تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


صلعاء تتباهى ...!!

معاً على الطريق
الثلاثاء 22-1-2013
خالد الأشهب

مثل تلك الصلعاء التي تتباهى بجدائل جارتها، تتباهى أيضا رموز وشخوص «إتلاف» الدوحة كما ينطقه الفيلسوف المفوه حمد بن جاسم آل ثاني،

والذي دفع إلى جانب الحمد الآخر أجور نقل الـ«إتلاف» وتصنيعه وتوضيبه وتأجيره.. يتباهون بحضورهم وسطوتهم على الأرض السورية، بل يتشرطون ويعاندون في ما ينبغي أن تؤول إليه سورية الغد من مدنية وتعددية وديمقراطية، ولا يترددون في استخدام جملة من المصطلحات والعناوين مثل «دولة لكل مواطنيها» أو «دولة المواطنة»، وغير ذلك مما سمعوه أو قيل لهم أو تردد على أسماعهم من المساهمات الأميركية أو الغربية أو حتى «العصملية»، وهم الذين لا يكاد أي سوري يلمس لهم حضوراً في الشارع أو سطوة على الأرض.. اللهم سوى ما ترتكبه جبهة النصرة وأخواتها المتكاثرات كالفطر السام من جرائم قتل وتخريب.. رغم أنها باتت تردد عليهم كل يوم مزاميرها في الإمارات الإسلامية ودول الخلافة والشريعة، وتعلن على الملأ أن لا مدنية ولا تعددية ولا ديمقراطية بحضورها!‏

يتبجحون بالحرية والديمقراطية والمدنية بألسنتهم وعلى الشاشات، ويتباهون بزناد بنادق المتطرفين والكفرة وصواعق مفخخاتهم وقذائفهم العمياء، في ثنائية أو ازدواجية هي أعجب من العجب ذاته.. حين يزدوج الإنسان شخصيتين متناقضتين على الأثر، واحدة حقيقية والثانية مزيفة، فإذا جاز ذلك نظرياً، فإنه غير جائز علمياً وعملياً باعتبار وحدة العقل وكليته التي تجزم في هذه الحال واحداً من أمرين:‏

فإما أن هذه الرموز والشخوص مزيفة في ما تتبجح به وتتقول من النزوع إلى المدنية والتعددية والديمقراطية، بدليل أنها تعترف بسلاح ومفخخات جبهة النصرة، وتباهي بها وتضفي عليها ما تراه من مشروعية القتل والتخريب، وفي هذه الحال تتحول العناوين المدنية والديمقراطية إلى مجرد أقنعة على وجوه سوداء من القتلة والمجرمين، ويغدو الـ«إتلاف» والمجلس والإرهابيون فريقاً واحداً يتوزع الأدوار والهندام واللسان والسلاح!‏

وإما أن هذه الرموز والشخوص حقيقية في زعمها وتقولاتها.. فكيف لها إذاً أن تتباهى بجرائم المتطرفين أحياناً، بل أن تتجاهلهم وتتعامى عنهم في أحيان ثانية، وتنفي وجودهم على الإطلاق في أحيان ثالثة؟ ثم كيف لها أن تجد لنفسها هدفاً مشتركاً يجمعها إليهم ويوحدها بهم.. ولو كان مؤقتاً ولدقيقتين فقط لا لسنتين، إذ شتان ما بين المدنية والإمارة وما بين التعددية والخلافة وما بين الديمقراطية وهيئة النهي عن المنكر؟‏

كارثة السوريين الحقيقية اليوم ليست في ما يعانونه من قتل وتخريب وأزمات حياتية متصلة ومتفاقمة.. فهذه مصيرها إلى زوال يوماً ما، بل هي في ما يوعدون به وفي ما يرونه من مستقبلهم بأم العين على يد هذه الرموز والشخوص.. الصلعاء المتبجحة بالمعارضة والمتباهية بجدائل القتلة والمجرمين من المرتزقة وأسيادهم!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية