكلفنا هيئة الكتاب وضع الخطة التنفيذية لعام 2019 التي نأمل أن تكون خطة تنفيذية شاملة.‏‏

‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

جسور سلام‏‏

وفي كلمته الافتتاحية قال مدير الترجمة في الهيئة العامة السورية للكتاب أ.حسام الدين خضور:‏‏

تسلط هذه الندوة الضوء على مشكلة أساسية هي ضرورة الحفاظ على التنوع الثقافي واللغوي، وهذه المسألة أصبحت ملّحة بالنسبة إلى العالم أجمع بفعل الميول السلبية للعولمة، ويرى المتخصصون أن الآلية الأفضل للحفاظ على التنوع الثقافي هي الترجمة لأنها لغة العالم ولسان متعدد اللغات، ولأن الترجمة بذاتها هي اعتراف بالآخر وبناء جسور سلام وتعاون سيتم تقديم أبحاث متعددة من زوايا مختلفة للإضاءة على مسألة دور الترجمة في الحفاظ على هاتين المسألتين في حياة الشعوب.‏‏

رسالة المترجمين‏‏

وبدورها ألقت آلاء أبو زرار الحاصلة على جائزة سامي دروبي للترجمة رسالة المترجمين السوريين إلى زملائهم في الوطن العربي وفي العالم بمناسبة اليوم العالمي للترجمة 2018 قالت فيها: هذا هو العام الأول الذي تحتفل فيه الأمم المتحدة رسمياً بيوم الترجمة العالمي، ولهذا أهمية خاصة في ترسيخ الاعتراف بدورنا في تعزيز السلام وترسيخ أسس التعاون والتفاهم بين الشعوب والتنمية والتقدم.‏‏

نحن المترجمين السوريين نعمل على تفعيل هذا الدور بترجمة التراث العالمي في الآداب والفنون والعلوم إلى لغتنا التي تحظى بمكانة رفيعة في نادي اللغات العالمي، فهي حافظة كتاب مقدس يؤمن به خمس عدد سكان العالم تقربياً، وحافظة تراث العالم أيضاً، والمخطوطات العربية في متاحف ومكتبات أوروبا وآسيا لا تزال تقدم أسرار تاريخ وإنجازات مئات السنين في الشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا.‏‏

يتعرض وطننا سورية إلى عدوان إرهابي منذ حوالي ثماني سنوات دمّر الكثير مما بناه آباؤنا وأجدادنا مدناً ومدارس ومستشفيات ومصانع وأسواق، وتفرض الدول الغربية الداعمة للإرهاب عقوبات اقتصادية ظالمة على وطننا، نطالبكم بدعم قضية بلدنا والمطالبة برفع العقوبات غير القانونية وغير الأخلاقية عن كاهل شعبنا الذي ألحق هزيمة فادحة بالإرهاب وداعميه إقليمياً ودولياً بتضحيات جيشنا الوطني وحلفائه.‏‏

ومن ثم افتتحت الجلسة الثانية التي أدارتها د. زينب منصور عميد المعهد العالي للترجمة، وكانت البداية بمداخلة د. لبانة مشوح تحت عنوان» التعريب في التعليم العالي، جامعة دمشق أنموذجاً.‏‏

توطيناً للمعرفة‏‏

من المعروف أن جامعة دمشق كانت رائدة في تعريب التعليم الجامعي، وقد واكبت حركة التأليف العلمي عناية فائقة بسلامة اللغة وجمال الأسلوب فكان الإنجاز الأعظم في مجال التعريب العلوم والتعليم وتوحيد المصطلحات الطبية والبيولوجية «المعجم الطبي الموحد» ونجد مؤلفات علمية في الكيمياء والهندسة وفي جميع المجالات. وسرعان ما توسعت جامعة دمشق في عملية التعريب ليصبح القانون باللغة العربية، واغتنت المكتبة العربية بمؤلفات في الطب والهندسة بشتى فروعها بالإضافة إلى الاقتصاد والعلوم البيئية والإدارة والتنمية، مما ساعد مؤسسات التعليم العالي على المضي قدماً في مسألة التعريب وتعليمها وقيام بيئة تشريعية دائمة.‏‏

وأضافت د.مشوح عضو اتحاد الكتاب العرب: إن الجهود المبذولة التي يقوم بها مجمع اللغة العربية في تعريب العلوم وتقريب مفاهيمها من الأذهان توطيناً للمعرفة وحفاظاً على اللغة العربية باستثمار طاقاتها التوليدية وإغناء ألفاظها وجعلها مواكبة لعلوم العصر.‏‏

التنمية اللغوية‏‏

تناول د. ممدوح خسارة عضو مجمع اللغة العربية بدمشق، في بحثه العلاقة التكاملية والعضوية التي لا انفكاك لها بين مهام التعريب والترجمة والتنمية اللغوية، وأنها -متلازمةً- طريق العربية إلى المعاصرة المنتجة الخلاقة، وعن دور الترجمة في تعريب تعليم العلوم قال د.خسارة: إن إنجازات التعريب والترجمة مرتبط بالمصطلح العلمي العربي حيث وضعت مئات الآلاف من المصطلحات، كما أثرت آلاف الكتب المرجعية والمنهجية المترجمة أو المؤلفة في مختلف العلوم.‏‏

وختم د.خسارة دكتور اللغة العربية بالتوصيات الآتية: الدعوة إلى تعريب التعليم بكل مراحله في الوطن العربي لأنه الدافع الأعظم لحركة الترجمة وتطويرها، وزيادة الاهتمام بالإعداد اللغوي في مدارسنا وجامعاتنا وتنمية مهارات التعبير الكتابي والشفهي لدى الطلبة.‏‏

روافد مفردات اللغة العربية‏‏

وقدم مدرس الترجمة في جامعة دمشق د. ورد حسن محاضرة بعنوان «التعريب بين الماضي والحاضر أحد أهم روافد مفردات اللغة العربية» حيث بدأ حديثه من العصر الأموي قائلاً: بدأ العرب يهتمون بالترجمة في العصر الأموي رغم انشغالهم بالفتوحات والصراعات الداخلية، وأدركوا ضرورة تعريب الدواوين التي ورثوها عن الفرس والروم، وفي العصر العباسي اتسعت حركة التعريب لسببين أساسيين أولهما حالة الاستقرار الكبيرة التي عرفتها الدولة والثاني الحوار الفقهي الدائر بين المسلمين وغير المسلمين، وكان العصر الذهبي للترجمة زمن الخليفة المأمون الذي اهتم بتعريب كتب الفلسفة وأقام بيت الحكمة، أما في عصر النهضة فقد بدأت حركة التعريب في القرنين التاسع عشر والعشرين والتي أدت إلى دخول مصطلحات تخصصية كثيرة إلى اللغة العربية وكانت الطرق التي اتبعها المترجمون هي الاشتقاق والمجاز والنحت والاقتباس.‏‏

معجم لغوي معاصر‏‏

وتحت عنوان «دور الترجمة في إغناء اللغة الأم» قال د.عدنان جاموس: أثبتت اللغة العربية على مدى العصور أنها قادرة على الصمود في أي معركة تخوضها في ميادين العلم والإبداع. ولا بد من الإشارة إلى ظاهرة سلبية هي ظاهرة فوضى المصطلحات إذ يعمد كل مترجم إلى الاجتهاد الشخصي، وإذا كانت ترجمة النصوص العلمية والفكرية تتطلب بالدرجة فهم النص واستيعابه ثم ترجمته، فإن ترجمة النصوص الإبداعية تحتاج إلى موهبة إبداعية تعكس في الترجمة كل جديد ابتكره الكاتب في أسلوب التعبير.‏‏

الترجمة في وزارة الثقافة‏‏

أدار الجلسة الثانية أ.حسام الدين خضور، وعن دور وزارة الثقافة في الترجمة إلى العربية قال مدير الهيئة العامة للكتاب د.ثائر زين الدين:‏‏

في الواقع، إن الأدب العربي ما كان له أن يصبح بالصورة التي هو عليها اليوم لولا حركة الترجمة في العصر الحديث من اللغات الأوروبية وتوجه المثقفين وبعض المبدعين نحو الغرب المتنور.‏‏

لقد نقلت حركة الترجمة العربية روائع الأدب العالمي الكلاسيكي وأمهات الكتب الفكرية، ومع تأسيس وزارة الثقافة يظهر واحد من أهم الناشرين بل صانعي المعرفة ومنتجي الثقافة بما فيها الترجمة في الوطن العربي، وسيتصاعد إنتاج هذه الوزارة في مجال الترجمة الذي وصل إنتاجها اليوم إلى 2500 كتاب للكبار والأطفال، واليوم نضع خطة تنفيذية لمشروع وطني طرح في وزارة الثقافة في العام الماضي آملين دمج معه دور النشر الخاصة.‏‏

تحديات الترجمة‏‏

وعن تجربة دار عقل في مجال الترجمة كدار نشر سورية خاصة طرحت مديرة الدار عبير عقل أربع محاور:‏‏

المحور الأول هو تحديات الترجمة على أصعدة مختلفة كالتحدي القانوني والفني والمادي المتمثل بصعوبة توفير استحقاقات مالية والتحدي الثقافي المتمثل في عملية إقناع القارئ بأهمية الإنتاج المعرفي المترجم.‏‏

والمحور الثاني عرض للطريقة المهنية التي تتعامل فيها الدار مع الترجمة والتي ترتكز على عدة نقاط منها الحصول على موافقة الجهة التي تملك حقوق الطبعة الأجنبية وذلك تفادياً لأي انتهاك حقوق الملكية الفكرية، والحرص على الترجمة من اللغة الأصلية للكتاب. ويمثل المحور الثالث فلسفة الترجمة في الدار بالنسبة لاختيار النصوص وحجم العمل الترجمي، أما المحور الرابع فيمثل الفلسفة المستقبلية في مجال الترجمة حيث تطمح الدار إلى السعي لسد فجوة في عملية الترجمة من حيث التركيز على جهود فكرية استثنائية في الشأن الروسي.‏‏

المترجم أساس النشر‏‏

وعن العلاقة بين الناشر والمترجم قال صاحب دار الحافظ أ.هيثم الحافظ:‏‏

يجب أن يكون المترجم أحد أساسيات النشر، وعلى المترجم ألا يترجم لوحده دون أي اتفاق، بل يجب التنسيق مع مديرية حماية الملكية الفكرية لعلاقتها المباشرة بالترجمة والنشر.‏‏

وتابع: يجب تخصيص دوائر للترجمة، ودعم المترجم مادياً ومعنوياً، ودعم الكتب المترجمة في سورية، وإنشاء جوائز خاصة للترجمة، ودعم ترجمة الكتب العلمية، وتأسيس منظمة خاصة للمترجمين ودعم أو إنشاء بوابة للكتب المقترحة للترجمة، واعتماد شعار للكتب المترجمة ضمن خطة وطنية.‏‏

وعلى جانب الندوة أقيم معرض للكتاب تضمن أحدث الكتب المترجمة من الهيئة العامة للكتاب وبحسومات 50%.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية