تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أندريه موروا.. الكتابة من الداخل!

فضاءات ثقافية
الثلاثاء 4-6-2013
لميس علي

من الداخل، كان أن عاين.. وخاض تجربة (الحرب).. خبرها.. وعايشها.. دون أن يكتفِ بمجرد المقاربة أو الحديث عن بُعد ومسافة فاصلة كفيلة بجعل كتابته جافة..

ولهذا يمكن لنصوصه التي جاءت من عمق مغامرة (الحرب) أن تضحي بطعم ولون ورائحة مميزة.‏

لكن.. أي لون أو رائحة أراد أن تنبعث منها؟‏

خبر الكاتب الفرنسي أندريه موروا تجربة الحربين العالميتين. في الأولى، عمل ضابطاً مترجماً لدى القوات الإنكليزية.. وفي الثانية خدم إلى جانب الجيش الفرنسي.‏

بنباهة من أراد أن يحلل ويتأمل كان أن استخلص، من تجربة المشاركة في الحرب الأولى، روايتين أو كتاباً بجزأين.. هما (صمت الكولونيل برامبل )عام 1981، و(خطابات الدكتور أوغرادي )1922.‏

في الأول، كان موضوعه الأساسي الحرب نفسها. يروي كيف جرت أحداثها وتمت مجرياتها في فرنسا بعيني ضابط إنكليزي مرابط في الأراضي الفرنسية.‏

يختار هذا (الآخر) الإنكليزي ليعطي خلاصة غايته من هذا الكتاب، بأن هناك من ينظر إلى الفرنسيين بطريقة مخالفة ومغايرة للطريقة التي ينظرون بها إلى أنفسهم.. أرادهم أن يتنبهوا إلى هذا الآخر.. وإلى نظرته.‏

في (خطابات الدكتور أوغرادي) يلقي نظرة على الحرب «من الداخل» محاولاً النظر إلى الأمور نظرة عقلانية.. ولهذا تطغى الحوارات على النص. حوارات بين أناس متمدنين.. وبالتالي ما يتجه إليه ليس مجريات ووقائع الحرب إنما تأثيرها بطرائق تفكير الناس وعقلياتهم.. فلا تنديد أو إدانة بمقدار ما أراد فهم آلية تفكير الإنسان (فكره) خلال الحرب.‏

يرصد عبر مؤلّفه ذاك التباين بردود الفعل بين الفرنسيين والإنكليز لطالما كانت فرنسا أرض معركة.. ولهذا اختلفت وجهة نظر (الفرنسي) عن وجهة نظر (الإنكليزي) باعتبار الأول متأثراً على الصعيد الفردي والجمعي.. بينما الآخر يتأثر على الصعيد الفردي كجندي تمّ إرساله إلى هناك.‏

وأندريه موروا هو الاسم المستعار لإميل هيرتزوغ، ولد في السادس والعشرين من تموز عام 1885، وتوفي إثر إصابته باحتقان رئوي في التاسع من تشرين الأول عام 1967.‏

فرّت عائلته التي تعود إلى أصول يهودية من الإلزاس بسبب الحرب الفرنسية البروسية عام 1870، ولجؤوا إلى النورماندي. والده كان صاحب مصنع نسيج. درس أندريه الفلسفة وتعاطف مع الثقافة الأنكلوساكسونية فكتب عن تاريخ إنكلترا والولايات المتحدة: (معجزة إنكلترا) و(أعجوبة أمريكا) كما كتب (معجزة فرنسا).‏

بدأت شهرته الأدبية عندما كتب (صمت الكولونيل برامبل) ثم تلاه بكتاب (أجواء) عام 1928، يناقش فيه موضوعاً اجتماعياً بحتاً يدور حول العلاقة الزوجية. بعده جاء كتاب (الحلقة الأسروية) عام 1932، ثم (غريزة السعادة) عام 1934، ويُذكر له في مجال الرومانسيات: (وجوه الحب السبعة).‏

مع كل ما كتب اُشتهر أكثر في مجال كتاباته عن سير المؤلفين الإنكليز والفرنسيين، فكتب أعمالاً تناولت حياة كل من: شيلي، لورد بايرون، جورج صاند، فيكتور هيغو، الأجيال الثلاثة من عائلة ألكسندر دوماس، بلزاك، بروست، وشاتوبريان.‏

خلال كتابته السير أضاف نوعاً من التحليل لهذه الشخصيات.. فجاءت معالجاته لها عميقة لا سطحية.. وربما كان لدراسته الفلسفة تأثيرٌ في ذلك, إذ استخدم الحوار والدلالات الفكرية الداخلية ما جعل سيره أقرب لأسلوب الروايات.‏

عام 1938، انتخب عضواً في الأكاديمية الفرنسية.. دون أن ينقطع عن ممارسة عمله صحفياً وكاتباً.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية