تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


شخصيتك..مـــاذا... فعلت من أجلها..

شباب
2012/4/2
غانم محمد

هل وقفت يوماً مع ذاتك متسائلاً إن كنت مشاركاً في بناء هذه الذات أم إنك اكتفيت بما تضخه المؤثرات الخارجية في هذه الذات فكانت على ما هي عليه؟

هل تساءلت عن سبب تفضيلك لهذا اللون من الغناء على غيره أم إن المسألة لا تستحق منك عناء السؤال؟‏‏

شخصيتك ملكك فماذا فعلت من أجلها وماذا أضفت لها وهل تعلم ماذا يؤثر عليها سلباً وإيجاباً؟‏

تقاطع الدراسات يشير إلى أن شخصية المرء تتكون من الدوافع والعادات والميول والعقل والعواطف والآراء والأفكار والاستعدادات والقدرات والمشاعر والأحاسيس والسمات، وقد وصلنا إلى هذه النتيجة من خلال عودتنا إلى أكثر من دراسة مختصة بهذا الشأن، لنأخذ ببعض هذه المفردات ونناقشها بصوت عال متوجهين بحديثنا المدعوم بدراسات أخرى إلى فئة الشباب الأكثر حضوراً في اهتمامات الجميع فنساعدهم ونضعهم على بينة من أنفسهم وتركيبتهم ليكونوا الصانعين لشخصيتهم بدل أن تأتي هذه الشخصية نتاج عوامل مختلفة مفروضة عليهم..‏‏

العوامل التي ذكرناها سابقاً تتأثر بالدرجة الأولى بالإعلام عبر قنواته المختلفة وتذهب بعض الأبحاث والدراسات إلى جعل هذا الإعلام هو المؤثر الوحيد في بناء الشخصية في هذا العصر لما يتمتع به من قوة تأثير ولسهولة وقوع الشباب في شركه دون عناء وهذا ما يفرض على هذا الإعلام واجبات كبيرة لعل في مقدمتها التمسك بالقيم الأخلاقية وبانحيازه للموضوعية والصدق في طرحه وفي رسالته حتى لا يضلل الأجيال الناشئة.‏‏

قرأت بحثاً لطالبة من جامعة القلمون الخاصة اسمها (راميا الريحاني) بعنوان (تأثير الإعلام على الشباب العربي.. إحباطات الواقع وآمال المستقبل) وتقول فيها: يعد التلفاز المصدر الأول الذي يعتمد عليه الشباب دائماً في بناء تصوراتهم للمستقبل، يليه أحد الأبوين أو كلاهما في المرتبة الثانية، ثم أحد الإخوة في المرتبة الثالثة حيث يشكل هؤلاء بين 12?-13? من مجموع عدد الشباب.‏‏

النسبة السابقة التي وضعت التلفاز في مقدمة مصادر المستقبل قد تبدو مؤشراً خطراً على الشباب السوري ما لم نستفد منها، أو على الأقل ستكون فرصة نهدرها إن لم نحسنْ التعامل معها ومن هنا نجد أن التلفاز يؤثر في الشباب تبعاً للفترة الزمنية التي يقضيها في مشاهدته:‏‏

أ‌- التلفاز يكسب الشباب أنماطاً من السلوك الاجتماعي في حياتهم وبيئاتهم، ويؤثر في عملية التكيف التي تقوم بها الأجهزة الأخرى كالأسرة والبيئة.‏‏

ب‌-يسهم التلفاز في بلورة وتغيير اتجاهات الشباب من خلال إثارة عواطفهم، بتقديم مشاهد درامية رغم أن لكل شاب قابلية خاصة للتأثر بالتلفاز.‏‏

ت‌-يهيئ التلفاز الشباب للتعرف إلى أشياء كثيرة منها ما هو في محيطهم ومنها ما هو بعيد عنهم.‏‏

ومن ذات البحث نقتبس هذا القول الذي نسبته لأحد العظماء: قيل لأحد العظماء كيف ترى مستقبل أمتنا؟ قال دعوني أنظر إلى صورة تنشئة شبابنا وتربيتهم، وعند ذلك أخبركم كيف سيكون مستقبل أمتنا!‏‏

وفي بحث آخر لم يذيل باسم معده وكاتبه هناك شروط يضعها ليكون الإعلام مؤثراً على شخصية وسلوك الأفراد منها ما يتعلق بالمرسل للمادة الإعلامية ومنها ما يتعلق بالمادة الإعلامية نفسها ومنها ما يتعلق بمن يستقبل هذه المادة الإعلامية، وبصراحة الدراسات كثيرة جداً وتختلف فيما بينها لدرجة التناقض أحياناً لكنها تتفق جميعها على وجود تأثير بفعل الإعلام على تكوين الشخصية وعلى السلوك أيضاً..‏‏

ماذا نستنتج؟‏‏

لا يستطيع أي منا أن يكون شخصيته بحرية مطلقة، وسواء حصن نفسه أمام الضخ الإعلامي المتنوع المصادر أم استسلم له فإن تأثيرات كبيرة تحصل ويمكن أن نبسطها من خلال حياتنا اليومية وأن يسأل كل منا نفسه بعض الأسئلة التي يستطيع من خلالها الإجابة عليها أن يعرف أين يقف وإلى أين يمضي.‏‏

عندما تسأل أي شاب عما يحدث في سورية فإنه غالباً ما يقول إن الأمور (خربانة) من وجهة نظر قناتي الجزيرة والعربية وإنها – أي الأمور – بخير من وجهة نظر الدنيا والفضائية السورية.‏‏

هذا الجواب يشير إلى أن تأثير الإعلام على التكوين والسلوك مرتبط بنظرتنا لهذا الإعلام وموقعه وهويته ومدى مصداقيته أي إن هذا التأثير يبقى محدوداً إلى حد كبير وهذا ما يرجعنا إلى المفردات التي ذكرناها في البداية.‏‏

ميدانياً..‏‏

بعيداً عن الدراسات التي أشرنا لها أو تلك التي لم نشر لها فإن الواقع وحياة الشباب اليومية تقودك إلى نتائج أخرى تقترب من هذه الأبحاث حيناً وتبتعد عنها أحياناً أخرى.‏‏

(... أحب أغاني أليسا وبرامج المنوعات الكوميدية والخفيفة ولا أستطيع أن أتابع البرامج الجادة..) وعندما سألت الشابة (حنان) التي قالت ما تقدم عن مدى قناعتها بمضمون هذه البرامج أو الأغاني قالت: هذا هو المتوفر لدينا، نتفرج على التلفاز ومعظم برامجه تأخذ هذا المنحى وتعقيدات الحياة تفرض علينا الذهاب إلى ما يخفف عنا بعض الشيء..‏‏

الشاب (غدير) قال: من الطبيعي أن نتأثر بما نشاهده على التلفاز ولكن لنا شخصيتنا المستقلة وعلينا أن نبنيها بما ينسجم مع محيطنا الاجتماعي ومع عاداتنا وتقاليدنا وليس كل ما نسمعه أو نشاهده عبر وسائل الإعلام صحيحاً وإيجابياً ولنا على أهلنا حق التوجيه والإرشاد..‏‏

أما الشاب (أحمد) فقال: عندما نثق بالوسيلة الإعلامية يكون تأثيرها كبيراً علينا لكن هناك بعض القنوات التي تحاول تشكيكنا بأنفسنا وببلدنا ولا نلتفت لهذه القنوات لأننا نعرف أنها تكذب علينا وكل همها هو خلق جيل منسلخ عن هموم بلده ووعي الشباب السوري يفقدها أي قوة تأثير عليه.‏‏

بالنتيجة‏‏

أن يعي الشباب لما يتمتعون به من قدرات وما يترتب عليهم من دور هو الأساس في تحديد مسارهم في الحياة، وهذه المهمة مناطة بكل وسائل التأثير في المجتمع بدءاً من الأهل والمدرسة وانتهاء بوسائل الإعلام والمؤسسات الثقافية، وقد لاحظت خلال هذا العام الدراسي توجهاً إيجابياً في بعض المدارس والتي اتجهت في الوظائف المطلوبة من التلاميذ إلى ما يمس حياتهم مباشرة ويمس الأحداث التي يعيشونها، فجميل أن يطلب من التلاميذ أن يكتبوا رؤاهم في موضوع المواطنة على سبيل المثال أو أن يكتبوا رأيهم في بعض مواد دستور الجمهورية العربية السورية أو يقترحون الحلول للخروج من الأزمة الحالية، فمثل هذه المواضيع تدفعهم نحو امتلاك أدوات تعبير جديدة وبالوقت ذاته تبقيهم ملتصقين بما يجري حولهم وهذا مثر وبشكل كبير على استكمال وعيهم وعلى زرع الثقة بأنفسهم لأنك عندما تطلب من شاب عمره 17 سنة أن يعبر عن رأيه في قضية مصيرية فإنك تقدره كثيراً وهذا التقدير سيدفعه للتعرف على قدراته وعلى كيفية صياغة أفكاره وآرائه..‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية