|
ثقافة واليوم اذ تجتمع شاعرات سوريات من مساحة الوطن جميعه وحدتهن قضية الوطن والانتماء إليه يواجهن الأزمة بكلمات مغمسة بحبر القلوب وعشق الأوطان في مركز ثقافي «أبورمانة» فشكلن مهرجانا وطنيا بامتياز.
وقد عبرت الشاعرة هيلانة عطاالله عن هذه الأمسية بأنها تظاهرة شعرية شاركت فيها شاعرات من مختلف المحافظات، ساهمت كل واحدة بشيئ من نتاجها الشعري لتبث رسالة الولاء للوطن، وقالت: أردنا أن نجسد الحالة الثقافية كفعل حقيقي له دوره في هذه الظروف الاستثنائية والشعر مدخل هام للثقافة يؤدي رسالته الفكرية بقالب من الابداع الذي يحلق بنا في فضاءات الجمال، كما أردنا أن نقول اننا متمسكات بنهج المقاومة وبصمود شعبنا وحكمة قائدنا لاحراز النصر على الهجمة الارهابية الظلامية. وما أتت هؤلاء الشاعرات من أنحاء القطر إلا لتجسدن حالة من الوحدة الوطنية، لأن الوطن يجمع وكل ما عداه يفرق، وقد جسدت الشاعرات حقيقة المرأة العربية السورية المثقفة صاحبة الفكر والابداع، وإن كنت لا أحبذ أن تقتصر الامسية على الشاعرات لأن الابداع حالة انسانية يشمل الجنسين معا، ولفتت إلى حضور الجمهور النوعي من المثقفين والمعنيين بالشأن الثقافي، تقول: يا وطني الحلو... أيا وطني.. تبكي من كفر يستشري.. والبيد تنام على وثن.. كم باعوكي وكم ردوكي وأنت تصيحي بهامات صارت أشبه بالوثن أدمنت الغدر وشربت البحر لكن نجعيك ما مات يا وطن الطعنات هذا جمهورك في الأزمات يرتد إلى رحم التاريخ.. إلى النافذة المفتوحة.. يتلمس عشقا شاميا ويداوي نفوسا مجروحة.. لكن لم يرض أبدا إلا الحق.. الحق مبين.. والموت وقوفا، فردا وصفوفا.. والموت نزيفا.. والموت عديد الجنسيات.. لكن الموت السوري.. سقوط ابدا للأعلى وفي مقاطع عبرت الشاعرة عبير عطوة عن معاناة بلادها في ظل الأزمة فقالت: بعض شمس يزحف على جدار قريب.. أنهض من عزلة الليل لأتجول وحيدة في جمجمتي.. فأرى ممالك أشبه بالحطب.. يا فرسانا من رمال وخشب.. يا جنود النفط واللعب أين الغضب.. هل ضلت الخيول طريقها إلى القدس.. أم قتلها التعب.. أما الشاعرة انتصار سليمان فقد عبرت عن دور المرأة السورية بأنها لا تزال صامدة متجذرة بتراب الوطن على مدى سنوات طويلة وشكلت رديفا للجيش العربي السوري وليس ذلك غريبا على حفيدات زنوبيا التي اعتلت مختلف المواقع في بلادها، والأمسية التي حملت عنوان «نساء شاعرات سوريات في مواجهة الأزمة» فهويعبر عن النساء التي صمدن في وجه الارهاب وغمسن قلمهن بحبر القلوب، ومجرد وجودهن في سورية هوصمود وموقف وتعبير أن للكلمة لا يزال وقعها ومازالت سورية بخير وسورية منتصرة بإذن الله، تقول: لا تروى الحكاية مرتين.. هي ماهي إلا عروس.. نفضت عن جفنها زيف العصور.. وتكحلت بمرود الزباء واتشحت بهلال راح ينثني خوفا عليها.. وترملت بعد ان حملت بباطن كفها سنابل عشتار.. التي ما برحت تعطي الثمار للبوادي والصحارى والقفار هكذا في الشام.. نزرع التوت لنغزل من حرير فضتنا.. ما يستر الكون.. وقد بينت الشاعرة طهران صارم أن المشاركة في الأمسية تاتي أهميتها من خلال التأكيد على روح المقاومة والاصرار على الحياة وهزيمة الحرب والموت عبر التمسك بممارسة أدوارنا الانسانية والثقافية ومتابعة حياتنا بالرغم من كل الصعوبات والجراح التي يعيشها الوطن، لأن الكلمة سلاح له أثره في المعركة، كسلاح الجندي، وعلى المثقف والأديب والشاعر وغيرهم أن يتصدوا لأدوار الريادة من خلال الفكر والعمل على تكيل معطيات ثقافية، فكرية وانسانية لنستطيع التأثير في الجيل الصاعد وجعله يشعر بروح المواطنة والالتزام تجاه وطنه. وأشارت إلى أهمية ايصال صوت المرأة ولطالما كانت على مر التاريخ إلى جانب الرجل ومعه في الخندق الأول في كل المصاعب التي كانت تتعرض لها البلاد، وهذا ليس مستغربا، فالمرأة الخاسر الاكبر في كل الحروب وعليها أن لا تستسلم للحزن والبكاء فقط ومن واجبها أن تحمل الراية وتتقدم المعركة لتحافظ مع الرجل جنبا إلى جنب على كل حبة تراب من الوطن وعلى القيم الانسانية والاخلاقية التي تواجه الآن حربا لا تقل عن الحرب التي نواجهها في ساحات القتال، ومعروف ان المعركة الفكرية هي أقسى من أي معركة أخرى، تقول: في انتظار الحرب.. في انتظار الموت أوالحياة.. على شرفتي التي ربما تغدوعدما بعد قليل.. أوتبقى ليزهر ياسمينها.. أجلس هادئة في كرسي.. أطلي أظافري بالأحمر.. ارد خصلة شعري عن وجهي.. اردد أجمل ما أحفظ من الشعر.. وأعلم أن هناك طفلا من بلادي سيحبوغذا على أرصفتها.. يشم عطرها.. ويقول هنا كانت صبية.. تحب هذا التراب.. تردد أغنيات الشروق.. ولم يستطع أحد أن يبعد دمها.. عن شرايين أرضها.. وقرأت ريما خضر: أمتطي صهوة أحلامي وامضي... يا بلادي أين أمشي.. والمسافات انتهت.. كيف أمضي.. انشر الخيبات في المدى.. لم يعد ليلنا حلم مهاجر.. ننتظر.. نجرح الوقت المسافر يا بلادي أين أمضي.. وغنت الشاعرة وفاء دلا لدمشق وللوطن وقالت: وتسألني جلنار دمشق.. إلى أين تنتمي.. إلى سنديان الندى.. وانهمار الشذى.. من أعالي الجبال.. أم من الاغنيات التي بللت روضة الشعر.. في جنة للخيال.. أحبك دمشق.. كم كنت نشوانة.. في الصباحات حين أسرح شعر القصيدة.. تحت نسائم قاسيون.. وحين أعود لأملأ من شجر الغوطتين سلال جنوني.. وشارك في الأمسية وداد سلطان، ايمان موان، عالية النعيمي، صبا بعاج. وفي نهاية الأمسية الشعرية المميزة تحدث الناقد أحمد هلال عن أهمية الشعر وضرورة أن تكون القصيدة بمستوى الوطن، لأن الوطن هوالقصيدة الأبهى والقصيدة الكاملة. وفي مساحة الأصوات واغراضها المتفاوتة وفي علوكعب شعريتها وتفاوت ايقاعها ورويها، لا يمكن الوقوف على مساحة واحدة من تلك القصائد التي تليت في حضرة دمشق وفي حضرة الوطن الذي يستعيد الآن عافيته، والشعر هوالمعادل الجمالي والموضوعي والاخلاقي والفكري للوطن، والخطاب الشعري لا ينفصل عن الواقع، ولطالما نحن في سياق شاعرات سوريات في الأزمة، فإننا نتوسل هنا الشعر المقاوم، لأن الشعر هورؤية وموقف وهوصورة الوطن، كيف تنعكس على محكي الشعر وكيف يكون الشاعر الجسور قادرا على أن يرسم خريطة الوطن بشكل آخر، وتحفظ بدوره على عبارة شعر نسائي، فالشعر هورؤية وموقف وصولا إلى رسالة انسانية بعيدا عن جنس الكاتب. تميزت الأمسية بحضور نوعي من الجمهور وكان التفاعل لافتا وقدمت الشاعرات قصائد وطنية وجدانية وانسانية تنبع من روح الواقع الذي نعيشه في ظل هذه الأزمة، ورغم تفاوت المستوى لكن انتصار الوطن كان سيد المكان وسيد الموقف. |
|