|
شؤون سياسية وجل مايفاوضون عليه اليوم مع الاسرائيليين التوصل إلى تهدئة أملاً بأن تنقلهم إلى مفاوضات حول القضايا الشائكة المرتبطة بإقامة الدولة المستقلة في الضفة الغربية وغزة. وإذا كان الحلم بالدولة المستقلة في هذه المناطق الضيقة, محكوماً بعوامل شديدة الحساسية على أرض الواقع, فإن الأمل بالتهدئة, يصبح عنواناً لما هو بعده, ولكن على المرء أن يكون أكثر واقعية, لكي لايصاب بخيبة أمل جديدة, تضاف إلى الخيبات التاريخية المتراكمة, فإقامة الدولة هي الهدف الفلسطيني الاستراتيجي, في الإطار التاريخي, ولكن لننظر بهدوء إلى مايجري من نهج سياسي اسرائيلي ومن خلفه نهج أميركي متوافق ومنسجم, ليصبح الأمل الاستراتيجي الفلسطيني يصدم بجدار الصمت الدولي والعربي والصراع الفلسطيني الفلسطيني, الذي توظفه اسرائيل بغطرسة معهودة, ينسف أسس كل ماتدعيه ليس بما يرتبط بموافقتها اللفظية المشروطة لإقامة الدولة الفلسطينية وحسب, بل ونسف شروط التهدئة ذاتها التي يسعى الفلسطينيون للتوصل إليها, فالتهدئة لاتحتاج إلى النوايا الطيبة, رغم أن هذه النوايا لم تكن يوماً صفة للجانب الإسرائيلي, وإذا ماتحدث عنها الإسرائيليون, فإنهم بسلوكهم الواقعي ينسفونها. وبالتالي فمشروع السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين, يبقى مجرد مشروع غير قابل للحياة, وذلك لأن شروط هذا المشروع ( السلام ) تنتهك يومياً وبطريقة فظة ومستهترة لايمكن لمن يريد السلام أن يقدم عليها. فاسرائيل تطالب الفلسطينيين بالكف عن توجيه صواريخهم ولو كانت بدائية ( إلى الداخل الإسرائيلي ), ولكنها هي لم تتوقف عن مواصلة الاعتداء على المناطق التي تعتبر جزءاً مفترضاً للدولة الفلسطينية المأمول إنشاؤها. ففي الوقت الذي تتحدث فيه عن السلام مع الفلسطينيين, قررت بناء المزيد من المستوطنات اليهودية في أراضي القدس الشرقية, وهي بهذا القرار تواصل عملياً سياسة فرض الوقائع على الأرض لاستكمال مخطط التهويد في القدس العربية. والذي وصفه الفلسطينيون بأنه ( إعلام حرب ) وتصعيد يدل على عبثية اللقاءات السياسية مع الاحتلال التي يستغلها للتغطية على مايرتكبه من جرائم وتوسيع مستوطناته الاستعمارية, واللافت للجميع أن اسرائيل وبعد مؤتمر ( أنا بوليس ) كثفت عمليات الاستيطان أكثر مما سبقه, لتصبح مايسمى وجود (عملية سلمية) مجرد إيحاءات كاذبة, فالاستيطان في واقع الأمر عملية تدميرية لأي عملية سلام. ويساهم الأميركيون بنخبهم السياسية والدبلوماسية, بعملية التدمير هذه, فالآنسة كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية, وعوضاً عن الحث على إزاحة كل مامن شأنه عرقلة التقدم بعملية السلام, تردد كالببغاء, مايردده زعيم إدارتها الخرقاء بوش, الذي نزع أي قناع للحياء السياسي, أثناء زيارته للأراضي المحتلة, داعياً الفلسطينيين للثقة والاعتماد إلى النوايا الطيبة للحكومة الإسرائيلية. وحديثه الخجول عن الاستيطان لم يكن سوى محاولة لكي لايبدو خارجاً عن السرب الدولي الذي أجمع الرأي على عدم شرعية الاستيطان, ولكنه لم يطالب اسرائيل سوى بوقف بناء المزيد من هذه المستوطنات أو تفكيك ماهو غير ذي أهمية منها بحيث لاتؤثر على واقع الاستيطان. ولم ينس رغبته بأن يرى دولة فلسطينية قائمة إلى جانب اسرائيل, مشترطاً بوقف عمليات المقاومة التي يجب دائماً أن يصفها بالإرهابية, ولكنه كما وزيرة خارجيته, لم يتحدث عن ضرورة تطبيق قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية,ورفض مبدأ دعوة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم, أو الحديث عن القدس, وهو يعلم جيداً أنه لايمكن أن يكون هناك أي سلام من دون تحريرها, لتكون العاصمة المقدسة للدولة الفلسطينية التي يتحدث عن حرصه على إنشائها قبل نهاية ولايته في البيت الأبيض. وكان محقاً التعليق على خطبه بأنه كمن يطالب الحمل أن يكون واثقاً من الذئب الإسرائيلي. ولم تخجل كونداليزا رايس بالدفاع عن الإجراءات الإسرائيلية المتمثلة بالعدوان الدائم على غزة, وتقطيع أوصال الضفة الغربية والمواقع العسكرية الإسرائيلية وعن نقاط الحواجز للتفتيش. ووصفت هذه الإجراءات, كما وصفها سيد إدارتها بأن هذه الإجراءات يفرضها ويحتمها أمن اسرائيل. فهل يمكن لمثل هذا الاستهتار من قبل مسؤولي إدارة أكبر وأقوى دولة في العالم, أن يساعد على دفع عملية السلام إلى الأمام?, وهل يمكن لمن يبرر استعباد شعب فلسطين ويهينه يومياً ويمارس أقسى أساليب القتل والقمع الفاشية بحقه أن يعول عليه بإقامة دولة فلسطينية مستقلة? إن توطيد السلام يحتاج إلى إرادة سياسية وهي غير متوفرة لا لدى الإسرائيليين ولا لدى الأميركيين. ولو كانت موجودة لتحقق السلام منذ زمن بعيد. والسلام بكل بساطة, سيجد طريقه مفتوحاً, فيما إذا استجابت (اسرائيل ) أو أرغمت على الانسحاب الكامل من الأراضي التي احتلتها عام 1967 وأن تقدم على تفكيك المستوطنات ( المستعمرات ) دون استثناء, والاعتراف بقرار مجلس الأمن الدولي بأن القدس الشرقية عربية وهي العاصمة الوحيدة للدولة الفلسطينية, وبطبيعة الحال, لايمكن الاستمرار في العمل لتنفيذ فكرة تهويد فلسطين وإلغاء مليون فلسطيني يعيشون في وطنهم داخل فلسطين ال .1948 فالسلام هدف مقدس للشعوب, ولكن أن يكون ذلك السلام القائم على العدل والمساواة واستعادة الحقوق المشروعة المغتصبة لأصحابها الفلسطينيين والعرب الشرعيين. |
|