تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إنقاذ شابين من العجز

مجتمع
الأحد 22/6/2008
فؤاد مسعد

كثيراً ما ينال القطاع الصحي في المحافظات بعيداً عن العاصمة شيء من النقد ولكن ماذا لو جاءت إنجازات طبية هامة من تلك المحافظات تعكس السعي الحقيقي لعمل دؤوب وشاق هدفه إنقاذ الناس وتصحيح الاعوجاج ..

المحافظة التي نتكلم عنها هنا هي حمص حيث استطاع الدكتور حسين الهابط الذي عاد عام 2000 من فرنسا وهو يحمل شهادة دبلوم جراحة اليد وشهادة دكتوراه في الجراحة العظمية .. استطاع أن يغير حياة شابين من مفهوم الإعاقة والعجز إلى مفهوم آخر يحمل الكثير من الأمل بعد إجراء عملية لكل منهما غيرت مجرى حياته , فما خصوصية كل حالة على حدا وما الإنجاز الذي تحقق‏

في حمص ?. وما وضع الحالة المرضية قبل وبعد العمل الجراحي ?..‏

تحوّل من عاجز إلى سائق‏

حول هذا الموضوع تحدث الدكتور الهابط عما قدمه لمريضين مع العلم أنه فضّل التريث في الحديث عن هذا الإنجاز لفترة من الزمن حتى ظهرت النتائج العملية والملموسة بعد المعالجة الفيزيائية , يقول :‏

الحالة الأولى كانت لشاب يُدعى يوسف وقد تعرض لحادث سير منذ ثلاث سنوات حيث أصيب بكسر في العضد الأيمن مع ضياع في الجلد والعضلات والعظم ومن ضمن هذه الإصابة المعقدة أصيب العصب الكعبري الذي يعصب الساعد واليد وحصل لديه عجز في مستوى اليد تجلى بعدم قدرته على فتح الأصابع وبسطها وكذلك عدم القدرة على بسط المعصم وهذا ما نسيمه (هبوط اليد) ومن المعروف أن هذه الإصابة تحدث عجزاً هاماً في وظيفة اليد فكل عملية قبض أو إمساك بها يجب أن يسبقها عملية فتح للأصابع وبذلك أصبح العجز عنده يتجاوز 70% من وظيفة اليد , وقد قمت بدراسة الحالة مع الطاقم الطبي المساعد واتُخِذ القرار بإجراء عمل جراحي بنقل عضلات طبيعية لا يعصبها العصب الكعبري المصاب لتحل مكان العضلات التي يعصبها هذا العصب والتي باتت لا تعمل . وهذا العمل الجراحي هو قليل الحدوث ويتطلب تحضيرات مناسبة لتقوية العضلات في الطرف وأجريت العملية التي استمرت أربع ساعات عِبر شقين جراحيين كبيرين على الوجه الأمامي والوجه الخلفي للساعد , وبعد ثلاثة أسابيع من التثبيت بالجبس بدأنا بالمعالجة الفيزيائية وقبل انقضاء شهرين كان يوسف بحالة أقرب للطبيعية حيث أنه تعلم استخدام يده اليمنى بشكل طبيعي في الكتابة والأكل والأعمال اليدوية الأخرى . ويذكر أن هذه العملية تُجرى للمرة الأولى في حمص ومن خلالها تم إنقاذ هذا الشاب من العجز وخاصة أن يده اليسرى تعاني من فقدان اصبعين وهو الآن يعمل سائقاً ويعيش حياته الطبيعية كإنسان منتج وفعال في الوطن.‏

عملية نادرة ومعقدة :‏

الحالة الثانية هي لشاب في السادسة عشر من العمر يدعى غسان حيث تعرض أثناء ولادته لتمطط في الأعصاب التي تعصب الطرف العلوي الأيمن فولادته كانت عسيرة وقضى طفولته دون علاج , يتحدث الدكتور الهابط عن هذه الحالة , ويقول : لقد تراجع العديد من الأطباء الذين قطعوا الأمل أمام الأهل فنما غسان وتعلم استعمال يده اليسرى وبقيت يده اليمنى وطرفه العلوي الأيمن بحالة عجز كامل بسبب فقدان الحركة التام على مستوى الكتف بحيث لا يستطيع رفع طرفه العلوي الأيمن نهائياً فيبقى ملتصقاً بالجزع أي أنه معوق بنسبة تتجاوز 50% ومنذ عامين راجعني المريض مع أهله وأجريت دراسة لحالته وتبين إمكانية علاجه جراحياً بإجراء عمليات على مستوى الكتف والعضد فهو يشكو من شلل مجموعتين من العضلات من أصل ثلاث مجموعات تحرك الكتف وخاصة شلل العضلة الدالية وهي العضلة الأهم في عضلات الكتف .‏

ومبدأ العملية يعتمد على الاستفادة من عضلات طبيعية حول الكتف أو من المجموعة العضلية السليمة , وتم إجراء العمل الجراحي له بتعاون الفريق الطبي الكامل وبإشرافي وتجرى هذه العملية على ثلاث مراحل عبر ثلاثة شقوق جراحية واستمرت حوالي السبع ساعات وتم تبديل وضعية المريض أثناء العمل ثلاث مرات وبعد إتمام الجراحة وضِع المريض في جهاز من الجبس (جاكيت جبسي) مدة شهر ونصف ثم بدأت مرحلة شاقة من التمارين والمعالجة الفيزيائية لمدة شهر ونصف وبعد اكتمال العلاج أصبح بإمكانه استعمال طرفه العلوي الأيمن بشكل يشابه الطرف الأيسر السليم حيث يمكنه رفع الطرف فوق رأسه بكل الاتجاهات كما يمكنه استعمال يده اليمنى للأكل والعناية الشخصية .‏

وتعتبر هذه العملية من العمليات المعقدة والنادرة ولا تجرى على مستوى سورية إلا بشكل نادر وغالباً ما يُستعان بخبراء من الخارج لإجرائها , وبكلفة مادية كبيرة , أما غسان فقد أجرِيت له العملية بنجاح يفوق ال 90% وبشكل مجاني , وهي تجرى للمرة الأولى في حمص .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية