|
فضاءات ثقافية
واتهم الكوني- الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب فرع الآداب بدورتها الثانية- في جلسة أقيمت له ضمن فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب، ثورات الربيع العربي بأنها لم تجلب «الفردوس ولا الحقيقة أو السعادة للشعوب، وهي في حقيقة الأمر تغيير من سيء الى أسوأ». وتحدى الكوني الذي يعد من بين أهم جيل روائي عربي رائد، من يخبره عن تغيير جلب السعادة، مؤكداً على أن أي تغيير مرتبط باللعنة. وقال في الندوة «إن من يجني ثمار الثورات العربية اليوم ليس من قام بها، أو من يستحقها» معتبراً هذه الثورات مخيبة للآمال. واستشهد الكوني المولود عام 1948 في واحة غدامس في الجنوب الليبي, ويعيش منذ أربعين عاماً خارج وطنه, بكلام جورج دانتون عن الثورة الفرنسية عبر قوله: «إن من يجني ثمار الثورات هم أسفل السفلة». وعرض للثورات في الغرب بما فيها الثورة الفرنسية والانكليزية وحتى الثورة الكوبية مستعيداً كلام الروائي البير كامو حول الثورات التي تبدأ بالعدالة وتنتهي بتكوين جهاز شرطة. وتساءل الكوني الذي أصدر عشرات الروايات- ويعد أكثر من جَسدَ واقع الصحراء في بلده وطبيعة حياة الطوارق- عما إذا كان الربيع العربي سيتحول إلى صيف، وهل هو جدير بوصفه بالربيع، أم مجرد خروج من فصل قمعي الى آخر مخيب للآمال ولدماء الشهداء وأحلام جيل كامل. وقال: لا يمكن أن نصف التغيير الحاصل بالفردوس لمجرد أننا انتقلنا من نظام إيديولوجي قمعي إلى نظام تعصبي آخر. ورفض الكوني العودة إلى بلاده بعد اغتراب 42 عاماً، قائلاً إنه لا يمكن أن يسلم رقبته إلى دولة لا قانون فيها. وشدد بقوله: إن أحدث وأغرب المعارك قائمة اليوم في ليبيا، واصفاُ نبش قبور الجنود البريطانيين والايطاليين في مدينة بنغازي بأنها معركة مع الأموات، وتساءل: «هل سمعتم من قبل بمعركة مع الأموات؟ هذا ما حصل في ليبيا بعد التغيير». وأكد أنه عاش في بيئة أعراف وقوانين مستلة من الصحراء وليبيا اليوم بلا قانون، لذلك بدأ الناس هناك يستجيرون بالعرف، رافضاً استبدال طغيان بطغيان من نوع آخر. وأجاب الكوني الذي ترجمت أعماله الى عدة لغات، على تساؤل عما إذا كان تسلم الإسلاميين الحكم «نوع من الحل، وهل يمكن بناء دولة بالدين» بقوله: إن السلطة لا أخلاقية وإنها خلقت إلى أناس عبيد روحياً، مستذكراُ تحذير أحد الحكماء للإمام علي بن أبي طالب من السلطة، عندما قال له إنها ليست لك وإنها لا أخلاقية، في اعتراف بإخلاص الإمام علي للدين، فيما الحكم يتطلب شخصاً بمواصفات لا أخلاقية. وأضاف الكوني الحاصل على جائزة الدولة الاستثنائية الكبرى التي تمنحها الحكومة السويسرية عن أعماله المترجمة إلى الألمانية، في عودة إلى تاريخية التغيير وربطها بالأدب لتجسيد رسالته والحلم بالفردوس مستشهداً بأمثلة تاريخية، إلاأنه أكد على أن كل تغيير هو لعنة. وقال: إن المثقف كائن رومانسي وشاهد على التغيير، واصفاً مهمة الأدب بـ»الاصطياد بالمياه العكرة» والراصد للنموذج المعبر وليس الطارئ والحنين إلى التغيير يقدم مادة ثرية للأدب. وتساءل الكوني الحاصل على وسام الفروسية الفرنسي للفنون والآداب عام 2006، كيف يتسنى للأديب التعبير عن هذا التغيير بطريقة إبداعية؟ تصف الدراسات النقدية روايات الكوني الذي يجيد التحدث بست لغات وحصل على شهادة الماجستير في الأدب من معهد غوركي بموسكو عام 1977، بأنها تنتمي إلى الرومانسية الجديدة والتي تتسم بتخييل الواقع أو تغريبه. صدر لابراهيم الكوني عدد من الروايات والمجاميع القصصية والدراسات النقدية منذ عام 1970 منها «ثورات الصحراء الكبرى», «الصلاة خارج نطاق الأوقات الخمسة», «جرعة من دم», «رباعية الخسوف», «البئر», «الواحة», «أخبار الطوفان الثاني», «التبر», «نزيف الحجر», «المجوس- رواية بجزئين». وسبق وان اختارته مجلة «لير» الفرنسية بين خمسين روائياً من العالم اعتبرتهم يمثلون اليوم «أدب القرن الحادي والعشرين» وسمتهم «خمسون كاتباً للغد» |
|