تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


زيارة الهند...أكثر من ناجحة

شؤون سياسية
الأحد 22/6/2008
د. محمد البطل

لأساب كثيرة ينظر باهتمام خاص إلى زيارة الدولة التي قام بها السيد الرئيس بشار الأسد على رأس وفد سياسي-اقتصادي رفيع المستوى إلى جمهورية الهند الصديقة.

وكما أولت سورية اهتماما بهذه الزيارة منذ الإعلان عنها وحتى انتهائها,فقد أبدت القيادة الهندية القدر نفسه من التركيز على أهمية الزيارة وعلى نتائجها.‏

يشار هنا إلى أنها أول زيارة دولة منذ نحو ثلاثين عاما وأنها تأتي تجسيدا للعلاقات التاريخية المستمرة بين البلدين منذ استقلالهما.‏

إذ ينظر للهند بوصفها إحدى الدول المؤسسة لحركة عدم الانحياز التي واصلت سياستها الإيجابية الداعمة للعالم العربي وحقوقه المشروعة وأيدت ولا تزال قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالمنطقة كما ينظر إلى الهند الدولة-القارة راهنا,بعيد انهيار الثنائية القطبية,بوصفها أحد عمالقة القارة الآسيوية (ثاني دولة في العالم من حيث عدد السكان) والمرشحة لنيل العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي.‏

واستطاعت أن تحتل مركزا اقتصاديا مرموقا عالميا وخاصة في مجال الاتصالات والحواسب وبرمجتها والمعلوماتية عموما وأن تشغل موقعا هاما في الروابط والتكتلات الاقتصادية القارية الآسيوية والدولية.‏

وتزداد أهمية هذه الزيارة سياسيا لأن سورية,التي تتمتع بعلاقات تاريخية مميزة مع الهند تترأس القمة العربية وتمثل في هذه الزيارة العالم العربي أيضا بهمومه وإشكالياته من جهة وتطلعاته نحو تعزيز هذه العلاقة السورية-العربية الهندية من جهة أخرى.‏

إذ تتقاطع مواقف الدولتين في تعاطيهما مع إشكاليات المنطقة ومع الكثير من المشاكل الإقليمية الآسيوية وغيرها كذلك في رؤيتهما لعالم متعدد الأقطاب بديلا من النظام الأحادي القائم.‏

أما الشق الاقتصاي, على أهميته, فالعلاقات الإيجابية القائمة أولا,التي تحتاج برأينا إلى المزيد من الخطوات المتبادلة لتعزيزها وتطويرها كي تتناسب مع التوافق السياسي بين البلدين فإن تركيبة الوفد المرافق لرئيس الجمهورية أشارت إلى أن سورية تولي اهتماما خاصا بهذه الزيارة ونتائجها على الصعيد الاقتصادي.‏

وإن هذه الزيارة تأتي في سياق الجهود السورية الحثيثة لتجذير العلاقات باتجاهاتها المختلفة مع الدول الفاعلة دوليا,ومن ضمنها الهند الدولة الصديقة لسورية والعرب.‏

وإنها مؤشر هام آخر يضاف إلى النشاط السوري في العلاقات الخارجية الإقليمية والدولية,إذ سبق للرئيس بشار الأسد أن قام بزيارات مماثلة إلى روسيا والصين,ساهمت في توطيد علاقات دمشق مع هذين البلدين الكبيرين,ودفعت بها خطوات هامة إلى الأمام,وأكدت بدورها أن العالم بمكوناته وتركيبته الراهنة يخطو بثبات نحو الخلاص من نظام الأحادية القطبية وبناء علاقات تساهم في تفكيكه أيضا.‏

ولا نغفل هنا الزيارات الأخيرة للرئيس الأسد,بصفته رئيسا للقمة العربية إلى عدد من الدول العربية في إطار برنامج زيارات للدول العربية الأخرى,الهادفة إلى تجاوز العرب لتبايناتهم وتعزيز فرص العمل العربي المشترك وصولا إلى (بلا تفورم) عربي موحد حول كيفية معالجة القضايا التي تواجهها أمتنا.‏

كذلك استقبال دمشق مؤخرا لعدد من الوفود العربية والأجنبية ونخص هنا مستشارو الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.‏

لقد أكدت سورية مرارا حرصها على تعزيز علاقاتها التقليدية مع الدول الصديقة ومن ضمنها الهند الدولة-القارة قولا وفعلا وجاءت زيارة الدولة لتؤكد هذه التوجهات السورية.‏

بقي أن نقول إن الهند التي حرصت عندما كانت تصنف في عداد الدول النامية على علاقاتها التقليدية مع العالم العربي ومع سورية تواصل راهنا هذه السياسة بوصفها واحدة من عمالقة القارة الآسيوية فضلا عن إمكاناتها الاقتصادية -العلمية الواسعة وتحرص على تعزيز هذه العلاقات مع دمشق رئيسة القمة العربية وعاصمة الثقافة العربية.‏

أما سورية دولة الممانعة العربية التي حرصت على صون علاقاتها التاريخية وتطويرها ما زالت تنظر إلى الهند بوصفها دولة صديقة تربطها بدمشق علاقات مميزة ومن شأن الدولتين الاستفادة من إمكانياتهما في إطار تعزيز العلاقات الثنائية من جهة وانعكاسات هذه العلاقة إقليميا ودوليا من جهة أخرى.‏

في هذا السياق ينظر إلى زيارة الدولة,وإلى نتائجها الثنائية أىضا,وإلى ما هو أبعد من علاقة بين دولتين صديقتين هامتين.‏

باحث في الشؤون الدولية‏

batal-malsis-net.org‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية