|
ترجمة أعادت الى واجهة الأحداث طبيعة هذا الكيان وأساليبه وتغطيته على احد أهم العوامل التي لعبت دورا في تشكل هذا الكيان وبروزه الى حيز الوجود على الأرض الفلسطينية باعتبار الاستيطان وتهويد الأرض واستخدام القوة والعنف بمختلف اشكالهما ،مرتكزات أساسية للمشروع الاستيطاني العنصري الصهيوني وتجسيده المادي اسرائيل منذ أن بدأت موجات الهجرة اليهودية الى فلسطين ، فقد حظي الاستيطان بمختلف أشكاله وأدواته بتغطية سياسية ومادية واقتصادية ومعنوية من قبل جميع الحكومات المتعاقبة في الكيان الإسرائيلي منذ الإعلان عن إقامته، حيث بات عنف المستوطنيين وفسادهم في الأرض هو السائد على مرأى ومسمع حكومة إسرائيل وجيش الاحتلال ومختلف أجهزته الأمنية الأمر الذي أثار حفيظة بعض وسائل الإعلام في الكيان الإسرائيلي والتي وصفت الوضع في الضفة الغربية على انه وضع يخضع لسلطة ودولة المستوطنيين. ففي مقال افتتاحي لهارتس أشارت الصحيفة الى ما يجرى في الضفة من قبل المستوطنين هو انعكاس مباشر لسلطتهم على الأرض وسكوت حكام إسرائيل وتغطية جيش الاحتلال والأجهزة الأمنية لجميع اعتداءاتهم وممارساتهم الوحشية فقالت :"حان الوقت للكف عن التعريفات المشوشة وتسمية الطفل باسمه. لم يعد يدور الحديث عن "مجموعات هامشية"، و "متطرفين خرجوا عن السيطرة" وغيرها من التلويات اللسانية التي ترمي الى إخفاء الواقع الخطير. فمنذ زمن بعيد وفي الخليل وغيرها من ألاماكن في الضفة العربية" يهودا والسامرة" وفي شرقي القدس يعربد مستوطنون كل هدفهم التهديد العنيف للفلسطينيين في ظل ضعضعة النظام في إسرائيل. وحسب كل معيار رسمي في العالم فان هذا إرهاب يزرع الخوف ويشوش السير السليم للدولة.وأردفت هارتس تقول :" من الصعب التصديق، كيف أغريت السياسة والمجتمع في إسرائيل بهذه السهولة لغض النظر في ضوء الإرهاب اليهودي المتعاظم. فمنذ تحرير قادة التنظيم السري اليهودي في صفقة مشكوك فيها تعزز هذا الميل الذي حظي في ذلك الحين أيضا الى التعبير المضلل "أعشاب ضارة". وتحت مظلة "وحدة الشعب" والتهديد المزاود بـ "الشرخ في الشعب" أصبح الشغب نمطا وعادة يومية. المستوطنون يشتمون، يبصقون، يضربون، يزرعون الدمار والخراب، أما الجيش فيغض النظر في أفضل الأحوال ويتعاون في أسوئها...لقد وصلت إسرائيل هذا الأسبوع الى نقطة اللا عودة والتي ستقرر من يسيطر في الدولة: حكومة انتخبت بوسائل ديمقراطية وجهاز فرض القانون أم الإرهاب اليهودي. وإذا لم تخرج الحكومة، في أقرب وقت ممكن ودون خوف من العنف، النواة المشاغبة في الخليل، والتي انقطعت عن الدولة ومؤسساتها وتعرض الجمهور للخطر فان دماء ضحايا التزمت الديني في المناطق في رقبتها. وليس أقل سوء من ذلك، ستكون هذه إشارة للمشاغبين بأنهم انتصروا وبرهانا باعثا على اليأس للأغلبية الصامتة في إسرائيل، بان مستقبل دولة اليهود الصهيونية بالفعل أسير في أيدي من يتوقون لهدمها العنف في الأراضي الفلسطينية بات يستبدل القانون في حالات عديدة " بدورها قالت صحيفة يديعوت أحرونوت، :" إن الجيش الإسرائيلي امتنع عن التصدي للمستوطنين خلال حملة اعتداءات ضد المواطنين الفلسطينيين في مدينة الخليل في جنوب الضفة الغربية الليلة الماضية. وتجمع مئات المستوطنين في منطقة بناية الرجبي، التي احتلوها منذ العام الماضي في الخليل، في محاولة لمنع إخلاء البناية في حال قرر الجيش الإسرائيلي تنفيذ الإخلاء بموجب قرار المحكمة العليا الإسرائيلية الصادر قبل أسبوعين. وهاجم المستوطنون، عند منتصف الليلة الماضية، الأحياء الفلسطينية القريبة من البناية واعتدوا على الفلسطينيين وأملاكهم من خلال إلقاء الحجارة وتدمير سيارات وإحراق أشجار زيتون وتكسير شواهد قبور".وأضافت يديعوت :" إن "كل هذا كان يحدث فيما تواجدت في المكان قوات أمن إسرائيلية قليلة العدد للغاية، وعمليا لم تحاول القوة بتاتا السيطرة على أعمال الشغب ووقفها". كذلك اعتدى المستوطنون على فلسطينيين وأملاكهم في مناطق متفرقة في الضفة الغربية وأغلقوا شوارع، بينها شوارع رئيسية في منطقة نابلس ورام الله والقدس الشرقية وأحرقوا أشجار زيتون وألقوا الحجارة على سيارات فلسطينية مارة. وفي أعقاب ذلك وصلت قوات كبيرة من الشرطة والجيش الإسرائيليين إلى مواقع أعمال شغب المستوطنين، ووقعت مواجهات بين الشرطة والمستوطنين في منطقة نابلس وصفتها الصحف الإسرائيلية ب"العنيفة". واعتقلت الشرطة سبعة مستوطنين بعد أن اعتدوا على أفراد شرطة وضربوهم. كذلك أصيب شرطي من وحدة حرس الحدود قرب بناية الرجبي بحجر ألقاه مستوطن ولحقت أضرار بسيارة شرطة. ولم يتوقف الجدل الإسرائيلي الداخلي حول دولة المستوطنين في الضفة وخروجها عن القوانين والنظم السائدة في الكيان عند وسائل الإعلام وإنما تعداه الى مراكز البحث والدراسة ففي ندوة حول ما سمي بمستقبل الديمقراطية في إسرائيل اعترف عدد كبير من رجال الفكر والبحاثة في إسرائيل ان المستوطن ين يعكسون جوهر إسرائيل وان ما سمي بالمجتمع الإسرائيلي هو في جوهره مجتمع مستوطنين إذ اعترف اريك كرمون رئيس "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" بقوله :"منذ العام 1967 لم يكن ولم يولد أي رئيس حكومة وأي وزير دفاع أقدما على مواجهة مخالفي القانون الإسرائيليين في يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، العكس هو الصحيح، كل رؤساء الحكومة سواء من الليكود أو العمل تجاهلوا وتساهلوا في هذا الشأن في الوقت الذي وضعت أمامهم على طاولاتهم تقارير تشير إلى إقامة تنظيمات والمبادرة إلى أعمال شغب. وإحدى الحقائق التي تنوه لذلك هي قيام مجموعة من المستوطنين بقتل أطفال فلسطينيين عمداً، وطالت الأضرار من جراء أعمالهم أيضاً البيوت والأشجار، وليس هناك أي شخص منهم يقبع اليوم في السجن. الجهاز السلطوي تساهل معهم وتساهل في ظروف احتجازهم حتى التحرير المطلق. وأكثر من ذلك، فقد كان هناك رؤساء حكومة ووزراء دفاع خافوا على أنفسهم وعلى حكوماتهم من ردود فعل المستوطنين ما دفعهم للتلميح للمستشارين القضائيين للحكومة بالتهاون في تعاملهم مع المستوطنين. هذا أدى إلى إقامة جماعات حولت الأراضي الفلسطينية إلى ساحات معارك بينها وبين الجيش الإسرائيلي، وكذلك بينها وبين الشرطة والحكومة، ولم يسلم بالطبع الفلسطينيون منهم". ويعتقد البروفسور زئيف شطيرنهل قال، من جهته، إن الوضع القائم في المستوطنات هو ليس فقط نتيجة لضعف الحكومات، بل إن الأمر متجذر أكثر من ذلك بكثير، وهو يعتقد أنه منذ العام 67 لم يتجرأ أحد على الاعتراف بأمر بسيط وهو أن ما كان جيداً وعادلاً وشرعياً لأنه كان اضطراريا ولأنه خدم حاجات وجودية حتى العام 1949، لم يعد كذلك بعد العام 1967. فيما يرى البروفسور شلومو أفينيري، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس، أنه منذ العام 1967 أصبح هناك واقع يضم دولتين، الدولة الأولى هي إسرائيل وإلى جانبها هناك الأراضي الفلسطينية التي تخضع لحكم عسكري إسرائيلي، لكن الحديث ليس فقط عن احتلال وحكم عسكري والذي يعتبر خطراً بحد ذاته، وإنما نمت في ظل الحكم العسكري دولة بشكل عملي هي دولة المستوطنين. |
|