تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حمامة الغروب!... إلــى أم سـاري وشـقيقاتها منجبات البراءة الذبيحة!

مقهى مقني- المنزه التاسع- تونس
سينما
الأثنين 12-12-2011
هادي دانيال

لاتبئس أو تشق

إن نأت الأطراف عن دمشق‏‏‏‏

وانشق عن حجرك غباره‏‏‏‏

فأنت جذر ذاتك وجذعها‏‏‏‏

وغصنها المؤرق والمزهر‏‏‏‏

ذبلت أو نضجت ثماره‏‏‏‏

وادي الذئاب عندهم سيبقى‏‏‏‏

إن زحفت أفعى الرمال ألف عام أخرى‏‏‏‏

ومطرت وراءها الكثبان والتيجان والأعلام والأقلام حين تشرى‏‏‏‏

درجة واحدة لن ترقى‏‏‏‏

إلى بهاء قاسيون الأبقى‏‏‏‏

ياأيها السوري أنت الأعلى في ذاتك التكوين قد تجلى‏‏‏‏

الصوت والصدى‏‏‏‏

والماء والندى‏‏‏‏

والطين في قبضة نار الحرف إذ تولى‏‏‏‏

الدود في خلك من عفنهم تسرّب‏‏‏‏

والعتمات في نهارك البهي‏‏‏‏

نسج عقوب تعنكب‏‏‏‏

كم علقمياً زرعوا في كل ثغر من بلادك‏‏‏‏

من خدم القبعة الزرقاء والعقال‏‏‏‏

واليورو والدولار والريال؟‏‏‏‏

لكن صدرهم ضاق بسرهم‏‏‏‏

وكلهم بفعله حاكى أبارغال‏‏‏‏

لاأرجم اللحظة بالغيب‏‏‏‏

أوألبس الحكمة من ثوبي‏‏‏‏

بل أرجم اليقين بالنّبال‏‏‏‏

الدماء التي في إناء النحاس تبقبق‏‏‏‏

يصعد منها بخار يحاكي الغيوم ويهطل في الذاكرة‏‏‏‏

كم يراد لنا من دهور لندفع ديتها‏‏‏‏

كم قطيعاً من الآدميين سوف يساق إلى مسلح الثورة القذرة؟‏‏‏‏

والبلاد التي خلت نفسك صاحبها‏‏‏‏

فانبرت تبيع وتشري بها قطعة قطعة‏‏‏‏

بين باريس، أنقرة، القاهرة‏‏‏‏

وكأنك نخاس عشاقها من عبيد الوطن‏‏‏‏

هل ظننت بأنك مالكها إن قبضت الثمن؟‏‏‏‏

هل لأنك بالباء يبتدئ اسمك أصبحت بابا‏‏‏‏

فيدخل منه الغزاة البغاة إلى شامنا‏‏‏‏

كي يعيثوا خرابا؟‏‏‏‏

خسئت ،فإنك والمجلس الانكشاري‏‏‏‏

لن تصلوا نقطة تحت باء دمشق‏‏‏‏

ولو حشد الأطلسي براكينه كلها،‏‏‏‏

فغوطتنا كل أشجارها الواقفة‏‏‏‏

غابة الأسد الوارفة‏‏‏‏

من على قاسيون يظللها نسرها العربي‏‏‏‏

فما أنت إلا البعيرة من أست معرفة زائفة‏‏‏‏

توهمها الغرب نجمتهم والدليل إلى مقتل في البلد‏‏‏‏

إن باءت حشوة غليونك المتقد‏‏‏‏

والوعيد الذي يتدفق من فمك المرتعد‏‏‏‏

ليس إلا دخاناً يبرهن أن الرهان‏‏‏‏

ارتباك عدو تجارته بائرة‏‏‏‏

فاجمع الآن أوراقك اليابسة‏‏‏‏

ثم ألقم حطب المدفأة‏‏‏‏

فالخريف يعانق آخره‏‏‏‏

والشتاء يطل بأيامه القارسة‏‏‏‏

فالعجوز الذي يتصابى علينا‏‏‏‏

سيصغر يصغر‏‏‏‏

حت يساق إلى المدرسة‏‏‏‏

وحين يصر نصيره مثل صرصر« كافكا»‏‏‏‏

وتهلو بجثته المكنسة!‏‏‏‏

باء باريس باءت وباءً‏‏‏‏

وأمواج« سينك» تعجز عن غسل أدران روحك‏‏‏‏

كيف ستشفى؟‏‏‏‏

بخفين من فضة الكلمات المباعة،‏‏‏‏

ياأيها البيدق القطري، تقدم‏‏‏‏

على رقعة من دماء دمشق‏‏‏‏

بخفي لص، أو اخلعهما الآن خفا فخفا‏‏‏‏

تقدم، فها أنت تعرى وتحفى‏‏‏‏

تقدم، فإن دمشق على كل باب‏‏‏‏

بقبقابها سوف تهرس كل رؤوس الأفاعي‏‏‏‏

وترقي بترياقها الوطني السموم‏‏‏‏

وترقى‏‏‏‏

على درج ذهبيتها أشعة شمس انتقام‏‏‏‏

الضحايا‏‏‏‏

إلى سدة المجد‏‏‏‏

ترمق أبناءها المخلصين امتناناً‏‏‏‏

يرمقها المارقون‏‏‏‏

يرومون عفواً أو عطفاً!‏‏‏‏

عندها هتفت:‏‏‏‏

سين سورية‏‏‏‏

استوت الآن سيفاً‏‏‏‏

حينها.. قام « ساري» عن الخشب‏‏‏‏

مواصلاً قضم « بسكوت» به مزج‏‏‏‏

طحين حمص‏‏‏‏

بعنقود من العنب‏‏‏‏

نفض الهدايا التي علقت بهامته‏‏‏‏

من شوك أعمامه الأتراك والعرب‏‏‏‏

وضاحكاً بين أقران له ضحكوا‏‏‏‏

كأن ضحكهموا عزف على القرب‏‏‏‏

مسح الحلاوة عن شفتين من قصب‏‏‏‏

واختض ببشر عذباً صوته الذهبي‏‏‏‏

من قصر صقر قريشي بأندلس‏‏‏‏

إلى ميادين سيف الدولة الحلبي:‏‏‏‏

نربأ بالرياح أن تراوغ الجبال كي تغدر بالسهوب‏‏‏‏

لكنها ثعالب مجنحة‏‏‏‏

تنعق كالغربان في الأزرق بين الأزرقين‏‏‏‏

لانبعاث الرائحة‏‏‏‏

من جثث الأطفال ملقاة على الدروب‏‏‏‏

فاجأهم ذئب بزي أمهاتهم‏‏‏‏

في فرجة الباب‏‏‏‏

صلاهم عاوياً‏‏‏‏

يمزق اللحم الطري‏‏‏‏

بالمخالب الصلدة‏‏‏‏

والنيوب‏‏‏‏

من سمع الصرخة حين الأم ضمت طفلها الذبيح غير‏‏‏‏

جبل ناء بها منفطراً‏‏‏‏

يرمي السماء غاضباً‏‏‏‏

بلهب القلوب؟‏‏‏‏

وكلما في حرقة تنهدت‏‏‏‏

واضطرم النداء: «ياحبيبتي»‏‏‏‏

فز المسيح عن صليبه مرتعداً‏‏‏‏

وانشقت الآفاق عن حمامة الغروب!‏‏‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية