|
دراسات
حيث برز الانهيار والتخبط كعنوان عريض اجتاح منظومة الإرهاب بشكل عام واستطاع أن يلقي بظلاله السوداء على أطراف الإرهاب - دولاً وتنظيمات وأدوات- التي لم تستطع أن تخفي ردود فعلها الغاضبة والمحبطة التي ضاعفت من هزيمتها وإفلاسها في الميدان. رسائل ودلالات وأبعاد استراتيجية كبيرة وكثيرة حملها انتصار حلب الجديد، خاصة في هذا التوقيت الاستثنائي جداً. أبرز تلك الرسائل التي يحملها تطهير الجيش العربي السوري لكامل مدينة حلب، هي تلك التي تطل على حقيقة باتت ثابتة وواضحة، وهي حقيقة ذلك الترابط الاستراتيجي الوثيق بين دول محور المقاومة التي تخوض معركتها ضد الإرهاب بما هو أكثر من تنسيق وأكبر من تحالف، وهذا ما أصاب أطراف الإرهاب بذهول وصدمة، خاصة النظام التركي الذي كان يراهن حتى اللحظات الأخيرة قبل هزيمته في حلب على تحالفاته وتفاهماته المتصدعة التي كان يتهرب من تنفيذها والالتزام بها لإنقاذ إرهابييه وعرقلة تقدم الجيش العربي السوري. كذلك فإن انتصار الجيش العربي السوري في حلب بهذه السرعة التي فاقت كل التوقعات يحمل بين طياته رسالة حاسمة لمنظومة الإرهاب بشكل عام، وللنظام التركي والولايات المتحدة على وجه الخصوص، مفادها أنه لا رجعة عن قرار محاربة الإرهاب حتى تطهير كل ذرة تراب من أرض هذا الوطن من رجس الإرهابيين ومشغليهم، وهذا قرار استراتيجي سوري، يتوجب على الدول والأنظمة الداعمة للإرهاب فهمه جيداً، وعدم الذهاب بعيداً في التعنت والتصعيد والهروب إلى الأمام، لأن من شأن ذلك أن يضاعف إخفاقاتهم وهزائمهم في الميدان وفي السياسة أيضاً. في الأبعاد الاستراتيجية لانتصار حلب الكبير ثمة رسائل بين السطور يجب على الأميركي ومن خلفه التركي أن يقرأها ويستوعبها سريعاً، أهمها أن الإصرار على مقاربة الواقع بعيون مغمضة لا ترى التطورات والتحولات الكبرى التي ضربت المسرح الإقليمي والدولي، هو دفع للأمور إلى حافة المجهول، وتجاهل للانزياحات التي غيرت من وجه المشهد الإقليمي والدولي لصالح الدولة السورية وحلفائها، ولهذا نقول إن التعاطي مع الواقع الجديد بردات فعل مناقضة لمتغيرات اللحظة هو أمر في منتهى الحماقة والغرور والتهور، ولعل ما يفعله أردوغان كرد فعل على انتصارات الجيش العربي السوري وانهيار إرهابييه في إدلب يندرج ضمن هذا السياق الطبيعي لسلوك هذا اللص المخادع، حيث لا يزال يدفع بالرهان على الإرهاب إلى واجهة أولوياته من خلال مواصلته مد التنظيمات الإرهابية التابعة له بمزيد من الأسلحة النوعية والذخائر - صواريخ، دبابات، مدافع ثقيلة-، وذلك بهدف ممارسة أقصى درجات الضغط على موسكو للتوسط لوقف تقدم الجيش العربي السوري نحو إدلب التي اندحرت جميع المجموعات الإرهابية بالأمس بريفها، في ظل غياب الدعم الأميركي والأوروبي لأردوغان برغم المناشدات والاستغاثات المتواصلة منه، وذلك لأهداف وأسباب باتت معروفة للجميع أهمها توريطه وإغراقه أكثر وأكثر ودفعه وإرهابييه إلى داخل المحرقة. الأيام القليلة القادمة سوف تشهد مزيداً من الانتصارات لدمشق وحلفائها، وسوف تحمل المزيد من المفاجآت غير السارة لأطراف الإرهاب، ولا سيما للأميركي والتركي، لعل أبرزها انهيار منظومة الإرهاب بشكل متسارع وكارثي قد يمهد لانزياحات وتحولات كبرى في المشهدين الميداني والسياسي بما يحاكي القواعد والمعادلات الجديدة التي يخطها الجيش العربي السوري بدماء شهدائه البررة وتضحياته الجسام. |
|