تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


وضوح الحل

معاً على الطريق
الأحد 27-1-2013
مصطفى المقداد

قلناها بعد أيام قليلة من بدء الاحتجاجات في سورية مطلع العام قبل الماضي بأن الواجهة التي تقدم بها الاحتجاجات تلك ومحاولة اسباغ الصيغة المطلبية عليها ,ما هي إلا اخفاء للحقيقة الابعد ,

والهدف الحقيقي والمتمثل في تخريب سورية ونموذجها الحضاري الذي قدمته هدية للبشرية في القدرة على العيش المشترك الهانىء ,والقدرة على احتواء كل المعتقدات والأفكار الإنسانية مهما تباعدت مناهلها واختلفت مشاربها ,وقلنا إن ثمة مخططاً لنشر الإرهاب وثقافته داخل المجتمع السوري ,تحقيقاً للهدف الصهيوني في إقامة مشروع يهودية الدولة ,الأمر الذي يستلزم اجهاض كل مشاريع العيش المشترك , وخاصة سورية التي مثلت على الدوام النموذج الأكثر فرادة في العالم على أمتداد العصور, وكونها مثلت الموطن الثاني لكل شعوب الأرض ,وأسرت بمحبتها كل من وطأت أقدامهم ترابها الطهور.‏

وقلنا إن العالم كله سيكتشف بعد فترة بسيطة أن الإرهاب يضرب في سورية , وأن المطالب الشعبية تتم الاستجابة لها من جانب الحكومة باعتبارها حقوقاً مشروعة , وان واجب الحكومة العمل على تحقيق تطلعات شعبها , وضمان الحفاظ على أمنه .وحفظ سيادة البلاد سياسياً وعسكرياً,والتصدي لكل محاولات النيل من هيبة الدولة داخلياً وخارجياً .‏

وقد كانت المظاهرات والاحتجاجات في مرحلتها الأولى تأسيساً لإيقاع المزيد من الدماء بحيث يصعب التوصل إلى حل للأزمة التي أخذت تتسع وتمتد إلى معظم الأراضي السورية, فيما الحقيقة كانت تستهدف إدخال المزيد من المقاتلين الذين اعتنقوا الإرهاب عقيدة ,فتم تجنيدهم من كل معسكرات الإرهاب في العالم وتسهيل دخولهم إلى الداخل السوري ,فيما كانت ماكينة الإعلام الدموي تمارس دوراً سياسياً مدروساً بدقة وعناية فائقتين ,لتضليل القطاع الأكبر من الشعب , وإلباس المؤامرة ثوب العفة والطهر مع الاستهانة الواضحة بالدم السوري الطاهر.‏

واليوم إذ يتحقق كل ما قلناه منذ البداية ,فإن الواجب على المجتمع الدولي ان يمتلك الشجاعة للاعتراف بالحقائق كما هي ,وعلى الدول الكبرى ان تمتلك شجاعة أكبر في القدرة على الاعتراف ,نظراً لما يمليه عليها دورها في الحفاظ على الامن والسلم العالميين, فهل تراها قادرة على امتلاك تلك الشجاعة؟‏

أنا أدرك تماماً انه يصعب على دولة بحجم الولايات المتحدة أن تعترف بخطأ تقديراتها وهي تمتلك أكبر قوة استخباراتية عرفها العالم , وتدعي أنها الأكثر معرفة بكل المجتمعات البشرية , وبالتالي فإن أسلوب التعامل مع كل قضاياها ينبغي ان يكون مرتكزاً لمعرفة اكيدة , وممتلكاً لرؤية واضحة في كل الاحتمالات المستقبلية , بحيث تتجنب الوقوع في طلب الاعتذار يوماً ما .‏

الأمر الذي حدث أن الوقائع خيبت آراء وآمال أصحاب المخطط التآمري , واكتشفوا أنهم لم يكونوا على معرفة بالواقع السوري ,ولا يمتلكون أدنى معرفة بالقدرة الكامنة لسورية وشعبها وجيشها ,وإن اعتقادهم بقدرتهم على هزيمتها لم يكن أبعد من رؤية سراب في الربع الخالي , ووجدوا أنفسهم أمام الخيار الصعب الذي كان ينبغي عدم الوقوع فيه , فتحولوا الى الخروج من باب أقل قدر من الخسارة عبر الموافقة على مشارع الحل المحمولة على اطباق المنظمة الدولية , فكانت المفاجأة الاكبرعبر طرح المشروع الإصلاحي المتكامل للحل من الجانب السوري ,الأمر الذي يفترض بهم مناقشته والتعامل معه بجدية بعدما اضاعوا فرصة الفعل , وتحولهم الى مرحلة رد الفعل , وجني المزيد من الخسارات الساسية.‏

اليوم تظهر الأمور جلية واضحة والاتحاد الروسي يعلن إن المشروع الاصلاحي السوري يمثل القاعدة الاساسية القادرة على الوصول الى حل سياسي يخرج البلاد من ازمتها ,وخاصة بعد ان اعلنت الحكومة سماحها لكل المعارضين الراغبين بالمشاركة بالحوار بالعودة الى الوطن وضمان عدم تعرضهم لأي مساءلة أو احتجاز .‏

الراغبون في التوصل الى حلول سياسية وحدهم من سيوافقون على الحوار ,اما داعمو الارهاب فان اجنداتهم ستبقى مرتبطة بيد ساداتهم , اما سورية فانها تشق طريقه نحو النصر الاكيد بعزيمة شعبها وحماية جيشها الباسل.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية