|
القمم العربية قمة الرباط 1969: استراتيجية موحدة في مواجهة اسرائيل قمة الرياض: توحيد الصف ولم الشمل العربي ** تحتضن اليوم عاصمة المملكة العربية السعودية الرياض القمة العربية التاسعة عشرة, والتي أطلق عليها قمة التضامن وقمة لم الشمل وتوحيد الصف والاتفاق على موقف عربي قوي في مواجهة التحديات الكثيرة والمتشعبة والخطيرة التي تهدد الأمن العربي والمصير العربي, الذي ينبغي المحافظة عليه كالمحافظة على حدقة العين. وتعتبر هذه القمة بحق, قمة الاختبارات الصعبة نظرا للظروف الخطيرة جدا التي يعيشها العرب في الظروف الراهنة. ونقول قمة الاختبارات لأنه على اساس نتائجها والقرارات التي ستتخذها سيتحدد مدى جدية العرب في تجاوز وانهاء الحالة المأساوية التي تعاني منها منطقتنا العربية والاقليمية وعلى مدى تصميمهم على مواجهة مختلف المخاطر والتحديات الموجودة اليوم على الساحة, والتي كان من الممكن التقليل من مخاطرها, لو لم يكن التنسيق العربي أو على الأقل الحد الأدنى من التضامن العربي غائبا أو شبه غائب, هذا الغياب الذي استغله البعض من أعداء العرب أسوأ استغلال , خاصة الكيان الصهيوني الذي أمعن في اعتداءاته على العرب, واستمراره في احتلال الأرض العربية ومتابعة محاصرة الشعب الفلسطيني وفرض الجوع والتشرد والقتل على أبنائه الأبرياء واستمراره في الاعتداءات اليومية على لبنان وشعبه ومقاومته الباسلة, ورفضه الاستجابة لاستحقاقات السلام ومبدأ الأرض مقابل السلام التي أقرتها قرارات الشرعية الدولية ولاسيما القرارات ,242 ,338 194 واستكمال تنفيذ القرار 425 الخاص بلبنان والقاضي بالانسحاب الكامل من جنوبه الذي مازالت أجزاء منه تحت الاحتلال الاسرائيلي. والمهم, كما كان دائما ليس فقط اتخاذ القرار ات, رغم اهمية ذلك ولكن الرئيسي هو تنفيذ القرارات التي تتخذها القمة والمطلوب اليوم من قمة الرياض, إعادة الحياة للتضامن العربي في وجه الطامعين والمتربصين بالعرب في كل مكان, ودعم الشعب العراقي الشقيق في كفاحه من أجل جلاء القوات الأميركية وحلفائها من أرضه الطيبة ودعم الشعب العربي الفلسطيني في استعادة حقوقه المغتصبة في اقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم كحق مقدس لايمكن لأحد أن يتخلى عنه, فالتخلي عن هذا الحق هو تخلٍ عن الكرامة والهوية والحق المشروع للشعب العربي الفلسطيني المشرد منذ أكثر من خمسين عاما. ولابد من القول إن مجرد انعقاد القمة العربية الشاملة اليوم هو انتصار وكسب لمجموع العرب, خاصة إذا ما استطاعت إنهاء عدد غير قليل من الخلافات أو على الأقل وضع حد لها .لاشك أن نجاح القمة بالمعايير الوطنية والقومية يعني الاتفاق على دعم السلام العادل والشامل والقائم على مقرارات مؤتمر مدريد وفي طليعتها مبدأ الأرض مقابل السلام وعلى قرارات ومبادرة قمة بيروت التي أجمع الزعماء العرب على أن تكون جوهر قمة الرياض وفي صدر جدول اعمالها. ونظرا لأهمية انعقاد القمم العربية عموما فسنحاول العودة ولو بشكل مختصر إلى تلك القمم وأبرز وأهم القرارات الصادر عنها لأن العودة إلى الماضي والتذكير به, له دائما أهمية راهنة لكونه قد يساعد على التوافق والاجماع في اتخاد الخطوات العملية لحل المعضلات والمشكلات التي يواجهها العرب اليوم. والهدف من ذلك وضع هذه المؤسسة القمة العربية في اطارها التاريخي بوصفها اطارا للعمل العربي المشترك, دون مبالغات تؤدي بنا إلى ضبابية الرؤية, ولاسيما أن العرب اليوم بأشد الحاجة إلى تصويب الرؤية العربية ورفع مستوى وعي المتغيرات الحاصله في منطقتنا والعالم, ومعرفة الصديق من العدو وتحديد المواقف قدر الامكان. دون الوقوع في الوهم. فمقياس نجاح أي عمل عربي موحد هو آثار نتائجه على أرض الواقع الفعلي. ولنبدأ بطرح السؤال المفصلي التالي: لماذا تعقد القمة العربية? هل للاستجابة للرأي العام العربي الشعبي في إطار أحداث معينة, أم تعقد تحقيقا لمصلحة عربية عليا لا يمكن بلوغها إلا بالتئام شمل الرؤساء والملوك العرب? أم تعقد هذه المؤتمرات ردا على أحداث عربية أوعالمية تكون قد هزت المنطقة واستدعت بالضرورة اجتماع الزعماء العرب لتحديد موقف مشترك أو متقارب حيالها? وللإجابة على هذه التساؤلات لابد من العودة إلى ذاكرتنا التاريخية لظروف انعقاد القمم العربية والقرارات التي صدرت عنها. قمة الاسكندرية ايار عام 1946: عقدت أول قمة عربية في جمهورية مصر العربية والرؤساء العرب في قصر أنشاص في الاسكندرية ودعت إلى الحفاظ على عروبة فلسطين ووقف الهجرة اليهودية. واعتبرت أن قضية فلسطين كانت, ولاتزال الموضوع الرئيس للقمة. ومن ثم توالت مسيرة القمم العربية, ونتناولها هنا بصورة سريعة: قمة بيرت 1956: عقدت على أثر العدوان الثلاثي على مصر, وطالبت القمة بالانسحاب الفوري وغير المشروط لقوات الاحتلال من مصر, وأعلنت دعمها لكفاح الشعب الجزائري من أجل الاستقلال. قمة القاهرة 1964: سعت إلى اتخاذ موقف عربي مشترك لمواجهة مشاريع إسرائيل الهادفة إلى تحويل مياه نهر الأردن, وأنشأت القيادة العربية العليا الموحدة وأوكلت إلى أحمد الشقيري, أمر تنظيم الشعب الفلسطيني وفي 28 أيار 1964 أعلن عن إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية. قمة الإسكندرية أيلول 1964: بحثت وسائل استغلال الروافد العربية التي تصب في نهر الأردن ووسائل الدفاع عن تنفيذ هذه الأعمال في حال تحرك (إسرائيل) لمنعها, وأبرمت القمة قرار منظمة التحرير الفلسطينية بإنشاء جيش تحرير فلسطين. قمة الدار البيضاء أيلول 1965: وضع ميثاق للتضامن العربي عرف باسم (ميثاق الدار البيضاء). قمة الخرطوم أيلول 1967: عقدت هذه القمة بعد نكسة حزيران العربية في حزيران, دعت إلى حرب تحرير شعبية ضد (إسرائيل), وتبنت هذه القمة (اللاءات) العربية الثلاث: لا للاعتراف, لا للتفاوض, لا للصلح, ولكنها رفعت الحظر النفطي عن الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا الغربية التي أيدت العدوان الصهيوني. قمة الرباط كانون الأول 1969: عقدت لوضع استراتجيا عربية موحدة لمواجهة (إسرائيل), ولكن لم يتفق العرب على نشر بيان ختامي, وتميزت هذه القمة بمنح منظمة التحرير الفلسطينية ولأول مرة حق التصويت. قمة القاهرة أيلول 1970: عقدت على أثر الاشتباكات العنيفة في الاردن بين الاردنيين والفلسطينيين. ولم تعقد جلسات عامة وتحولت إلى مشاورات بين رؤساء الدول, لم تدرجه في السجلات الرسمية للقمم العربية, بعد يومين من انتهائها توفي عبد الناصر. قمة الجزائر تشرين الثاني 1973: اعترفت القمة بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني, وحددت لأول مرة شرطين للسلام مع إسرائيل هما إعادة الأراضي العربية التي احتلت عام ,1967 وإقرار الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. قمة الرباط تشرين الأول 1974: كرست منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني وحق هذا الشعب في إقامة سلطته على أي شبر يحرر من أرضه. قمة الرياض تشرين الأول 1976: بحثت أزمة لبنان وقررت وقف إطلاق النار في لبنان وإرسال قوات ردع عربية لحفظ السلام هناك. قمة القاهرة تشرين الأول 1976: استكملت قمة الرياض ووافقت على قراراتها. قمة بغداد تشرين الثاني 1978: أكدت رفض اتفاقات كامب ديفيد, ودعت مصر إلى العودة إلى الصف العربي, وحظرت على أي دولة عربية عقد صلح منفرد مع إسرائيل أو التدخل في شؤون المقاومة الفلسطينية. قمة عمان تشرين الثاني 1980: أكدت دعمها لوحدة وسلامة أراضي لبنان, ووافقت على استمرار مقاطعة مصر ودعم العراق. قمة فاس تشرين الثاني 1981: أعلنت القمة عن تعليق أعمالها على أن تستأنف في وقت لاحق (لم يحدد), بسبب الخلافات بين الدول العربية. قمة فاس أيلول 1982: طالبت بانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلتها في عام ,1967 وإزالة جميع المستوطنات التي أقيمت بعد هذا التاريخ وبحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم والاعتراف بحق جميع دول المنطقة في الوجود في إطار قرارات الأمم المتحدة. قمة الدار البيضاء 1985: نددت بالارهاب بجميع أشكاله. قمة عمان تشرين الثاني 1987: دعم العراق, ونددت باستمرار الحرب بين العراق وإيران, وتركت القمة لكل بلد عربي حرية إعادة علاقاته مع مصر. قمة الجزائر حزيران 1988: طالبت بعقد مؤتمر دولي حول الشرق الأوسط بمشاركة منظمة التحرير, وكررت دعمها لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره. قمة الدار البيضاء أيار 1989: دعمت قراري مجلس الأمن الدولي 242 و338 ولمبدأ (الأرض مقابل السلام). قمة بغداد أيار 1990: دعمت حق العراق في امتلاك جميع التقنيات الحديثة. قمة القاهرة آب 1990: طالبت العراق بغالبية 12 صوتاً جلاء قواته من الكويت وقررت بطلب من الرياض إرسال قوة عربية مشتركة إلى الخليج. قمة القاهرة حزيران 1996: بحثت تداعيات وصول اليمين الإسرائيلي المتمثل بحزب الليكود إلى الحكم وتأثير ذلك على عملية السلام, أكدت مبادىء السلام المعروفة (الأرض مقابل السلام). قمة القاهرة آذار 2000: دعم انتفاضة الأقصى وإدانة دخول شارون إلى المسجد الأقصى, ووضع أسس لتفعيل مؤسسة القمة العربية, على أن تكون دورية. قمة عمان آذار 2001: إدانة الارهاب, دعم الشعب الفلسطيني في حقوقه المشروعة, التأكيد على التضامن العربي. قمة بيروت آذار 2002: أكدت تعزيز التضامن العربي وتفعيل مؤسسات العمل العربي المشترك وتحميل إسرائيل المسؤولية الكاملة لعدوانها وممارساتها الوحشية على الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية. الاعتزاز بالمقاومة اللبنانية وبالصمود اللبناني الذي أدى إلى اندحار القوات الإسرائيلية من معظم جنوب لبنان وبقاعه الغربي, وتبني مبادرة السعودية للسلام والتي أطلق عليها (مبادرة بيروت للسلام), والمتضمنة: - الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان السوري حتى خط الرابع من حزيران 1967 والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان. - التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ,194 قيام دولة فلسطينية مستقلة حتى حدود الرابع من حزيران 1967 عاصمتها القدس الشرقية. وبعد ذلك: أ- اعتبار النزاع العربي الإسرائىلي منتهياً, والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة. ب- إنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار السلام الشامل. ج- ضمان رفض كل اشكال التوطين الفلسطيني الذي يتنافى والوضع الخاص في البلدان العربية المضيفة. وأعرب المؤتمر عن تقديره البالغ للجمهورية اللبنانية وفخامة الرئيس اميل لحود رئيس الجمهورية وشكره العميق لفخامته على قيادته الناجحة لإدارة أعمال القمة بأعلى درجات الحنكة السياسية والحكمة الناضجة والمسؤولية الواعية. ومن ثم عقدت لقاءات قمة في شرم الشيخ (مصر آذار ,2003 وتونس ايار ,2004 وقمة الجزائر آذار ,2005 والخرطوم آذار 2006). لا شك أن القمم العربية, رغم كل المعوقات والاخفاقات والانتقادات, ستبقى عنواناً بارزاً في حياة الشعوب العربية, لما لهذه المؤسسة من دور مهم في حلحلة الخلافات العربية العربية, وترسيخ مبدأ الانتماء لهذه الأمة التي لها الحق في الحياة و أن يكون لها تأثير ودور بارز في الساحتين الاقليمية والدولية ودون وحدة الكلمة والتضامن الفعال لن يكون للعرب الدور الذي من المفترض أن يكون لهم في حياة العالم المعاصر. وتتطلع الشعوب العربية إلى قمة الرياض, لتكون مناسبة متجددة في هذا التوجه الذي يحفظ للعرب هويتهم وكرامتهم وحقوقهم المشروعة, وينقلهم إلى مستوى القدرة على مواجهة مؤامرات اعدائهم القابعين فيما وراء الاطلسي وإسرائيل الصهيونية, وبوحدة العرب يمكن تحرير العراق وفلسطين والجولان العربي السوري والجنوب اللبناني واستعادة الحقوق العربية المغتصبة كافة. |
|