|
شؤون سياسية بل هو بمضمون سياسي ومسلكي بدرجة الامتياز، والعصابات ليست مفهوماً محدداً حتى ينصرف الذهن إلى أنها مجرد أفراد قتلة أو مجرد ممارسات إرهابية متناثرة، فالإرهابي ممن يشمله مفهوم العصابات قد يكون ملكاً أو أميراً أو شيخاً فالمهم هو التكييف الذي يحتضن قيمه المشبوهة وسلوكه الحاقد، وقد يكون الفرد العادي الجاهل والمعقد نفسياً هو من ضمن هذه العصابات ولكنه سرعان ما يخترع لقباً لنفسه بما يعني أنه مستحكم وخطير، وأن له مساحة من الصولات والجولات. ويحدث اللقاء على المعنى والمبنى عادة بين الملك العصابة والفرد العادي العصابة يزداد الأول انحطاطاً على ما فيه وينتفش الثاني غدراً على ما فيه، ويقدم التاريخ دروساً متكررة لا تنضب على اندثار أو انتحار هذه العصابات وما دامت قد تدافعت من الموت ومنه انطلقت والموت هنا هو قتل الآخر، فإن العصابات أمراء كان أفرادها أم رعاعاً يصابون بلوثة الهلع وينحدرون بلا فواصل من نشوة قتل النفوس البريئة إلى مهاوي الاندثار الأبدي ومثلها جاؤوا من الموت يعودون إليه وباستمرار تكون أخطر اللحظات الواجب حذرها منهم هي لحظة الاندفاع المحموم ولاسيما في غياب العقل والقيم والتربية العربية التي يعرفها كل مواطن في سوريا وكأن هؤلاء يثبتون ذاتهم المحطمة بالتمرد على كل شيء، التمرد على الدين، على الوالدين على الآخر، على معالم الحضارة، على القانون العام، وعلى النظام السياسي. إن هذه القائمة من الأوهام المشروعية تحيط بهم عادة وتستغرقهم إلى أن تفترسهم فلا يتبقى منهم سوى نزعة القتل واستسهال التدمير والتباهي بتفجير الحياة وتقطيع الأشلاء، وفي هذه اللحظة من سلوك العصابات وعمرها تحدث حالة تضخيم فتنتشر الحكايات والروايات، وتسري وقائع الإجرام كالنار في الهشيم ويكفي أن نتذكر ما يحدث في الواقع الاجتماعي، كان ثمة لص أو اثنان ينشران الرعب في قرية آمنة، وكان ثمة لص أو اثنان يعيثان فساداً ولا يتصدى لهم أحد لا في القرية ولا في حي المدينة، الآن كبرت الصورة ودخل على خط العصابات ملوك وأمراء ورؤساء ودول وسياسات ومال كانت النار لا تأكله، الآن النار تأكل المال وصاحبه وفي الوسط ما بين لحظة البداية ولحظة التوالي وعبر احتدام المواجهات والمعارك تحدث رهانات كثيرة وتندفع النار إلى أعلى نقطة في الجو وأخطر الرهانات هو التلطي في الزوايا والتربص في الظلال المعتمة بانتظار ما يجري من معارك في الواقع وما سوف تستقر عليه نتيجة المواجهة. ألا نرى إلى هذا الكم الكبير الذي يلوذ بالصمت والانتظار في سورية، وهؤلاء على الغالب نهبوا الوطن في لحظة الرخاء ولاذوا بالسلبية يستمتعون بما أخذوا من مال وما حصلوا عليه من عقارات وما ضمنوه من أرصدة لاحتمالات الزمن القادم وهؤلاء يتخلون عن الوطن في لحظة الشدة، ولكنهم سرعان ما يفعون كأسراب الجراد في سنوات القحط ويسوقون أنفسهم فرسان ما بعد المعركة، ولدى الكبار والشرفاء دائماً مساحة خصيبة ليعود هؤلاء إلى ربوع الوطن ومسيرة حياته الآمنة والمستقرة. ونعود إلى منطقة التوالي في الأحداث وهي تتضمن إشارات ثلاث، أولها الشعور بالخطر الدائم فقد انكشف الميدان وظهرت الحقائق ولايوجد بانتظار العصابات سوى أن يتلقوا أقدارهم كما هو شرع الله وقيم الأمة، وثانيها تتجسد في حالة الاستنجاد بالخارج في عملية تعويض عما يحدث في الداخل والعصابات لايعنيها بمن تستنجد حتى ولو كانت إسرائيل أو فرنسا المستعمرة أو أردوغان السلجوقي أو أوباما( البندوق) أو الحمدان أبناء الحصين في قطر أو سعود الفيصل الذي مات أخلاقياً وينتظر لحظة الموت عضوياً، هذا الاستنجاد المتبادل بين الداخل والخارج هو أعمى البصر والبصيرة، انظروا الآن باعت قوى الغرب عصابات التخريب ولم يتبقى للمجرمين سوى اثنين حمد وسعود، حدث ذلك بفعل فاعل وبثمن مرتفع من الشهداء وبمسؤولية عالية في الصبر وإدارة المعارك في سورية. لقد أدركوا الآن أو على مشارف أن يدركوا أن سورية محصنة بذاتها وبرعاية الله لها ومن قال: إنه لايوجد متسع رحب ليشترك الجميع في بناء النظام السياسي الجديد القائم على الوطنية والتشاركية والديمقراطية، وثالث الإشارات هنا هي الأهم لأنها الأخطر فالعصابات تقتل هنا من دون مبرر، تذبح.. تنهب.. تعتدي على الحرائر تزور وتحاول أن تنشر مساحة من الخوف والتخويف حتى لا يعتقد المواطن العادي بأن الدنيا في خطر وأن عليه أن يغلق بابه ويلوذ بالحكايا السائبة على ضوء الشموع بعد أن قتل المجرمون الكهرباء، إننا نلاحظ الآن التطبيقات العملية لهذا المعنى، هناك مؤتمر قمة حدث في بغداد، وبغداد منا وإلينا، وبغداد في العقل والقلب وقاتل الله الأيام والأحوال حتى تحضر الأزمة السورية في القمة وتغيب سورية عن القمة، ثم كم هو الفارق نوعي وكمي بين قمتين، قمة خليط العرب والأعراب في بغداد وقمة الرائعين في مجموعة بريكس في الهند، أليس صحيحاً بعد ذلك أن نقول القصة هي مواقف وليست مجرد مواقع فأين حقد الشقيق من كرامة الصديق، الشقيق قاتل والصديق في قمة بريكس عادل وطبيب ومواس، في قمة العرب والأعراب ظهرت الهزيمة وقد غادرها الشيطانان القابعان في قطر والسعودية وبقي صوت نشاز هو الآن رئيس تونس يتهم سورية وهو يعلم بأنه المهزوم وبأن إثم الحياة عليه وعلى من جاء به. |
|