تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حديث أبي المراديس...في المقهى

آراء
الأربعاء 28 /3/2007
خطيب بدلة

الأول: السلام عليكم.

الثاني: وعليكم السلام.‏

الأول: أين كنت مختفياً? اتصلت بك هاتفياً أكثر من عشر مرات ولم يرد علي أحد.‏

الثاني: كان خطي مقطوعاً, الله لا يقطعك, ولا يقطع أحداً من سلالتك, أو من أحبتك.‏

الأول: ولماذا خطك مقطوع? لعلك وجدت في فاتورتك بنداً يتضمن قيمة مكالمات مع أرقام في دول لا تعرف أين تقع على الخريطة, ولا تعرف إن كانت صديقة لشعبنا المعطاء أم معادية له.., وحينما راجعت مؤسسة الاتصالات وحلفت لهم على المصحف الشريف بأنك لم تتصل بأي من هذه الأرقام, لم يصدقوك, وقالوا لك بلهجة شبه عسكرية: (ادفع ثم اعترض!), وأنت لم تتمكن من التنفيذ, يعني الدفع, فقطعوا لك الخط!‏

الثاني: لا والله يا صاحبي, كل هذا لم يحدث, أصلاً أنا حجبت الصفرين القطري والدولي منذ زمن بعيد, ولكنني, بصراحة, سحبت فيش الهاتف من تلقاء نفسي, ووضعت الجهاز في الخزانة, وأقفلتها, وخبأت المفتاح في مكان لا يصل إليه الجن الأزرق.‏

الأول: وجَوَّالك منذ الصباح وهو خارج التغطية, وأنا قلت لنفسي, إما أنه مسروق, أو أنك لم تدفع الفاتورة في ميعادها فحرقوا لك البطاقة.‏

الثاني: لا والله يا حبيبي, الجوال أنا قفلته بملء إرادتي وحسن اختياري.‏

الأول: يحرق حريشك في الأماكن المخصصة لحرق الحريش. هل ستقول لي إنك عطلت جرس الباب, أيضاً, وإذا قرعه أحد بقبضته أو ببوز قدمه ستطنش ولا ترد عليه?‏

الثاني: يا سيدي, ليس هذا وحسب, بل إنني لصقت قطعة (بلاستر) على العين السحرية, كيلا أرى أحداً ولا يراني أحد.‏

الأول: هل تريد الحق أم ابن عمه? أنت صاير- كما يقولون في الراديو- انعزالي! يا ترى ما هي الأسباب التي جعلتك تقوم بكل هذه الأفعال?‏

الثاني: هه! وكأنك لا تعرف ما هي الأسباب! أخي بالجبيسي الفصيح: انتخابات مجلس الشعب بدأت, وأنا ليس لدي ثياب.‏

الأول: ثياب? وما علاقة الانتخابات بالثياب?.. لعلك تريد أن ترشح نفسك وليس لديك ثياب ترتديها للوجاهة ومقابلة الحكام.‏

الثاني: لا.., الآن ذهب تفكيرك إلى مكان بعيد.‏

الأول: فما قصة الثياب إذن?‏

الثاني: هي قصة طويلة ومعقدة وتوجع الرأس.‏

الأول: وأنا سأضحي بوجع رأس في سبيل أن أروي فضولي فأعرف الحقيقة.‏

الثاني: حسناً, في انتخابات مجلس الشعب الماضية, خرجت إلى الشارع في أول يوم من أيام الحملة الدعائية, واستلمني الوشيشة (يا هالك يا مالك يا قباض الأرواح!).‏

الأول: الوشيشة? يعني أنت ذهبت يومها إلى الكراجات?‏

الثاني: لا, قصدي الوشيشة من جماعة المرشحين. الأول يشدني من كمي, والثاني يشدني من طرف قميصي.‏

الأول: أرجوك لا تقل إنهم شدوك من بنطالك أيضاً!‏

الثاني: علي الجيرة, كأنك كنت معنا يومها, فقد تمزقت ثيابي عن بكرة أبيها, والقبعة التي أخبىء بها صلعتي وقعت على الأرض, وداسها الشباب بأرجلهم دون أن يكلفوا أنفسهم عناء الانحناء والنظر إليها بشفقة.‏

الأول: على كل حال.. عسى ألا تكون شقشقة الثياب قد ذهبت سدى? قصدي, أخيراً, هل انتخبت المرشحين الذين يتبع لهم هؤلاء القوم الوشيشة أم لا?‏

الثاني: يا سيدي انتخبناهم, انسجاماً مع منطوق المثل القائل (الحي أبقى من الميت).‏

الأول: وبعدما انتخبتهم, ما الذي جرى? أخشى أن تكون قد ندمت على ما فعلت?‏

الثاني (يحك رأسه): آ?.. أنا?.. ندمت? أخي إذا أنا ندمت أم لم أندم, أنت لماذا تصر على طرح هذه الأسئلة التي ليس لها طعمة? ناد على الجرسون إذا سمحت, واطلب لي.‏

الأول: ماذا اطلب لك?‏

الثاني: اطلب لي نفس تنباك عجمياً وكأس شاي مطعمة على خابية, خلنا نداو الخرم ونبل ريقنا.., وإذا سمحت, وإذا كنت تريد أن نبقى أصدقاء, بعد هذه المرة لا تدخل معي في سيرة الانتخابات. خلنا في المفيد حبيبي!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية