تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من نبض أزمة..

عين المجتمع
الأحد 11-10-2015
منال السمّاك

نتساءل بيننا وبين أنفسنا ماالذي تغير .. هل نحن من تغيرت ملامحه الداخلية لتبدو أكثر قسوة وتجاعيدها أكثر عمقاً..؟ أم أن أرواحنا هرمت ودبت في شهيقها وزفيرها الشيخوخة

حتى تكاد تبدو تلفظ أنفاسها الأخيرة، بينما تعارك حياة زادت في قسوتها حرب بدأت ولم تنته؟ هل الأسف زاد حجمه وتعملق كمارد في دهاليز قلوبنا وحط رحاله في ضمائرنا ليجعلها أكثر إنسانية أو ربما أشد مكراً ؟ أم أنه هو ذاته.. ولكن ربما قلوبنا قد تضخمت وشراييننا تصلبت، وضمائرنا قد استعارت دهاء واستوردت خبثاً!!‏

في زمن الحرب تنقلب الموازين، وتتصارع المبادئ وقد تتغير المصطلحات لتخدم حالة راهنة، وتسهم في صناعة حياة مشوهة تسير متهادية على حبل كلاعب سيرك في استعراض تحدٍ ، تخشى السقوط والارتطام بصخور ركلتها الأزمة عمداً إلى طرقاتنا ومفترقات حياتنا، لتطفو على السطح مفردات ما كنا لنألفها يوماً، وتصرفات ما كنا لنستسيغها قبل أزمتنا.. فكل ما حولنا غلف بظرف طارئ ولكنه أطال المكوث، ليتحول إلى اعتيادي يخلق فوضى في معايير الأخلاق ويسهم في تشويه لائحة القيم.‏

و لتبرير جملة التحولات التي لامست تفاصيل حياتنا الاجتماعية، غالباً ما نستعير من الحكم والأمثال ما يسهم في طمأنة نفوسنا المترددة أن ما نفعله ليس جرماً، حتى أضحى الهروب من وطن آلمته أزمة ثلثي المراجل، وسار على هديها الآلاف طارقين أبواب الهجرة لشراء وطن وجنسية والفوز بإعانة أبدية، وفي بعض الحالات هناك من يبتكر حكماً من نبض أزمة، فلم تعد تغني الصبايا «ما بتجوز ع الغربة» بل بات من مقومات العريس اللقطة أن يكون مهاجراً أو يخطط قريباً للهجرة، والغربة لم تعد مرة أو كربة بل أضحت حلماً يُشترى، وبعد مازال هناك المزيد من الخلل سيصيب ثوابتنا النفسية وخصائصنا الإنسانية إن لم نحصنها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية