|
معاً على الطريق وصبرت على الفلفل الحار الذي رشته الشرطة عليها وعلى المتظاهرين المهرولين أمامها ومن حولها.. فيما التقطت العدسات صورها، وبدأت الوكالات والصحف تداولها باعتبارها مفجرة الاحتجاجات التركية على حد وصف صحيفة الزمان مثلاً!! وقبلها، في تونس تحديداً، كان هناك محمد البوعزيزي، الذي قيل أيضاً أنه مفجر الثورة التونسية.. حين أشعل النار بجسده ليصير بدوره " ذو اللهب الأحمر"، مع أن بائع الخضار السعودي محمد الحريصي أحرق نفسه منذ أيام فقراً وقهراً وغيظاً حتى الموت في الرياض.. إلا أن أحداً لم يأبه به وبلهيبه. كذلك كان مقدراً.. وبفعل فاعل قادر وخبيث، أن تفبرك أسطورة مثيلة في مصر اسمها مجدي غنيم.. لو أنه أجاد تمثيل الدور؟ وفي اليمن تم اختراع فتاة باسم توكل كرمان لتكون الصاعق المفجر في "الثورة" اليمنية، فما لبثت أن حصلت على جائزة نوبل كما لو أنها كارل ماركس أو لينين أو تشي غيفارا... وبنفس الطريقة التي حصل عليها باراك أوباما، أي دون مقابل حقيقي سوى أنه " مشروع أسطورة " لصناعة السلام.. ثم ليستقبلها في دوحة الثورات والثوار " المفكر العربي الكبير " المملوء من أخمصيه إلى صدغيه فكراً سياسياً تنويرياً وفلسفات ثورية طليعية كما لم يستقبل نابليون بونابرت تحت قوس النصر في باريس! على هذا النحو من " الأكشن " السينمائي السياسي الأميركي المصنع خصيصاً لعقول منتهية الصلاحية وغير صالحة للاستعمال السياسي، تجري عملية استبدال وإحلال لمفاهيم بدل أخرى ولرموز بدل رموز، بل وتوطين للطارىء على حساب المقيم، ولضربة الحظ على حساب الجهد والعمل، كل ذلك في ضربة أميركية قاضية تطيح بالحقيقي المستوطن في الأذهان سواء كان فكرة أو رمزاً إلى حين نسيانه وتقادم السنين عليه.. وتأتي بالمزيف اللامع من خارجه الخاوي من لبه إلى حين اكتشاف خوائه ثم لفظه والتنكر له، أي الخروج في نهاية المطاف بخفي حنين من هذا وذاك؟ على هذا النحو والمنوال أيضاً، وإذا ما تواصلت الاحتجاجات في تركيا وتصاعدت نحو الثورة.. فلن تكون سياسات حكومة أردوغان العمياء الطائشة والعدوانية المتطرفة مذهبياً وعرقياً هي الفتيل المفجر المشعل لثورة الأتراك، بل.. أكشن الصمود لدى الفتاة ذات الرداء الأحمر!!.. أمام الفلفل الحار للشرطة.. تماماً كما اشتعال جسد البوعزيزي ونيل كرمان وأوباما لجائزة نوبل. هنا، حيث لا حلفاء ولا أصدقاء حقيقيين لأميركا إلا إسرائيل، يجري إسقاط الأسباب الحقيقية وتقديم الرموز المزيفة في ألعاب وبهلوانيات.. من ذوات الدم الأحمر! |
|