تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تدمير الوطن السوري غايتهم الكبرى وحلمهم الموعود

شؤون سياسية
الثلاثاء 4-6-2013
بقلم: د. أحمد الحاج علي

من المهم أن ندرك في هذا المقطع من الصراع القائم على سورية أن المحورين الأساسيين اللذين ينكشفان الآن بصورة واضحة هما، محور يعتنق منطلق العمل السياسي ويبحث عن السلام في جوف الركام

و في أساسه أسلوب الحوار ومن خصائصه الكبرى عزل الإرهاب و قواه والتفريق الحاسم بين المعارضة بكل أطيافها والتشكيلات الإرهابية المسلحة القادمة من الخارج أو الناهضة من الداخل على جناح التكفير والظلام وتدمير الحياة و قتل الإنسان.‏

و لهذا المحور الخطر قوى غربية حاضنة هي التي تقوم بمستويات التخطيط و الرعاية و التغذية الأمنية و العسكرية وقد برز بصورة واضحة الدور الأمريكي بصورة مباشرة وفي ركاب هذا الدور بريطاينا وفرنسا و تركيا هذه القوى الاستعمارية التقليدية التي عانى منها وطننا لعقود وقرون مريرة طويلة، وفي تشكيلات هذا المحور الإرهابي أنظمة سياسية في دول الخليج هي أسر مالكة حاكمة وهي ظواهر شاذة مستجدة ملكت الثروة وهي ما زالت تبيع وتشتري للحصول على دور سياسي يؤكد لها أمام ذاتها أنها على قيد الحياة وتتأكد من خلال دورها أنها تنفذ الأوامر الخارجية بدقة وشبق سياسي انحرافي والمال الحرام هو وسيلتها لتفجير الفتنة وشراء الضمائر و تدمير أي موقع حضاري عربي ما زال يشع على العالم كله وما زال يستقبل كل حق أو أمل هارب من المناطق العربية المنكوبة بأنظمتها السياسية وخطابها الديني و الاجتماعي الذي لما يلامس حدود العصر حتى هذه اللحظة، وفي عمق تكوينات هذا المحور القاتل والصدىء يتم تصنيع واستحضار قوى الإرهاب من كل أطراف الدنيا هذه القوى هي مجموعات مفعمة برغبة سفك الدم و مسلحة بالتعصب والجهل و الأحقاد و هي ذات منشأ غير سوي أصلاً، هذه التشكيلات في المحور الخطر هي التي الآن تؤدي هذا الدور ضد سورية في كل مقاطع هذا الدور و مستوياته، والأهداف لدى أتباع هذا المحور مركبة ودموية لذلك حق لنا و لكل مراقب في العالم أن‏

نقول ويقول: إن الهدف في الصميم هو تدمير الوطن السوري، وللقصة أبعادها ودوافعها، ذلك أن الوطن السوري هو التاريخ المشرق الباني والمقاوم عبر آلاف السنين و هو مستودع القيم الانسانية و الحضارية و هو تلك الذاكرة الحية من المواقف و من الشهداء و هو حامل رسالة السلام والتقدم في المنطقة كلها والعالم كله، والوطن السوري سلسلة لا تنضب من المعارك والمواجهات مع المستعمر الفرنسي والبريطاني ومع الاحتلال الصهيوني لفلسطين وسواها و تعرف قوى التآمر و الإرهاب أن لا أمل لمشاريعها في أن تتسلل إلى المنطقة كلها إلا إذا تم تدمير الوطن السوري بجغرافيته ونمط حضارته و ثبات مواقفه التي ماغابت ولا انطفأت في أي لحظة من التاريخ القديم والمعاصر، إنه لا يكفي في مشروعهم المسموم أن يسقط نظام سياسي، أو أن يسفك الدم الحرام أو أن تتغير ميادين المواجهة لتصبح حالة اقتتال في الداخل السوري نفسه كما يتصورون، كان لابد من اعتماد أهداف ثلاثة في المشروع الاستعماري الإرهابي الكبير والواسع، أما الهدف الأول‏

فهو أن يطبقوا على سورية كما فعلوا بأقطار ودول عربية كثيرة وعندهم بأقطار لا مناص من أن يبقى الوطن العربي والعالم الإسلامي تحت نفوذهم ينهبون ثرواته ويسوقون فيه منتجهم الاستهلاكي القاتل نفسيا وجسديا والعرب أمة مرفوضة ومعادية في الذهن الغربي والصهيوني ولذا لابد من إبقاء هذا الوطن العربي في واقع التجزئة والجهل والتبعية وحينما بسطوا أجزاء كبرى من مشروعهم هذا اكتشفوا أن سير المشروع وتطبيقاته يبقيان في لحظة العجز والمراوحة في المكان مالم يتم تدمير الوطن السوري وهو قيمة الصفاء العربي وقوة البناء والمواجهة في هذه الأمة المنكوبة بذاتها والمنكوبة بالآخرين إن هذا الهدف العام هو المقدمة الكبرى للاستراتيجيات الاستعمارية الغربية وماغاب لحظة واحدة عنا وعنهم ولكننا ابتلينا بالصغار والصغائر وبمن سرقوا المال والراية في الوطن العربي حتى تشكلت للاستعمار الخارجي أنظمة وقواعد وأسر حاكمة جاهزة بلهفة لكي تتلقى الأوامر وتغطي متطلبات الانفجار الداخلي في سورية، أما الهدف الثاني فهو أن تجري عملية تأمين للكيان الإسرائيلي بالمعنى السياسي والمصيري والتاريخي وهذا الكيان غير آمن مادام العرب على قيد الحياة لذا لابد من إزالة الهوية العربية وتبديل معالم الحياة في كل بلد وقطر ودولة إن اسرائيل قوية عندها بالضغف العربي وآمنة عندها بالتلاشي العربي السياسي والعسكري والحضاري ولابد أن يمتد هذا الأمان الإسرائيلي إلى عقود وقرون إن أمكن وهذا لايتحقق إلا بتدمير الوطن السوري أما الهدف الثالث والأرعن فهو تزوير منابع الحياة الفكرية والثقافية والدينية ومن هنا حاولوا إلقاء القبض على الإسلام السمح واخترعوا له منابر وأشياخاً وأمراء وملوكاً واتخذوا من سفك الدم الحرام وسيلة ومن لجم مسارات التطور الاجتماعي وسيلة أخرى حتى لكأن الإسلام صار المعادل الواقعي للإرهاب والتخلف والإبداع في قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وتدمير التراث والآثار الحضارية حتى لنبدو جزءاً ممتداً من صحراء خاوية وجزءاً لاحقاً بالتشكيلات البدوية التي لم تدخل الزمن حتى هذه اللحظة إلا على قدر ماينتج المظاهر الزائفة والمقتنيات المادية التي يتغلغل فيها الانحراف الحضاري في حين تبقى الطبيعة الفاسدة مستقرة متغلغلة حتى النخاع في أنظمة وسياسات هذه الأصقاع الخطرة إن المسألة عميقة وبلا حدود حينما نتحدث أو نناقش هذا المحور الذي يتطلع إلى تدمير الوطن السوري ولكن المسألة في التداول وللحق جنوده والأمة مابرحت تنهض وتنبعث صحيح أن الكلفة البشرية والمادية عالية وغالية لكن الحياة الحرة الكريمة كما جسدتها سورية الوطن عبر التاريخ وبما اقتضته هذه الحياة من دور حيوي مميز لسورية العربية وهي تستقبل الحق العربي المطارد وهي تشع على كل المواقع المظلمة والمخطوفة من ذاتها ومن تاريخ البشر في الوطن العربي سورية هذه بكيانها وبدورها وبسياساتها في هذا الزمن الأغبر هي التي تشكل قوام المحور الباحث عن السلام بكثير من النزوع الأخلاقي والاستيعاب الواقعي لحقائق الأزمة ومع سورية قوى وطيدة في الوطن العربي هي الشعب المحصن بالتفوق والوعي وفي نطاق ذلك سورية تقع في عمق قوس المقاومة الممتد من إيران إلى شواطىء المتوسط والعالم مازال يقدم الصديق كما يقدم العدو وروسيا والصين وشعوب أخرى كثيرة هي في محور السلام مادامت سورية هي قلب السلام وعقله وضمانته الكبرى.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية