تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


فتش عن الأسرة...؟

مجتمع
الثلاثاء 22-1-2013
رويدة سليمان

كثيراً ما يشكو الجيران من نزار ابن الرابعة لاستخدامه كلمات نابية مع أولادهم ومع كثرة شكوى الجيران أصبحت الأم محرجة من الخروج ومعها نزار أما الأب فهو يستشيط غضباً لأن نزار أحرجه أمام زملائه في العمل في أثناء زيارتهم له.

الطفل... ذلك الكائن فائق البراءة والعذوبة كيف يمكن أن يتحول إلى مشكلة فهو إما عدواني يضرب أخوته وأولاد الجيران وإما فوضوي يبدو دائماً وكأنه في حاجة إلى إعادة ترتيب وإما خجول إلى درجة تثير الغيظ إلى آخر تلك القائمة التي لا تكاد تنتهي.‏

لأن الوالدين هما أول مربين للطفل وأول صديقين وأول رفيقي لعب له، فهما المسؤولان بالدرجة الأولى عن هذه السلوكيات وتعد الأسرة الصندوق الأسود الذي يكشف سر تلك التصرفات.‏

السلطة لا تعني التسلط‏

يكاد يجمع المربون وعلماء النفس اليوم على إدانة أسلوب التسلط وهذا لا يتناقض مع تأكيدهم أن التربية لا يمكن أن تكون من غير السلطة، لأن ممارسة السلطة لا تعني التسلط والقهر بل تحتاج إلى ذكاء وخبرة ووجود السلطة يلبي حاجة جوهرية عند الطفل حيث تضمن له الإحساس بالأمن الفيزيائي والعاطفي والإنساني وتشكل منطلق العطاء والنهوض بحياته نفسياً وروحياً.‏

وبهذا المفهوم تكون السلطة بريئة أمام مؤيدي فكرة التربية من غير سلطة من أنها السبب في بناء العقد النفسية عند الأطفال والمتهم الأول هو غياب الحب الضروري لعملية نمو الأطفال وازدهارهم.‏

بالحرمان تكسب طفلك‏

قد يطرح موضوع تربية الأبناء للنقاش في زيارة عائلية أو جلسة نسائية فيدلي كل بدلوه من خلال تجاربه الشخصية وغالباً ما يتحول الحوار إلى جدال بين مؤيد للضرب ومعارض والكل مرجعيته خبرات الطفولة أو ممارسات قائمة مع أطفاله أو نصوص دينية أو تراثية أحياناً.‏

في دراسة لليونسيف تحت عنوان «مهارات فهم سلوك الطفل وتوجيهه» تؤكد أن أسلوب التربية السوري هو الأسلوب المنطقي الذي يعتمد على تربية الطفل من خلال وضع ضوابط وحدود سلوكية للطفل فيتصرف على ضوئها وفي حدود ما هو مسموح به وما هو ممنوع بحيث ننمي لديه القدرة على تحمل مسؤوليات أفعاله.‏

في هذا الأسلوب المنطقي يسمح بعقاب الطفل والعقاب يكون فقط بحرمان الطفل من شيء يحبه وتجدر الإشارة إلى أن العقاب بالحرمان أو بالخسارة هو أسلوب العقاب الوحيد الذي يسمح به علم النفس عند التعامل مع الأطفال.‏

ولكي نكون واقعيين ونجنب وصول أطفالنا إلى بعض السلوكيات الخاطئة خلصت الدراسة السابقة إلى التركيز في أسلوب التربية على أهمية وجود قدوة ونموذج للسلوك المرغوب وبدلاً من الضرب والعقاب استخدام التشجيع والثواب، أضف إلى ذلك وجود نمط رعاية داعم محيط بالطفل يقوم على الاستقلالية وتعزيز الشعور بالتقبل مع رسم حدود ووضع قوانين للسلوك تكون منطقية وثابتة وواضحة تشكل معالم للسلوك في حياة الطفل.‏

علينا أن نتذكر باستمرار كآباء أن أطفالنا سينظرون لنا بالطريقة نفسها التي نظرنا وتأثرنا فيها بالكبار الذين رعونا في طفولتنا.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية