تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كلاب أميركا

آراء
الأربعاء 28 /3/2007
د. هيفاء بيطار

من حسن حظ المناضل الشهيد مصطفى درويش أنه متوف, كي لا يرى ويسمع ابنته الناشطة الأميركية من أصل مصري تدافع باستماتة عن اسرائيل.

تنكرت ابنة المناضل الشهيد مصطفى درويش لاسمها, واختارت اسم نوني.‏

السيدة نوني درويش اميركية من أصل مصري, عاشت ثلاثين عاماً في مصر ثم سافرت إلى أميركا وهي تعيش فيها منذ ثلاثين سنة تقريباً.. والدها قاد عمليات فدائية ومقاومة في فلسطين ضد اسرائيل, واعترفت اسرائيل أنها قتلته... فماذا كان من ابنته السيدة نوني:‏

بكل بساطة تعلن أمام العالم اجمع, والأهم أمام المسؤولين الاسرائيليين أنها سامحتهم تماماً بقتل والدها! وبأنها تكن كل الحب والمودة للاسرائيليين وتطالب العرب جميعاً خاصة الفلسطينيين أن يعطوا الأمان لإسرائيل!!‏

كلام يجبرك أن تشعر أن الدنيا تمشي بالمقلوب, ويستفزك لدرجة تفقد القدرة على الرد المنطقي على كلام السيدة نوني, ويدفعك رغماً عنك لانفلات قصف من الشتائم اللاذعة لمنطق السيدة نوني إن سمينا كلامها تجاوزاً منطقياً.‏

وحين يصفع المحاور السيدة نوني بالمجازر والجرائم التي تقوم بها اسرائيل في حق الفلسطينيين والعرب, يكون ردها بكل برود: (نحن غلطنا وهم غلطوا. ولو حنبتدي نعد لبعض أخطائنا مش حنخلص)!!‏

رد سخيف سطحي تافه, كما لو أنه عبارة في فيلم مصري, بين صديقين متخاصمين...‏

ثم تشهق وتستنكر أن بعض العرب اتهموا اسرائيل بتفجيرات 11 أيلول وتقول وهي تقاوم دموع القهر.... تصوروا أننا اتهمنا اسرائيل ب11 أيلول! حرام, صدقاً حرام, يجب أن نعطي الأمان لاسرائيل!‏

أكثر من عشر مرات كررت السيدة نوني, وأثناء الحوار الذي استغرق نصف ساعة, أن على العرب أن يعطوا الأمان لاسرائيل, وأن على حماس أن تعترف تماماً باسرائيل, وهي تحيي أي عربي يسعى للسلام مع اسرائيل.‏

وتنتقد الجالية المسلمة خاصة في أميركا, لأن خطباء الجوامع يحرضون تلك الجالية ضد اسرائيل, لذا امتنعت السيدة نوني عن الصلاة في الجامع وصارت تصلي في الكنيسة!!‏

وحين ذكرها المحاور بأن الإسلام دين سلام ومحبة, وأن الكثير من المسلمين لا يريدون حرباً مع اسرائيل, قاطعته بنزق وقالت: لم يعد يهمني أي شيء طالما أن 3000 أميركي ماتوا في 11 أيلول.‏

ومن بين السموم التي بثتها على الشاشة وتبثها باستمرار في كتبها ومحاضراتها في أميركا, بأن اسرائيل الإنسانية! أعادت غزة للفلسطينيين فماذا حدث, أخذ الفلسطينيون يقصفون اسرائيل بالقنابل!‏

هذا قليل من كم السموم والأكاذيب التي تدافع عنها السيدة نوني درويش, لتجميل صورة اسرائيل, بل لإظهارها بمظهر الضحية المسكينة المظلومة التي تطالب أن يرحمها العرب ويشعرونها بالأمان!‏

أستغرب أن مصرية ولدت في مصر وعاشت فيها حتى الثلاثين من عمرها ووالدها شهيد مات في إحدى العمليات الفدائية ضد اسرائيل... إنسانة مثلها تسامح بدم والدها, وتعلن ولاءها التام لاسرائيل تحت ستار مخادع: السلام....‏

بكل وقاحة تتناسى السيدة نوني أن اسرائيل اغتصبت أرض فلسطين وبأنها ارتكبت - ولا تزال - مجازر مروعة بحق الفلسطينيين والعرب..‏

وترد على من يسألها ويذكرها بمجازر اسرائيل, نحن غلطنا وهم غلطوا!!‏

وتعتبر أن مسامحتها لاسرائيل على قتل والدها, قمة في النبل والتسامح من قبلها..‏

كما لو أن التسامح يعني أن يشكر القتيل قاتله! لاعدالة ولا حق, ولا إنصاف ولا كرامة, ولاحقوق إنسان, ولا مغتصب, كل ما ذكرته لا وجود له عند السيدة نوني... السيدة التي تنكرت لاسمها, واختارت أن تكون نوني!‏

يمكنني أن أفهم الضعف الإنساني, والظروف التي تدفع الكثير من الناس ليرتكبوا أخطاء عديدة... لكن لا أجد مبرراً واحداً لأي إنسان كي يخون, كي يتنكر لقضية الحق والعدالة... كي يبيع دون أن يرمش لهم جفن دم آلاف الشهداء والأطفال والنساء...‏

ذكرتني السيدة نوني بعبارة لغويا: انعدام الضمير يولد الوحوش.‏

امرأة مثلها مات ضميرها... لأنها تستطيع أن تتفرج على مجازر اسرائيل في فلسطين وتدافع عن المغتصب ,تنادي في أميركا بحماية اسرائيل وتحث العرب أن يعطوا حبيبتها الأمان.. وتكرر بتباه أنا أميركية وأحب أميركا, وأميركا بلدي, لكن أيضا أنا أحب مصر..‏

الغرب ذاته يطلق على نوني وأمثالها... وهم للأسف يتكاثرون - عرب من أجل اسرائيل. عرب خانوا وباعوا ضمائرهم, وزوروا الحقائق التاريخية من أجل مكاسب معينة.‏

كم قبضت يا سيدة نوني ! كم دفعوا لك ثمن مسامحتك بدم والدك, وكم دفعوا لك حين طالبت بالأمان والحب لإسرائيل?!‏

والمحاضرات والكتابات التي تسخرينها لخدمة اسرائيل كم تساوي! ملايين أم مليارات?!‏

أي عار هؤلاء المثقفون العرب الذين باعوا ضمائرهم وانبطحوا أمام أميركا واسرائيل, مقدمين الولاء والطاعة, راضين بالفتات الملقى لهم.. أي إنسان ساقط ذلك الذي يوجه طعنة الخيانة لوطنه وشعبه وللحق والإنسانية...‏

رحم الله الفدائي مصطفى درويش, الذي رحمه الله وأجله مرتين مرة بمنحه شرف الشهادة, ومرة بإعفائه من التفرج على سقوط ابنته.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية