تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


عاصمة الثقافة العربية

أبجد هوز
الأربعاء 16/1/2008
خطيب بدلة

أقول جادا , بل و متهيبا ً: يليق بدمشق , المدينة التاريخية , العظيمة , الرائعة , الخالدة , ان تكون عاصمة للثقافة العربية , و الاسلامية , و المسيحية , و الانسانية ..و عاصمة للمحبة , و التآخي , و الجمال و المجد و الفن .. و عاصمة للعواصم جميعاً.

ولكن ..ماذا عن الثقافة العربية التي ستكون دمشق عاصمة لثقافتها في هذا العام ?‏

و هل بقي عند السادةالعربان ثقافةلتكون دمشق او غير دمشق عاصمة لها ? إنك الآن , و بلمسة صغيرة من جهاز الريموت كونترول , تستطيع ان تقلب اكثر من ثلاثمئة محطة فضائية عربية , حكومية و غير حكومية , تبث ( ثقافتها ) على مدار الأربع و العشرين ساعة , و تنزل في الناس تثقيفا , على ابي جنب !‏

ترى محطة يتزاور فيها رجلان غاضبان مثل ديكين للنقار احدهما يدعو المواطنين العرب الى الديمقراطية الامريكية , و الثاني يطالبهم بالركون الى الاستبداد الشرقي , بوصفه الحل الوحيد للمعضلة !ثم يتلاسنان , و يتشاجران , و يتقاذفان التهم و الشتائم , و يصل ضغط المشاهد الى العشرين , و تنتهي المقابلة ,و تبقى الديمقراطية الحقيقية خارج نطاق البحث .‏

ترى محطة تصل الليل بالنهار و هي تضخ على اسماع المشاهدين و ابصارهم دعاوى الفتن الطائفية و المذهبية.‏

ترى عشرات المحطات التي تبث جملة غنائية واحدة , او جملا متشابهة الى حد الالتباس , يؤديها مطربون لهم من طراز ( السكسوكة), ترقص على انغامها نساء عاريات على طريقة تدوير الرأس و لف الشعر بعكس اتجاه عقارب الساعة , .. و يبقى الطرب الحقيقي الذي يدل على الثقافة العربية البائدة خارج نطاق التغطية .‏

ترى محطة تستضيف الخبراء الاستراتيجيين العرب الموالين لأنظمتهم , و كل واحد منهم يحاول ان يوهم المشاهدين بأن نظام الدولة التي يدافع عنها هو الصحيح , و الباقي ..فراطة!‏

ترى مشايخ لا يدري احد من اين جاؤوا بشهاداتهم التي تخولهم اطلاق الفتاوى مثل زخ المطر , يزحمون المحطات الفضائىة بمواعظهم التي تكاد تنحصر في امرين , أحدهما يتعلق بضرورة اطاعة أُولي الامر , و ثانيهما يحلل تعدد الزوجات و يدعو اليه بشغف ,مع ضرورة ان تمعن المرأة في الخضوع للرجل الى درجة تتجاوز درجة العبودية التي نهى عنها الدين الحنيف نفسه . و ترى في ذيل كل محطة سيلاً عارما من رسائل الموبايل القصيرة التي تشير الى ان فلاناً الحلبي يريد ان يتعرف على بنت من اربد , و فلانة المصرية الشقراء بودها كويتي أسمر , و البنت الصومالية مشتاقة لابن نجران الذي لا يفتح الشات .., الى آخر ما هنالك من رسائل عامرة بالركاكة و الاخطاء الإملائية و سخف المعاني .. و مع هذا , و لأننا محكومون بالأمل , سننتظر ما ستقدمه لنا عاصمة الثقافة العربية على موائدها العامرة .‏

medras@scs- net. org‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية