تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مشاكسات : بين الأقوال والأفعال

فــنون
الأحد 11-10-2015
فؤاد مسعد

ضاعت الطاسة بين الحانا والمانا ، فنانون يؤكدون ويشددون ويصرحون بأعلى صوتهم : لا للأعمال الهابطة ، نرفض الابتذال في الدراما السورية ، ينبغي .. ولابد ..

ويجب .. ومما لا بد منه .. إلى آخر ما هنالك من عبارات وكلمات توكيدية تشير إلى صرامتهم وموقفهم الذي لا يتراجعون عنه، ولكن المفارقة المستفزة والمضحكة في آن أن الكثير من هؤلاء ، ومنهم نجوم كبار ، هم أول من يبيع هذه الشعارات في سوق النخاسة أمام مشاركته في مسلسل أو حتى خماسية تحمل ما تحمل من اسفاف وتدني مستوى فكري وفني واحياناً أخلاقي .. فأيهما نصدق أقوالهم أم أفعالهم ، شعاراتهم الرنانة وتصريحاتهم الإعلانية أم حقيقة ما يتنطحون لتصويره من أعمال تحمل ما تحمل من اسفاف وايحاءات وموضوعات هي أقرب إلى الوقاحة من الجرأة .‏

وهؤلاء أنفسهم لا يقبلون نقدك أو حتى رأيك، لا بل لديهم دائماً تبرير لكل شيء ، فالعمل الذي يشيرون إلى فساده يمكنهم بعد برهة أن يبرروا مشاركتهم به ، فهو ليس مسفاً فيما يطرح من قضايا خارجة عن المألوف وإنما يضع يده على الجرح بجرأة قل نظيرها ويشير إلى مواطن الخلل والفساد في المجتمع ، وفي كل مرة هناك جواب وتبرير ، المهم في ذلك كله ثمن تلك المشاركة ، وفيما بعد يجدون الحل لكل المشكلات حتى وإن عاكست معتقداتهم التي سبق ونادوا بها في تصريحاتهم .‏

ولكن الفن موقف ، هو موقف من الحياة والحالات الاجتماعية والمشكلات والهموم .. وكل ما يمس الناس ، وله أن يغوص إلى عمق المشكلات حتى الصميم بجرأة تتناسب وكونه عملاً فنياً له شروطه وأسلوبه الذي يُقدم من خلاله ، ولكن شرط ذلك أن يكون الموقف حقيقياً ، لا يُباع ولا يُشترى وغير خاضع للمساومة والسمسرة ، وإنما يترجم إيمان صاحبه بمبادئه وهواجسه الإبداعية ، فالإنسان كل لا يتجزأ . وذلك كله إن عكس جزأ من الكأس فإن هناك أجزاء أخرى منها لمبدعين أعطوا ويعطوا انطلاقاً من ايمان بمبادئ يعيشونها قولاً وفعلاً ، مؤكدين مرة أخرى أن الدنيا لاتزال بخير .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية