|
آراء الذي بموجبه يستطيع أحدنا الانتقال من قناة فضائية الى قناة أخرى بكبسة زر.
في الصورة رقمان الأول هو الرقم (8) والثاني هو الرقم (14). وبطبيعة الحال فإن أحداً لا يعجز عن قراءة ماذا يعنيه هذان الرقمان, وذلك في سياق قراءة الأحداث اللبنانية. بيد أن ما أضافه المصور على الرقمين كان هو اللافت للانتباه بالدرجة الأولى. ففي وسط الرقم (8) بالحرف اللاتيني وبين دائرتيه, أي في موقع الخاصرة منه أضاف عن يمين الرقم وشماله ذراعين تنمان عن حركة تساؤل, وأما الرقم (14) فقد اتخذ الجانب المتصل بالرقم (1) هيئة رجل منتصب القامة بينما تتشكل من نهايتي الرقم (4), من جهتي اليمين والأسفل قدمان تخطوان الى الأمام بزهو وبثقة! وفي أعلى الرسم عبارة (عجبك? مين راح يحركنا بعد?) بطبيعة الحال, مثل هذا الرسم حين يستوقف الناظر إليه, لابد أن يثني, تلقائياً, على بداهة الرسام. ولكنه, في الوقت ذاته, لابد أن يتهمه بتجاهل الحقيقة, وهي أمام أعيننا جميعاً ساطعة كالشمس في كبد السماء في حالة صفاء. والحقيقة هنا تقول بوضوح إن المحركين الفعليين في لبنان قبل وبعد وفاة مخترع جهاز ال (ريموت كونترول) هم كثر. ولكنهم بعد حادثة وفاة المخترع صعدوا الى سطح الأحداث في البلد الشقيق, وبينهم, بل وفي مقدمتهم المحركون وراء فريق السلطة الحالية في لبنان, وأسماؤهم ليست خافية على أحد: بدءاً بالرئيس الأمريكي جورج بوش وانتهاء بوزير دفاعه روبرت غيتس, مروراً بنائبه ديك تشيني ووزيرة خارجيته كوندوليزا رايس, هذا فضلاً عن دخلاء أجانب آخرين في الشأن اللبناني من خارج الإدارة الأمريكية وفي المقدمة من هؤلاء الدخلاء قادة إسرائيل الحاليون. من زاوية معرفة هؤلاء وأولئك, وعدم إخفاء أنفسهم على غرار تحرك السفيرين الأمريكي والفرنسي في لبنان, فإن تجاهل الواقع يبدو لنا أمراً غريباً, وخصوصاً عندما يكون السؤال (مين راح يحركنا بعد?) المحركون كثر ولا أظن أن الرسام, وهو الأشهر بين رسامي الصحف اليومية كما أقدر, لا أظن أنه يجهل الواقع, بل هو أيضاً يتجاهل المحركين وأدواتهم في تعطيل وعرقلة وصول لبنان الى شاطئ الأمان, خصوصاً في زمن جرّنا ويجرنا يومياً الى استذكار ظروف استعمار منطقتنا العربية قبل حوالي مئة عام. إن العودة بأوضاع منطقتنا الى ما قبل مئة عام وتهيئة الظروف فيها لتكون مرتعا للاستعمار الحديث بقفازات مخملية, وبوعود معسولة, قد تعني الكثير بالنسبة للباحثين عن المحركات المرغوبة لديهم, دفعا لهم باتجاه حماية مصالحهم الشخصية والضيقة, ولكنها لدى أبناء الأرض والمدافعين عن هويتها وعن تاريخها حاضرا ومستقبلا, لا تستدعي حماية المصالح الشخصية انتظار أي نوع من أنواع المحركات, لأن أصداءها الوطنية سوف تبقى تتردد في أعماق نفوسهم أولاً وقبل أي شيء آخر. من هنا لا تستدعي وفاة مخترع الجهاز المذكور التساؤل الذي توج به الرسام الشهير رسمه بعبارة (عجبك). Dr-louka@maktoob.com |
|