تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


استنساخ تجارب الفشل!

دراسات
الأربعاء 16/1/2008
لم يخف ستيفن هادلي مستشار بوش للأمن القومي الأهداف الرئيسة من زيارة الرئيس الأميركي الحالية لعدد من دول المنطقة, وقد تحدث عنها في مؤتمر صحفي عقده أوائل الشهر الحالي في واشنطن.

وهذه الزيارة برأي هادلي تهدف لتأكيد التزام الولايات المتحدة بأمن حليفتها إسرائيل ومحاولة إيجاد حلف ضد إيران.. وهذا يعني أن واشنطن تسعى بشكل حثيث لتعميق الخلافات بين الدول العربية وإيران من خلال إظهار طهران وكأنها الخطر الداهم الذي يهدد العرب ودول الخليج خاصة.. وبالفعل ما كادت قدما بوش تطأ أن أرض الكويت حتى بدأ بتوجيه التحذيرات إلى إيران متهما إياها بتقويض الأمن في العراق والخليج ومطالبا بتقوية (التحالف) ضدها مقدما معلومات مزورة لتأليب دول الخليج ضد إيران المسلمة والبلد الجار الذي يسعى لبناء أفضل العلاقات مع جيرانه العرب, ولم يأل بوش جهدا في محاولاته الرامية لإقناع الدول العربية بأن إيران تشكل الخطر الرئيسي لعزلها وإضعافها ومحاولة التضييق والضغط على كل من يتحالف معها من العرب الرافضين للاحتلال والهيمنة.‏

وبالفعل فقد ترافقت زيارة بوش الحالية باستعراض واضح للقوة للتأكيد أن أميركا ستبقى القوة المسيطرة على المنطقة من خلال إرسال رسائل واضحة لدول المنطقة والعالم ومن خلال الإصرار على أن تقرير الاستخبارات الأميركية بشأن إيران لم يزد الإدارة الحالية إلا إصرارا على تنفيذ مخططاتها بشأن منع إيران من الاستفادة من الطاقة النووية حتى وإن كانت لأغراض سلمية, كما أكد تقرير الاستخبارات الأميركيةالذي أوضح أن برنامج إيران النووي هو برنامج سلمي.‏

إذا كانت هذه هي أهداف زيارة بوش للمنطقة, فماذا يبقى للعرب أن يقولوا وقد تحدث بوش عن دولة فلسطينية في نهاية ولايته وهي دولة على الورق, هذا إذا تم الإعلان عن قيامها فخطابات بوش وتصريحاته نعت قرارات الشرعية الدولية وقررت إلغاءها من القاموس السياسي للإدارة الحالية, وهي دفنت معها مبادرة السلام العربية التي تصر على الحل الشامل والعادل للصراع العربي - الصهيوني.‏

لقد قدم بوش لإسرائيل 30 مليار دولار للتسلح على مدى عشر سنوات أي لتبقى حليفة واشنطن متفوقة على العرب مجتمعين لعقود قادمة, وقدم لها ضمانات لتكون دولة لليهود بكل ما يعنيه هذا من منع حق العودة للفلسطينيين إلى ديارهم وتغيير الحدود من خلال الدوس على القرارات الدولية التي تدعو لانسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ الخامس من حزيران عام .1967‏

ويعرف القاصي والداني أن بوش وعد بإقامة دولة فلسطينية في العام 2005 ثم تراجع عن وعده لكنه في العام الذي سبقه أعطى ( إسرائيل) ضمانات ببقاء المستوطنات المقامة على الأراضي المحتلة. إذاً الكلام المعسول عن دولة فلسطينية مستقلة والكلام المسموم عن خطر إيراني مزعوم والحديث عن تطرف واعتدال ومكافحة الارهاب ونشر الحرية وإرساء دعائم السلام وتحقيق الرفاهية والكلام الممجوج عن دعم الديمقراطيات الناشئة أو الوليدة في المنطقة ما هي إلا محاولات ترمي لربط المنطقة بشكل أوثق بالولايات المتحدة ومخططاتها الرامية للهيمنة والسيطرة الكاملتين اقتصاديا وعسكريا وسياسيا وثقافيا أيضا.‏

إن المتتبع لزيارة بوش إلى المنطقة يرى أن برنامجها قد رسم بعناية فائقة ليخدم المصالح الأميركية والإسرائيلية بالكامل دون النظر بالاعتبار لأي دولة أخرى, أما شعوب المنطقة فيقدم لها بوش وعودا فارعة آملا أن تلوكها تلك الشعوب وتنسى مصائبها مع الاحتلال الأميركي في العراق والكوارث التي تتعرض لها جراء الاحتلال الإسرائيلي لأراضيها والعنصرية المروعة التي تمارسها إسرائىل ضد الشعب الفلسطيني والعرب أجمعين.‏

وإذا كانت إدارة بوش قد عودتنا خلال السنوات السبع الماضية على الكذب والخداع فهي لن تتمكن من خداع العرب مرة أخرى وبنفس الطريقة فقد استخدمت نفس الأساليب عندما غزت العراق واحتلته وهي الآن تكرر نفس السيناريو, لكن الظروف تغيرت, ويبدو أن إدارة بوش لا تريد التعلم من دروس التاريخ القريب والبعيد وهي ماضية في ارتكاب الحماقات.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية