|
ثقافة فيلم طائر أبيض في عاصفة ثلجية (White Bird In A Blizzard) المقتبس من رواية الكاتبة لورا كازيشكا التي حملت نفس الاسم عام 1999، ويقوم ببطولته شايلين وودلي وإيفا غرين، كريستوفر ميلوني، وغابوري سيديبي.. ينتمي لنوعية افلام الجريمة والغموض اذ إن الام تختفي تاركة خلفها زوجها وابنتها المراهقة.
منذ البداية ندين الام الراحلة ونتعاطف مع الاب، ولانستغرب لامبالاة الابنة التي رحلت عنها والدتها وهي في السابعة عشرة من عمرها.. دون أن تعرف سبب رحيلها، ومن هنا نرى حياة المراهقة كيف تتبدل حتى نصل معها الى مرحلة دخولها الجامعة ومن ثم عودة الى ماضيها القريب لتكتشف سبب اختفاء والدتها.. عادة في أفلام الجريمة تدفع الاحداث المشاهد للبحث عن القاتل، الا اننا هنا لم ندرك وجود الجريمة الا في المشاهد الاخيرة للفيلم.. الوقائع قليلة والاحداث بطيئة يغلب عليها روح الام، بل هي المحرك الرئيسي لكل الاحداث، صحيح انها غابت لكن ظلها يبدو في علاقة كانت مع والدها ومع حبيبها الغريب الاطوار، الى ان يأخذنا الفيلم نحو وقائع تدين الام حين يصر على اظهار انها اختفت بإرادتها، الى أن نكتشف ان قاتلها ماهو الا الزوج. هنا لم يتم اخفاء بعض الادلة والتفاصيل ليتم التلاعب بالمشاهد اثناء اكتشاف الجريمة، بل نمشي مع الابطال باتجاه مغاير كليا لحبكة الفيلم الضمنية، التي قدمت لنا عبر تركيبة سينمائية تتداخل عبرها أحداث الحاضر مع الماضي، مستعينا بحضور البطلة تؤدي دورها(شايلين وودلي) التي احتل دورها المساحة الكبرى في الفيلم دون أن نفهم حقيقة رسالة أو مغزى أراد الفيلم ايصالها، الا اذا اعتبرنا المشهد الختامي الذي تحلم فيه بأن تصادف والدتها التي لم تهتم لأمر اختفائها بداية الفيلم، الا انها الان وبعد أن اصبحت طالبة جامعية تفتقد لحضورها الاسر، هكذا ينحرف الفيلم بنا كليا دون اي اشارة، فجأة لنتعاطف مع الام الراحلة باعتبارها الضحية، بينما طيلة الوقت كان يسير بنا في اتجاه آخر..! فيلم رجل بسيط (A Common Man) أخرجه السيرلانكي شاندران راتنام، تدور احداثه في العاصمة السيرلانكية كولومبو.. بطولة بن كينغسلي، الذي يقوم بدور رجل بسيط يحمل بيده بعض الاغراض المنزلية، ليوحي انه يشبه اي رجل في الشارع يمشي ببطء باتجاه منزله، تصرفاته تتناقض ومظهره البسيط اذ انه زرع خمس قنابل موقوتة في أنحاء متفرقة من مدينة كولومبو: قنبلة في حافلة نقل عام، وأخرى في مركز تجاري للتسوق، إضافة إلى ثلاث قنابل في كل من مركز الشرطة وقطار يعج بالركاب والمطار. ثم صنع محطة خاصة به للتحكم في إحدى ناطحات السحاب وطلب من الشرطة إطلاق أربعة سجناء، وإلا فجر تلك القنابل. لنعرف فيما بعد أن هدف اطلاق السجناء معاقبة الارهابيين بالموت لتورطهم في احدى عمليات التفجيرات.. اعتاد المخرج السيرلانكي راتنام ان يقدم أفلاما حول الانتقام من الارهابيين الذين أودت تفجيراتهم بحياة الآلاف في سيرلانكا، الا ان فيلمه رجل بسيط اختلف عن أفلامه الاخرى بابتعاده عن تلك الروح التي تهدر غضبا، ربما السبب البرود وغياب التعابير العميقة التي توقعناها من ممثل بحجم بن كينغسلي الحائز على جائزة الأوسكار عن فيلمه «غاندي». نراه طيلة الوقت هادئ الاعصاب حد البرود الذي لايلائم شخصيته، حتى اننا لولا تأكيده على زرع قنابل موقوتة لاستغربنا كيف تفاعل معه مفوض الشرطة (بن كروس) وهو يتحدث بتلك اللهجة الاعتيادية، غالبا لم تتبدل تعابيره لدى تعاطيه مع مختلف المواقف سواء في اتصالاته مع مفوض الشرطة، او الصحفية التي تتواجد قبل الحدث بفضل اتصالاته. الاكشن الذي انتظرناه في الفيلم غاب، اذا بهت الفيلم الى اقصى حد ما ان مضت بضع مشاهد برتم سينمائي بطيء، ومع استمرار الاحداث من خلال حوار كتبه نيراج باندي والمخرج شاندران نفسه بدت الحبكة منفلتة، تمتلئ بعبارات لاتستوقفك اغلب افكارها..! فيلم المتبقون The Remaining، يأتينا ضمن سينما الرعب.. بداية تعتقد انك مع فيلم رومانسي مجموعة من الشباب والصبايا في مقتبل العمر، يحضرون لزفاف صديقهم، ويصورون كل اللقطات وكأننا مع فيلم آخر ضمن الفيلم الاساسي، تمضي الاحداث بطريقة تظهر لنا تشبث الاصدقاء بالحياة وانجذابهم الى نمط الحياة المرفه، ولكن ما يميزهم ايمانهم العميق بالحب، حتى في أسوأ لحظاتهم وأفظعها تبدو تيمة الحب شديدة الرسوخ.. ونحن ضمن زفاف دان وسكايلر.. فجأة يتبدل كل شيء لنكون امام واقعة نهاية العالم، تحول احتفالهم إلى صراع للنجاة حيث يحاولون فهم ما يحدث من حولهم وما السبب وراء هذه الأحداث، بينما يهرولون بحثا عن ملاذ للنجاة من الدمار الساحق الذي تشنه مخلوقات ليلية.. مع انه فيلم رعب إلا أنه يأخذنا الى نوع جديد من تلك الافلام التي تذهب باتجاه روحاني اذ انه يبني موضوعه من «سفر رؤيا يوحنا» ليقدم لنا موضوع الخلاص بطريقة مرعبة وصادمة.. لايجمع بين الافلام الثلاثة التي عرضناها.. سوى اختيارها لتوضع ضمن التظاهرة، لكنها يمكن أن تعطيك فكرة عن سينما تجارية، تحاول الاقتراب من أفكارها على طريقته، بمقاربتها تجاريا.. لتبدو تكرارا لنفس الأفلام التي رأيناها سابقا..! |
|