|
ثقافة اذ اصدر مجموعة من الكتب التي تترجم لاعضاء ومفكرين كان لهم الدور الكبير في اثراء لغتنا والنهوض بها الى حيث يجب ان تكون .
واليوم نقف عند كتاب جديد صدر ضمن السلسة نفسها ومن مطبوعات مجمع اللغة العربية,هو الامير مصطفى الشهابي , تاليف عضو المجمع الاستاذ الدكتور ممدوح خسارة ,قدم للكتاب الاستاذ الدكتور ماز ن المبارك عضو المجمع ايضا , ومما جاء في تقديمه : هو الذي درس في الشام وباريس واسطنبول , وتخرج مهندسا زراعيا , وغدت كتبه في الزراعة وما اليها , في المصطلحات الزراعية والحراجية مرجعا لا يستغني عنه المختصون , عرفته المجامع اللغوية في دمشق والقاهرة وبغداد وضمته عضوا عاملا , وعرفته محاضرا في قاعاتها وكاتبا في مجلاتها . وكذلك عرفته المناصب الادارية فكان مديرا لاملاك الدولة , وكان محافظا لحلب ثم اللاذقية , فانشأ في كل منهما المكتبة الوطنية وكان سفيرا للجمهورية السورية في القاهرة , وكان وزيرا غير مرة لوزارات : المعارف والعدل والمالية , وبقي رئيسا لمجمع اللغة العربية بدمشق منذ عام 1595م الى وفاته سنة 1968م . عالم لغوي اما مؤلف الكتاب الاستاذ الدكتور ممدوح خسارة فيرى ان البعد العلمي اللغوي عند الشهابي كان عنده تعبيرا عن جانب آخر مهم في شخصيته هو البعد القومي , وقد كان العمل اللغوي على الدوام كفاحا على الجبهة الثقافية للامة , فكما رابط الكثيرون من شبان الامة ورجالها «الجبهة العسكرية» لمقاومة الغزو والاحتلال رابط كثير من علمائها ولغوييها على الجبهة الثقافية لمقاومة الغزو الفكري واللغوي, وكان التعريب الذي آمن به وعمل من اجله هو الرد العملي على التغريب الذي استهدف ثقافة الامة ومعتقداتها . ويضيف الدكتور خسارة ان هذا العالم اللغوي والباحث والمفكر لم ينل حقه من البحث والدراسة , فلم يؤلف عنه كتاب ذي بال كما يقول دكتور خسارة وما كتب عنه لايتعدى الاربعين صفحة كانت معظمها سيرة ذاتية موسعة ياخذ فيها لاحقا عن سابق , دون اضافات وكان الدكتور عبد الحليم منتصر عضو مجمع اللغة العربية في القاهرة قد دعا في حفل تابين الشهابي الى دراسةاعمال المجمعيين والتعريف بها ,ووعد بدراسة موسعة متخصصة لتاليف الفقيد , الامر الذي لم يتصد له احد الى ان هيئءذلك لمجمع اللغة العربية بدمشق . النهضة اللغوية والاحياء الثقافي تحت هذا العنوان يعقد الدكتور ممدوح خسارة فصلا هاما جدا يضيء فيه على ما اداه الامير الشهابي , وما قام به في هذا المجال يقول الدكتور خسارة مستشهدا بما قاله الشهابي : (اما عهد الاتراك العثمانيين منذ احتلالهم للديار العربية في القرن العاشر الهجري حتى خروجهم منها عقب الحرب العالمية الاولى سنة 1918م فقد كان في الجملة اسوأ عهد على العربية وادابها , ذلك بان المماليك من اتراك وشراكسة كانوا قبل العثمانيين يسكنون مصر والشام ويتعلمون العربية .وكانت لغتنا في ايامهم هي لغة الحكومة الرسمية , اما الاتراك العثمانيون فقد اتخذوا اسطنبول عاصمة لهم وجعلوا التركية لغة حكومتهم الرسمية حتى في البلاد العربية . ادى شعور العرب بالمظلومية القومية والسياسية الى شعورهم بالمظلومية اللغوية وهم يرون الى لغتهم التي هي اشرف اللغات في نظرهم ومن اقدم اللغات واغناها ونظر غيرهم , يرون الى هذه اللغة وقد اصبحت لغة غير رسمية في وطنها ولاتعلم الا بمنزلة لغة ثانوية واذا علمت فباللغة التركية او العامية وكان الولاة والقضاةممن يجهلون العربية ) وقد ادت اللغة العربية دورين هامين في الفكرة القومية فهي كانت الرابطة الجامعة الوحيدة المتبقية التي تميزهم من الدولة العثمانية ومن الغرب ايضا , فاللغة العربية اظهر خصائصهم وهي بهذه الصفة كانت الوسيلة والمحرك للشعور القومي العربي , وثانيا وهو نتيجة للاول ان النهضة اللغوية تعلما وتعليما وترقية صارت هدفا وغاية عند القوميين العرب , والدليل على ذلك امران , الاول : ان المدارس الحديثة التي افتتحت في بلاد الشام كانت منطلق الفكر العروبي , عبر احياء اللغة العربية وادابها . والامر الثاني : ان الجمعيات والاحزاب القومية كان على رأس اهدافها بحسب قرارات المؤتمر العربي الاول في باريس ( 1913) ان تكون اللغة العربية معتبرة في مجلس النواب العثماني ويجب ان يقرر هذا المجلس كون اللغة العربية لغة رسمية في الولايات العربية , ويضيف دكتور خسارة قائلا : لعل خير ما نلخص به هذا العمل هو نص ما ختم به الشهابي كتابه القومية العربية الذي تتلاقى معظم افكاره مع ما جاء في كتاب الاستعمار بجزأيه وهو قوله(القومية العربية عقيدة قوامها من حيث الفكرة المثالية امران : الاول الشعور والايمان بان الشعوب العربية في جميع اقطارها امة عربية واحدة , وبان اوطان تلك الشعوب اجزاء من وطن كبير واحد هو وطن الامة العربية والثاني ارادة السعي لتحقيق الاهداف السياسية والاقتصادية والثقافية لهذه الامة ). خلاصة القول : جاء الكتا ب بوقته الضروري , والامة تعاني التمزق والفرقة وتعصف بها رياح هوجاء, ولكنها غير قادرة على اقتلاعها , ما دامت سورية نبض العطاء قوية , وما دامت ترابط على التخوم دفاعا عن كل المقدرات , الكتاب رحلة شائقة في حياة وعطاء الامير الشهابي , يقع في 300صفحة من القطع الكبير . |
|