تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


صراع الحضارات من جديد

عن موقع Dissident Voice
ترجمة
الأثنين 12-12-2011
ترجمة رنده القاسم

في المرحلة الحالية يجب وضع النقاط على الحروف و القول بأن رقعة الشطرنج جهزت لأجل(صراع الحضارات) و كل القطع وضعت في أمكنتها.فالعالم العربي يخضع وفقا لخطة ينون الإسرائيلية الاستراتيجية (الرامية لضمان تفوق إسرائيل

بإعادة تشكيل بيئتها الجيوسياسية )لعملية تطويق و ترسم خطوط فصل حادة بين المجموعات العرقية و الدينية و الاثنية اللغوية المختلفة. و وفقا لهذا المخطط لن يكون هناك اختلاط بين المجتمعات و البلدان. و لهذا يستهدف المسيحيون في الشرق الأوسط و شمال افريقيا .و هذا هو أيضا سبب المذبحة الجماعية التي يواجهها العرب و البربر ذوو البشرة السوداء و مجموعات أخرى ذات بشرة سوداء في شمال افريقيا . فالمقصود خلق منطقة تضم “شرق أوسط مسلم” (باستثناء إسرائيل) و تكون المنطقة في حالة اضطراب بسبب القتال بين السنة و الشيعة. و يطور سيناريو مشابه لخلق منطقة«شمال إفريقيا غير سوداء» تتميز بصراع بين العرب و البربر.و وفقا لنموذج صراع الحضارات ، تم التخطيط ليكون الشرق الأوسط و شمال افريقيا في صراع مع ما يسمى الغرب و افريقيا السوداء.و لهذا قام كل من نيكولاس ساركوزي في فرنسا و دايفيد كاميرون في بريطانيا بالإدلاء بتصريحات متتابعة مع بداية الصرع في ليبيا تقول بأن التعددية الثقافية ماتت في مجتمعاتهم الأوروبية الغربية ذات الخصوصية.‏

فالتعددية الثقافية الحقيقية تهدد شرعية أجندة حروب الناتو,كما و تشكل عقبة في طريق تعزيز “صراع الحضارات” الذي يعتبر حجر الزاوية في سياسة الولايات المتحدة الخارجية.و في هذا السياق يشرح زبيغنيو برزيزينسكي ، مستشار الأمن القومي السابق في الولايات المتحدة، لماذا تعتبر التعددية الثقافية تهديدا لواشنطن و حلفائها فيقول: (أميركا تغدو أكثر فأكثر مجتمعا متعدد الثقافات، و هذا يفاقم من صعوبة التوصل الى اجماع بخصوص شؤون السياسة الخارجية (مثل حرب مع العالم العربي أو ايران او الصين أو روسية و الاتحاد السوفييتي السابق) باستثناء الحالات التي تتصف بتهديد خارجي مباشر يدرك بشكل حقيقي و واسع. و إجماع كهذا كان خلال الحرب العالمية الثانية بل و حتى خلال الحرب الباردة ( و وجد اليوم بسبب الحرب العالمية ضد الإرهاب) .أما عبارة برزيزينسكي التالية فهي معيار يحدد لماذا على الشعب معارضة أو تاييد الحرب اذ يقول:( غير أن الاجماع ليس متأصلا فقط في القيم الديمقراطية المتشاركة بعمق، و التي يسود شعور عام بأنها مهددة، بل و أيضا في الارتباط الثقافي و الاثني مع ضحايا الاستبدادية العدائية من الأوروبيين).و يجب أن نذكر ثانية أن هذا مع النية بكسر تلك الارتباطات الثقافية بين منطقة الشرق الأوسط و شمال افريقيا من جهة و بين ما يسمى العالم الغربي و جنوب الصحراء الكبرى من جهة أخرى عن طريق استهداف المسيحيين و ذوي البشرة السوداء.‏

لقد عملت القوى الاستعمارية الأوروبية الغربية في الماضي على تلقين شعوبها، و كان هدفها الحصول على دعم شعبي للغزو الاستعماري. و أخذ التلقين شكل اقناعهم بأنهم يقومون بنشر المسيحية و تعزيز قيمها بدعم من تجار أسلحة و جيوش استعمارية.‏

و بنفس الوقت سادت ايديولوجيات عنصرية تصور الشعوب التي تستعمر أراضيها بأنهم دون البشر ،أدنى درجة أو بليدون ، و في المحصلة تستخدم حجة أنه من واجب الرجل الأبيض المضي في حملة لتحضير شعوب العالم غير الحضارية.و هذا الاطار الايديولوجي المتماسك يستخدم لتصوير الاستعمار على أنه «قضية عادلة» و وسيلة لفتح و تمدين أراض أجنبية.‏

و اليوم لم تتغير المخططات الامبريالية للولايات المتحدة و بريطانيا و فرنسا و ألمانيا. و الذي تغير هي الحجج و التبريرات لشن حروبهم الاستعمارية الجديدة . فخلال الفترة الاستعمارية كانت الروايات و الذرائع لأجل شن الحرب مقبولة من قبل الرأي العام في الدول المستعمرة مثل بريطانيا و فرنسا. و اليوم تشن ما تسمى الحروب «العادلة» و القضايا «العادلة» تحت رايات مثل حقوق المرأة ، حقوق الانسان ، الاحسان و الديمقراطية.‏

 بقلم مهدي داريوز نازيمروايا‏

 عالم اجتماع و باحث في مركز أبحاث العولمة في مونتريال.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية