تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لا يدفع العدو بالعدو

معاً على الطريق
الأثنين 11-9-2017
مصطفى المقداد

التحضير لمؤتمر أستانة في نسخته السادسة قائم على قدم وساق، إذ يبدي المسؤولون داخل كازاخستان اهتماماً كبيراً لضمان نجاح الجولة السادسة من الحوار ما بين الحكومة ووفود المجموعات المسلحة

التي وافقت على الدخول أساساً في عملية وقف الأعمال القتالية، وانتقلت للالتزام بمناطق خفض التصعيد بالتوازي مع محاربة تنظيمات داعش والنصرة الإرهابية والسماح بإطلاق مسيرة الحوار السياسي كمقدمة لحوار أكثر جدية وفاعلية في جنيف.‏

هذه الاستعدادات تأتي في أعقاب متغيرات ذات أهمية كبيرة، ففي الميدان تغيرات لا يتوقعها المعتدون والمتآمرون أبداً، وكل توقعاتهم ذهبت أدراج الرياح وهم يريدون لسورية السقوط والخراب ليفاجؤوا بانتصارات غير مسبوقة وغير موصوفة في التاريخ، ليأتي الوصول المقدس إلى دير الزور تتويجاً لانتصارات موجعة بالنسبة للغرب الاستعماري إذ يتم سحق تنظيم داعش الإرهابي بوتيرة متواصلة مع تطهير وتنظيف للجبال والمرتفعات والأحياء السكنية ما يعكس الصورة المفروضة كذباً في الإعلام الغربي عن قوة تنظيم داعش وصعوبة تغير وضعه وتمركزه، بل ذهبت بعض التوقعات إلى عدم إمكانية زحزحة ذلك التنظيم الإرهابي عن أماكن سيطرته أبداً على المدى المنظور، فجاءت النتائج مخالفة لكل أوهامهم ومطامعهم وأكاذيبهم، واكتشفوا أن قوة داعش المزعومة لم تكن أكثر من مارد كاذب أشبه بجبل ثلج ما إن طلعت عليه الشمس حتى ذاب وتلاشى.‏

وعلى المستوى الإقليمي لم تعد المتغيرات خافية على أحد، إذ أن الحكومات التي ناصبت سورية العداء بدأت تعد العدة للاستحقاقات القادمة والمفروضة وتحاول البحث عن طريقة للخروج بوجه مشرف وصورة مقبولة، وهم يعرفون أن ذلك لن يكون متاحاً في ظل استمرارهم مناصبة سورية العدوان ودعم وتبني وتمويل المجموعات المسلحة وتأييدها إعلامياً، لذلك فإنهم مضطرون للاعتراف بارتكاب العدوان أولاً والوقوع في الخطأ، إضافة إلى الاعتراف بفشلهم وتسببهم بالكم الكبير من الدمار للبنى التحتية في مختلف المحافظات، ومسؤوليتهم عن استشهاد مواطنين عسكريين ومدنيين أبرياء لم يكن لهم من ذنب إلا حبهم لوطنهم والتزامهم به والدفاع عنه، وبعد ذلك يجدون الصعوبة في تبني آليات للخروج من المأزق ومحاولة العودة للعيش المتكامل المفترض، وهو سيبقى أمراً صعباً بالنسبة لجميع محور العدوان، إلا أن ذلك المحور سيضطر في نهاية الأمر للانصياع لقوة الحق وهي تفرض شروطها في نهاية الحرب.‏

وفي الساحة الدولية لم يبق موقف قادر على تكذيب الحقائق والوقائع على الأرض ويمكن للمتابع أن يرى بوضوح التراجع السياسي الكبير في أعلى المستويات الحكومية في الغرب كله وهذا جزء من عقيدة وفكر وتخطيط الغرب عموماً وهو التراجع أمام حالات المد والانتصار بموازاة التخلي عن العملاء والتضحية بهم ورميهم بلا حساب لمكانتهم وحتى بدون تعويضات لخياناتهم، وهكذا فالصورة السورية ترتفع عالياً كمحدد للعلاقات الدولية والثنائية في ظل محاولات للاستفادة من مرحلة ما بعد داعش، وهي مرحلة الانتصار الكبير، وعندها لن يكون ثمة مكانة لأي حكومة أسهمت في العدوان الاستعماري التخريبي الإرهابي، فلا يمكن لمن اعتدى أن يسهم في إعمار ما دمره وخربه، ولا يمكننا أن نركن لمن اعتدى مباشرة، ولا لمن كان يدعم من الخلف، فلا يدفع أذى العدو بالعدو.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية