|
ثقافة لم ترحل لاننا ما زلنا نسمع ما يشبه صوتك الشجي الصادح تردده كل صباح ومساء في ربوع بلادنا الجميلة رفوف البلابل والشحارير في اغاريدها وجوقات الينابيع والانهار في ترانيمها , واسراب الانسام والعطور في همساتها ... تذكر يا صديقي لكم كنت تعشقها كما كنت تعشق الطبيعة كلها ملهمتك الاولى في التصوير والابداع . هل احكي عن الاصالة وانت ملأت خزانتنا الموسيقية بكل ما هو اصيل وطريف? هل أحكي عن الجمال وأنت جسدته وأعدت بعثه حيا في كل ما لحنت وغنيت ? بلى يا صاحب الصوت الذي تنبع منه رهافة الاحساس وحلاوة الطرب وشفافية الحنان , بلى يا نجيب الرائع يا من كان الموسيقيون ومنهم عازف الكمان الشهير عبود عبد العال وذلك بشهادة الموسيقار اللبناني الكبير توفيق الباشا يدوزنون آلاتهم على رخامة صوتك وما في هذا الصوت من طلاوة جرس وعذوبة همس .. اسمح لي يا أخي الحبيب الغالي أن أميز في شخصيتك المحببة صفتين اساسيتين هما : صفة الانسان الخلوق وصفة الفنان المثالي فالانسان لديك كتلة حضارة وخصال كريمة : خلق النبيل تواضع العبقري , مسالمة القوي القادر الذي يحب الناس جميعا مع ما لحقه احيانا من اذى بعضهم بدافع الغيرة والحسد , ثم تقديس معنى الصداقة بالتواصل والصدق والوفاء . اما الفنان لديك فهو كتلة شعور وابدع : ما من لحن انسكب من اناملك الا وافصح عن خلق وتجديد , عن تطوير وتوليد عن جمال واطراب واعيد ذكر هاتين الكلمتين لانك كنت تؤمن بأن الحياة يجب أن نعيشها مزينة على الدوام بالجمال والطرب والتفاؤل . كنت تعطي الكلمة في الاغنية وخصوصا في القصيدة بما لديك من ثقافة ادبية وموسيقية حقها من التعبير والتأثير كما كنت تعطي الجملة ما تستلزمه من هندسة اللحن وتصوير المعنى حتى اعتبرك النقاد كما اعتبروا الموسيقار رياض السنباطي سيدي من لحنوا القصائد في الوطن العربي بأسره. وتعود بي الذاكرة المشوقة الى الايام الخوالي الى ايام تعرفت فيها اليك في الاذاعة السورية في منتصف الخمسينات من القرن الماضي يوم ان غنيت لي اول زجلية اعطيتك اياها وعنوانها قلبي معك . وسواها من القصائد بحيث بلغ مالحنته لي اكثر من 33 قصيدة وزجلية حتى انتقالك الى الملأ الاعلى ومثواك الجنة وكان كل ما تبدعه يدهش الجمهور وينال اعجاب اهل الطرب والاصالة في الغناء. ثم دعني يا صديقي الحبيب الغالي يا نجيب الرائع ان اذكرك بمهرجان اسبوع الثقافة الموسيقية الذي اقامه فرع نقابة الفنانين في مدينة ابن الوليد , وكيف طلبت مني أن أمثلك فيه وقد اقعدك المرض عن حضوره , وكيف ألقيت باسمك كلمة رضيت عنها , وكيف حملت اليك درع التكريم والقصيدة الرائعة التي ألقاها الشاعر الكبير الصديق الراحل وليد قنباز بهذه المناسبة الكريمة وكيف اشرت في كلمتي بالمهرجان المذكور الى بعض مجالات ابداعك وما لحنته من مسلسلات اذاعية ومعزوفات موسيقية اشهرها معزوفة شفة , ومعزوفة القمر ومعزوفة عواطف . وما رفدت به من موسيقاك التصويرية العاطفية الاصيلة عددا من المسلسلات التلفزيونية وما ذكرته من انك كنت على الدوام مثابرا على الابداع والعطاء اذ لحنت من شعري آنذاك وغنيت قصيدة . أهلا بهواك يحاصرني كالزهر يحاصر نيسانا ويسد الدرب ويغمرني أنسا ورجاء وحنانا والقصيدة التي غنتها المطربة البارعة كنانة القصير : اهديت لي بسمتين وشوشتني كلمتين وغبت عني فعمري مضيع بين بين |
|