|
عن الغارديان
فقد كشفت مكتبة ومتحف جون كيندي النقاب عن مضمون 15 رسالة كتبها الروائي الحائز على جائزة نوبل لأحد أصدقائه المقربين وهو جيانفرانكو إفانشيتش الذي تعرف عليه في حانة في البندقية قي شهر كانون الثاني عام 1949، حيث توطدت العلاقة والصداقة بينهما، علماً بأن إفانشيتش يصغره بعشرين عاماً، بعد أن تبين بأنه سبق لكل منهما أن تعرض لإصابة خطيرة في ساقه إبان الحرب. وقد توثقت تلك الرابطة عندما تمكن إفانشيتش من العثور على عمل في كوبا وأقام في منزل همنغواي. وقد قامت أدريانا، شقيقة إفانشيتش، بزيارتهما عام 1950 حيث نُظر إلى تلك الزيارة باعتبارها مصدر إلهام لهمنغواي قاده إلى كتابة رواية «الشيخ والبحر». وقد استمرت العلاقة الوثيقة بين إفانشيتش وهمنغواي من خلال تبادل الرسائل حتى انتحار الأخير عام 1961. إن الرسائل التي كُتبت بخط اليد أو بالآلة الكاتبة قد عبرت بعمق عن السنوات الأخيرة من حياة همنغواي التي وصفها مدير مكتبة كيندي توم بوتنام بأنها «استثنائية» وقال بأن «تلك الرسائل تمثل مجموعة نفيسة جديرة بالوضع تحت تصرف الأجيال القادمة». في شهر شباط عام 1953 كتب همنغواي إلى إفانشيتش عما اعتراه من حزن وألم بعد أن اضطر لإطلاق النار على قطته «ويلي» إثر صدمها من قبل سيارة عابرة بقوله: «لقد افتقدتك. وافتقدت ويلي تلك الهرة التي عاشت إلى جانبي ما يناهز 11 عاماً, وغادرتني بعد أن أطلقت النار عليها عندما رأيتها تتلوى من الألم جراء الكسور التي أصابت قدميها». وفي هذا السياق، كتب الروائي عن المشاعر اللاإنسانية التي أبدتها مجموعة من السياح الذين قدموا لزيارته في نفس اليوم الذي فقد فيه «ويلي». وعلى الرغم مما أفضاه إليهم من أنهم قد جاؤوا بوقت غير مناسب, وطلب منهم تفهم ما ألمّ به من حزن لفقده هرته، لكن الطبيب النفسي الثري الذي كان من بين فوج السياح قال: «لقد جئنا في أكثر الأوقات أهمية وحضرنا لنشهد الكاتب العظيم وهو يبكي ألما على قطته المقتولة». ما أن حل شهر نيسان، حتى أصبح همنغواي في مزاج أفضل، وتمكن من كتابة رسالة لإخبار إفانشيتش عن رحلته مع زوجته ماري إلى باريس حيث قال له: «كان الطقس أفضل من السنة الماضية وثمة الكثير الكثير من السمك» وأعلمه بأنه كان يصطاد حوالي 20 سمكة في كل يوم ووصف تلك الأسماك بأنها كانت ذات ذيل كبير الحجم ولونها أصفر وجميل وتختلف عن أنواع السمك الذي اصطاده في العام الفائت. وأوضح له بأنه تدرب جيداً على الصيد وارتدى الملابس المخصصة لذلك. أما ماري فبدت رائعة وتغمرها السعادة التي تزداد كلما يكثر السمك الذي يصطاده. وأعلمه بأن عملية الاصطياد في «تين كيد» قد نمّت خبراته في هذا المجال. مؤكداً له بأنه دائماً يفكر به وبالسمك الكبير الذي شاهداه في العام الماضي. إن تقديره ومحبته لإفانشيتش وأخته قد بدت واضحة في الرسائل التي كتبها ووقعها في كثير من الأحيان باسم «بابا» أو «السيد بابا». وفي عام 1956 كتب لصديقه رسالة قال فيها بأنه يفتقده كثيراً ويشعر بالحزن كلما تذكره لأنه اعتبره دائماً بمثابة أخ له أبعدهما الزمن عن بعضهما. واستطرد في وصف أحواله في هذه الأيام التي تخلو من أخ أو صديق يعاقر معه الشراب، وأنه لم يشاهد رجلاً يقوم بزراعة الموز ويعمل بجد على غراره، وأكد له بأنه يتذكره دوماً ويكن له الكثير من المحبة والمودة, وانتهت الرسالة بالإعراب عن أطيب التمنيات. في وقت لاحق من عام 1958 بعث برسالة لإفانشيتش قال له فيها: «أتمنى لو كانت لدي القدرة على كتابة رسائل تحمل إليك مشاعر الود والمحبة بذات الطريقة التي تكتب لي بها, لكن يبدو بأن ما أبذله من جهد في كتابة الروايات قد حال دون ذلك». وفي عام 1960، انصرف همنغواي لبذل جهود مضنية في الكتابة, حيث قال إنه عملَ بجد ونشاط وإنه كتب أكثر من 100,000 كلمة منذ نهاية كانون الثاني, لذلك فإنه يمسي في نهاية كل يوم مرهقاً ومتعباً, الأمر الذي يحول دون كتابة الرسائل له. حصلت مكتبة كيندي أيضاً من مجموعة إفانشيتش على مخطوطة همنغواي «الثور المخلص» التي كتبها من أجل ابن شقيق إفانشيتش الشاب. ونقتطف العبارة التالية من المخطوطة التي كتبها بخط يده:» قال مصارع الثيران: يتعين على كل منا أن يكون مخلصاً فيما يقوم به من عمل». |
|