تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


علينــــا الاكتفــــاء بهـــــذه المحادثـــــات

هآرتس
ترجمة
الأحد 21-12-2008م
ترجمة: ليندا سكوتي

استطاع بنيامين نتنياهو أن يحقق أفضل ما يتوقعه من نتائج جراء تمكنه من إبعاد موشيه فيجلين من لائحة مرشحي حزب الليكود باعتباره يمينياً متطرفاً، ومن ثم الظهور بمظهر رجل الدولة المعتدل بهدف تغيير النظرة إليه،

لذلك نجده قد اتخذ مساراً نحو الوسط أسوة بما دأب عليه السياسيون الذين تحدوهم رغبة الوصول إلى السلطة لأن الوسط يمثل العدد الأكبر من الجماهير التي ترغب برؤية رئيس حكومتهم من ذوي العلاقات المميزة مع كل من البيت الأبيض وقصر الإليزيه، وبإمكانه إجراء محادثات للسلام والوعد بإزالة الحواجز العسكرية وتجميد بناء المستوطنات.‏

ونتيجة لقناعة نتنياهو بأن السلام الاقتصادي لن يكسبه تأييد الوسط، لذلك عمد للعودة إلى عملية السلام القديمة، وروج لها عبر سعيه من جريدة إلى محطة تلفزيونية ومن مبعوث أوروبي إلى دبلوماسي عربي معلناً عن رغبته باستمرار التفاوض مع الفلسطينيين بشأن الاتفاق النهائي وإعطاء الأفضلية في هذا الأمر للمحادثات مع سورية، ويبدو أنه قد استساغ مثل هذه الطريقة في الانتخابات بعد أن ثبتت نجاعتها قبل 12 عاماً عندما حقق الفوز في ذلك العام، ولن يجد ضيراً من اتباع ذات الأسلوب في الانتخابات القادمة.‏

لقد سبق لنتنياهو عند الإعداد لانتخابات عام 1996 أن أعلن أن حكومة الليكود ستلتزم بمقررات مؤتمر أوسلو وسيعمد إلى إجراء مفاوضات سلام مع الفلسطينيين بغية التوصل إلى اتفاق نهائي، لكن ما حدث على أرض الواقع أصبح معروفاً للجميع، حيث على الرغم مما يدعيه من تمكنه تحقيق تخفيض في عدد الهجمات على الإسرائيليين خلال توليه الحكم، إلا أن الواقع يؤكد أنه قد اتخذ من تلك العمليات الفلسطينية ذريعة للتنصل من متابعة التفاوض حول السلام الذي تمت مباشرته في ربيع عام 1996، وباستطاعته اليوم أن يعود إلى ذات الذريعة للتنصل من وعوده التي يقدمها متذرعاً بضربات القساميين.‏

لكن ما يعلنه نتنياهو يدعونا للتساؤل إن كان قد نضج وأحدث تغييراً في توجهاته، أم أنه تنبه إلى التغييرات الديموغرافية الحاصلة والمقبلة، أم أنه إدراك الدور الذي يمكن أن تلعبه أصوات الفلسطينيين الداعين إلى دولة ثنائية القومية والابتعاد عن حل الدولتين؟ وفي مختلف الأحوال عليه أن يدرك أن رئيساً أبيض للولايات المتحدة قد رفض الاحتلال فما بالك برئيس أسود عرف معنى التمييز العنصري.‏

ورد في موقع نتنياهو على شبكة الانترنت تحت عنوان «قضايا» : «إن التركيز على محادثات السلام التي جرت في أنابوليس بشأن تسوية نهائية سريعة أضاعت الكثير من الفرص التي كان بالإمكان تحقيقها وإنه لا يعتقد أن الفلسطينيين جاهزون لتسوية تاريخية تضع نهاية للنزاع ولايوجد دليل على أنهم مستعدون للقبول بأي حل يتقدم به أي قائد إسرائيلي ويرى الاكتفاء بالعمل على تحسين مستوى المعيشة للفلسطينيين والتوقف عن تقديم المساعدات للسلطة الفلسطينية الممثلة بمحمود عباس وسلام فياض».الأمر الذي يعني سحب البساط من تحت أقدام الفلسطينيين البراغماتيين واستمرار النزاع لسنوات أخرى بدلاً من حله بأسرع وقت ممكن.‏

يشارك رئيس هيئة الأركان الأسبق موشيه يعالون نتنياهو في منظوره، حيث ذكر في ذات الموقع على الانترنت «أن التعاطي مع قضايا الاتفاق النهائي يسمح للفلسطينيين بالتحلل من مسؤولياتهم عما يحصل من فشل في المباحثات ويعفيهم من القيام بإصلاحات داخلية يتعذر بدونها إجراءالتغييرات في الأوضاع الراهنة، الأمر الذي يقود إلى اعتبار «إسرائيل» مسؤولة عن تردي أحوال الفلسطينيين».‏

كتب يعالون في جريدة ازور الصادرة باللغة الانكليزية: «إن الطريق الدبلوماسي الحالي الذي يفرض على «إسرائيل» تقديم تنازلات ويجعل الفلسطينيين يدلون بتصريحات استفزازية يدعونا للحرب بدلاً من السلام». وفي سياق أقواله تلك يرى أن يترك الطرفان قاطرة السلام للعمل على توطيد دعائم السلام الاقتصادي الذي يوفر لإسرائيل الأمن ويبقي الاحتلال والمستوطنات على وضعهما الراهن.‏

يتعين على الناخبين الذين يحدوهم الأمل بإنهاء الاحتلال وإقامة علاقات طبيعية مع كافة الدول العربية ألا يثقوا بأقوال نتنياهو بشأن رغبته باستمرار مفاوضات السلام.‏

ينبغي على ليفني التي لم تف بما التزمت به وعمدت إلى طرح أفكار مبهمة أن تسعى إلى رأب الصدع مع المفاوض الفلسطيني أحمد قريع.‏

لم يخبرنا ايهود باراك إن كان قد تخلى عن اعتقاده بعدم وجود شريك فلسطيني يمكن التفاوض معه وفي حال الإقرار بوجود هذا الشريك عليه إعلامنا عما يمكن أن يقدمه إلى دول الجوار.‏

لا ريب أن مواقف القادة الفلسطينيين لجهة القضايا الجوهرية أصبحت واضحة ومعروفة للجميع ومن حق الناخبين الإسرائيليين الاطلاع على مواقف قادتهم بشأن الحدود والمستوطنات وتقسيم القدس ومشكلة اللاجئين وعلينا الاكتفاء بما حصل من محادثات.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية