|
مراسلون وتحقيقات هي فقط يمكن أن تكون دعائم قوية لسياحة متطورة في حال تم توظيفها... وسورية تملك مقومات لصناعة سياحية لا يستهان بها إذا ما أحسن القائمون على استثمارها بالوجه الأفضل.. وهذا ما ينقص سورية... والحقيقة أنه حتى يومنا هذا مازال التخبط في وضع الطريقة المثلى لهذا الاستثمار, ومازال الطابع العشوائي يغلب عليها, ومازال حتى اليوم يخضع هذا القطاع للتجارب الفاشلة أو غير كاملة الرؤية.. حتى اليوم ما زال يرصد الكثير من الكلام والقليل من الفعل, فكيف يمكن تفسير أن سورية دخلها العام الماضي حوالى ستة ملايين سائح والطاقة الاستيعابية لا تتجاوز /40/ ألف سرير في وقت تملك تونس /230/ ألف سرير ووصل عدد السياح فيها حوالي ستة ملايين سائح قضوا /35/ مليون ليلة سياحية, تونس هذا البلد ذو الموارد الطبيعية المحدودة , استطاع أن يحقق نمواً كبيراً في هذا المجال من خلال الأهمية البالغة لهذا القطاع بتطويره وتطوير منتجه, والتعريف فيه وقبل كل شيء الإرادة في جعله منتجاً يحقق دخلاً قومياً كبيراً, ومن المتوقع أن تزيد نسبته عن العام الماضي 10%...كما أن مصر بتاريخها السياحي المميز بلغ عدد السياح فيها العام الماضي تسعة ملايين سائح وقدر الدخل القومي من هذا المنتوج /6/ مليارات دولار... سورية لم تعتمد سورية حتى اليوم في وضع برامجها الاستفادة من التجارب الناجحة...وإنما اكتفت كعادتها بالتنظير,الذي مللنا منه خلال السنوات العشرين الفائتة, علماً أن تنمية هذا القطاع تؤمن دعماً للاقتصاد المحلي والدخل القومي, سواء على مستوى الأفراد أو الدولة, بما يقدمه هذا القطاع النشط من فرص عمل كثيرة, إضافة لتنشيط الإنتاج في القطاعات والصناعات ذات الصلة بالحركة السياحية, واستغلال المقومات التي تبنى عليها أي سياحة, من رخص العمالة واعتدال في الأسعار.ووجود البنية التحتية والأساسية للاستثمار, والتطوير في الصناعات اليدوية التقليدية, واستثمار الآفاق السياحية المتاحة, وتطويرها لتحقيق أنماط متميزة في السياحة بكل أطيافها الدينية والعلاجية والاستجمامية والتسوق للمنتج المحلي, وتوظيف الإمكانيات المتاحة طبيعياً, مثل الطقس والمعطيات البحرية والجبلية, وتوظيف هذه الإمكانيات توظيفاً إيجابياً... كل تلك المقومات متوفرة في سورية ويجعلها في موقع متميز على الخارطة السياحية العربية والعالمية, ولكن في حالة واحدة, توفر الوعي, وتوفر الإرادة, ووضع الخطة العلمية المدروسة لتنشيط هذا القطاع المهم في عالم اليوم... وهذا رأي كل من يعمل في هذا المجال, وبالتأكيد لا يكفي هذا الرأي وحده. فسوريا تحتاج الكثير حتى تصل لموقع متميز على الخارطة السياحية, رغم أن السياحة فيها لن نقول إنها تعتمد أو تقوم على الصدفة, ولكن بالمقابل لن نقول أنها تقوم على منهج علمي مدروس... علماً أن إحصائيات ودراسات وزارة السياحة تبين أن عدد القادمين إليها العام الماضي وصل إلى /6/ ملايين و/154/ألف سائح من العرب والأجانب, بلغ مجموع انفاقهم /2,2/مليار دولار, وبلغ مجموع عدد السياح العرب منهم /2,350,369/سائحا منهم /596605/سياح خليجيين الأكثر انفاقاً و/384725/سائحاً أردنياً و/619040/ سائحاً عراقياً و/497801/سائح لبناني. لماذا???? هذه الأرقام غير مقنعة, ولكن هي التي وضعت بين أيدينا من خلال التقارير والمحاضرات التي يقدمها العاملون في وزارة السياحة, وبالتالي هي التي سنعتمد عليها في موضوعنا هذا, وبالتحديد عدد السياح الوافدين من دول الخليج لقرب المسافة وسهولة المواصلات إضافة لتوفر الإمكانيات المادية والتي يتبين أن عدد الوافدين منهم إلى سورية قليل بالمقارنة مع عدد سكان هذه الدول, الأمر فرض تساؤلات طرحها السيد محمد بوزيزي مدير عام شركة البحرين للفنادق, والذي أكد من خلالها أهمية أن تكون الإجابة واضحة عليها والتي يقول فيها : - ماذا يريد السائح الخليجي, والذي يمثل قوة شرائية لا يستهان بها? - وكيف يمكن أن نجعل من سورية عامل جذب قوي له???? الإجابة حسب ما قدمها أيضاً السيد بوزيزي, أن السائح الخليجي مثل غيره من السياح العرب والأجانب , ويجب أن ينفق ماله حيث يجد الراحة والمتعة والأمان, وتحقيق غايته السياحية, سواء كانت ترفيهية أم علاجية أم استجمامية أم دينية, وسورية إحدى الدول التي يمكن الوصول إليها بيسر.. بحراً وجواً وبراً. بصراحة وبصراحة يقول: إن السائح قبل كل شيء يهمه أن تكون الأجواء السياحية صحية وصحيحة, ولا يقبل الاستغلال والاستعباط أو دفع الرشاوى, ويهمه أيضاً الاستجابة السريعة لأي شكوى, وطمأنة السائح من هذه النواحي أمر بالغ الأهمية, إذا ما أخذنا في الاعتبار أن الخليجيين عادة يسافرون مع عائلاتهم.. ويبقى السؤال لماذا عدد السياح الخليجيين في سورية ضعيف جداً? الأمر أيضاً ينطبق على السياح العرب قاطبة, في وقت يحاول تنشيط السياحة البينية بين الدول العربية... - هل بسبب قلة الترويج? - أم لعدم الانفتاح على السياح الخليجيين ??? - أم بسبب مستوى الخدمات ?? - أم لأسباب أخرى ???? أن نعرف الأسباب هي بداية جيدة, ولكن أن نعرفها ونتجاهل حلها, هنا تكمن المشكلة ... وهذه مشكلة سورية, نعرف الأسباب ونتجاهل حلولها أو نقفز فوقها... وتبقى السياحة تسيطر عليها العشوائية والعبثية من قبل العاملين الدخيلين إلى هذا القطاع بغياب الكفاءات والمهارات وندرتها في سورية.. سياحة البسطات على كل تحدث السيد بوزيزي عن بعض المقترحات التي يحدد فيها طريقة استقطاب وجذب أكبر عدد من السياح الخليجيين, وهي مقترحات عملية وسهلة التطبيق, ومعروفة لدى الجميع, وتعد من البديهيات, أولها أن تكون هناك خطة مدروسة للنهوض بالخدمات السياحية, مع التغيير المستدام في التنمية السياحية بشكل يلمسه الزائر أو السائح, وبشكل مستمر وبنفس قوة البداية, ورصد موازنة قوية, تفي بعملية التنمية السياحية, وتحقيق التنافس مع دول الجوار, وعلى المستوى الاقليمي على الأقل المباشرة بخطة مدروسة للتسويق, والترويج, والدعاية, والإعلان محلياً, اقليميا وعالمياً, كما قامت به إمارة دبي في هذا المجال, وما حققته من سمعة عالمية, ووضعتها على خارطة العالم السياحية, وبمكانة يصعب على الكثيرين منافستها,أو حتى الوصول إليها.. إضافة لأهمية التنسيق مع شركات الطيران السورية, وترتيب استضافة زيارات ميدانية لمروجي السياحة لدول الجوار, والخليج, لإطلاعهم على الإمكانيات المتاحة, لتجربتها ومعايشتها,ومن ثم تسويقها والمشاركة الفاعلة في المحافل السياحية والإقليمية والدولية, والتوسع في بناء الفنادق, وخاصة ذات الأربع والثلاث نجوم والتي تفتقر سورية كلية لهذا المستوى من الفنادق, والمناسبة لإمكانية الكثير من السياح, والذين يستعيضون عنها مع الأسف الشديد بالشقق المفروشة,والتي يرافق الترويج عليها, عمليات استغلال من قبل أصحاب المكاتب العقارية, أو سائقي سيارات الأجرة ( تصوروا سياحة تنطلق من على بسطات المكاتب العقارية, وسائقي السيارات ) كيف سيكون نوعها, ومستواها بعيداً عن الرقابة والتنظيم... طبعاً حال فنادق النجوم الخمس ليس بأفضل, حيث يقول عنها السيد بوزيزي: بدا عليها التعب والإرهاق , وتحتاج لتجديد وتحديث مستمر, إضافة لأهمية بناء فنادق في المناطق الجبلية, وتقديم أسعار تنافسية, لأن هذه المناطق تفتقر لمثل هذه الخدمات, ولا يمكن الاستعاضة عنها بالشقق المفروشة, ولدعم إنشاء الفنادق وزيارة السعة الفندقية والليالي السياحية, لا بد من فتح الآفاق لجذب الاستثمارات الخليجية, والمشاركة في تنظيم المهرجانات ذات الأهداف المتعددة والجاذبة لقطاعات متنوعة من السياح, واستغلال الأماكن السياحية خارج دمشق, حيث أن هناك ما يزيد عن /2000/ موقع سياحي معروف ومسجل في سورية والمعلومات المتاحة للسائح لا تتجاوز 10% منها, والأهم يقول : الصيانة المستدامة والمحافظة على مستوى راقٍ من الخدمات والنظافة في الأماكن السياحية, وإظهار رونقها وبهائها سواء كانت هذه المواقع دينية أو أثرية أو ترفيهية أو علاجية أو استجمامية, مع توفير الأمن والحماية اللازمة للسائح من عمليات النصب والاحتيال, عن طريق إجراءات صارمة, وتوفير كوادر شرطة سياحية مؤهلة إن أمكن, ولا يمكن تجاهل أهمية مكاتب السياحة الأخرى والتي يقول عنها تصب في خدمة أهداف السياحة, وتزويد السياح بالمعلومات المتاحة عن جميع المناطق السياحية والترفيهية والفنادق والمطاعم وأوجه الخدمات السياحية الأخرى.. كلمة لا بد منها الوقت يمضي ليس بمصلحتنا وخاصة أن الدول المجاورة تسير بخطى متسارعة في السياحة ولا بد من تنشيط هذا القطاع وتطويره لدعم الاقتصاد الوطني. |
|