تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تأثــر الجيـــل بعالـــم مـــن الليـــزر

مجتمع
الأحد 21-12-2008م
لؤي كرم

من أهم الأخطار التي تواجه شبابنا منذ مرحلة المراهقة هي انتشار الأقراص الليزرية التي تحتوي أفلاماً جنسية تتعدد مصادرها بين الغربي والمحلي،

وربما هناك من يقول إن هذا الموضوع قديم وأكل عليه الزمان وشرب ولكن الحقيقة إن أردت معرفة أي ثقافة هناك فما عليك إلا أن تسير في شوارع المدينة التي تقلدت عن استحقاق سمة «عاصمة الثقافة العربية» لهذا العام لترى أي ثقافة تسير موازية لها، ولا تتفاجأ بتلك الثقافة القادمة من الغرب وعبر بوابات عديدة (الإنترنت، المحطات الفضائية المشبوهة الانتماء.. والسيديات الليزرية) التي تباع في الأكشاك المنتشرة بكثرة في كل الأحياء وعلى الأزقة والأرصفة وخاصة في المساء عند تجمعات وسائط النقل (الكراجات) حيث ينتشر الباعة بشكل غير مسبوق من قبل، فالفلتان أصبح بلا حدود، وعقال وزارة الثقافة أصبح طويلاً ورخواً وبلا فاعلية.‏

لقد غرقت الوزارة بأمجاد الماضي مبتعدة عن الواقع الأليم الذي نعيشه في مجتمع يعاني من هجمة شرسة لكل موبقات العالم الغربي الفاسد والمناقض لقيم وآداب مجتمعنا العربي الذي ملأ الدنيا علماً وأدباً أشرق على الكون سمواً ورفعة.‏

وأول سؤالٍ يتبادر إلى ذهننا: أين لجان المراقبة التابعة لوزارة الثقافة؟‏

فهل هناك فعلاً لجان مراقبة؟ أم إنها وهم وغطاء لشرعنة هذا التسيب والفلتان والانحدار الثقافي؟ ألا يحق لنا أن نسأل إلى أين تأخذون هذا الجيل برمته؟ وما خطط وزارة الثقافة في هذا المضمار الشائك؟‏

وأثناء تجولنا على محال الأقراص الليزرية والأكشاك المنتشرة قالوا لنا: - أبو يزن يملك كشكاً منذ سنوات ويطلب منه دائماً تلك الأقراص الممنوعة وخاصة من فئة الشباب ويؤكد أنه أمر ضروري لبقاء الزبائن لديه، فالأقراص موجودة في كل مكان ويستطيع أي شخص أن يحصل عليها والأمر ليس وقفاً عليه فقط.‏

- أحد الأشخاص عند اقترابنا منه وتصوير الأقراص المعروضة، اتضح أنه ذو شخصية عدائية وانفعالية لتهجمه علينا وحاول إبعادنا عن المكان بقوة وهددنا وتوعدنا، وهذا دليل قوي على سوء الرقابة من جهة لكونه يقف في وضح النهار يبيع الأقراص المشبوهة، ومن جهة أخرى يدل على معرفته التامة أن تجارته إن هي إلا ترويج رخيص لتجارة رخيصة (لتاجر) رخيص!!‏

- وصاحب كشك آخر في شارع الثورة قال: ليس هناك أقراص ( ثقافية ) لدي ، فأنا أعتمد على أقراص الأغاني والبرامج والأفلام في بيعي ولاحظوا ماذا أطلق على تلك الأقراص؟‏

فأي ثقافة تلك التي كثر شيوعها في بلد الثقافة العربية؟‏

ظاهرة قديمة.. جديدة‏

- مجموعة من مهندسات الزراعة أجمعن على أن الإنترنت مهم جداً، ولكن البعض يستخدم علوم التقانة بشكل يسيء إلى حياته حيث يستغل عدم وجود الرقابة للدخول على الشات والمواقع المشبوهة وبالتالي الإدمان عليها ، والنتيجة الانحلال الأخلاقي المتفشي بين الشباب وخاصة بين الفتيات اللواتي يتبادلن الأفلام والصور وغيرها وهذا برأيهن كارثة جديدة على مجتمعنا لم تكن من قبل.‏

- سامر (م) طالب ثانوي: لأنني أخجل من الناس إن رأوني أشتري تلك الأقراص ولأني أخاف من أهلي إن وجدوها، أقضي وقتي في متابعة الانترنت بمواقعه المتعددة، كذلك أنا أرغب في صداقات كثيرة (بنات طبعاً) .‏

- زيان (خ) طالب جامعي : قليلاً ما ألجأ إلى شراء الأقراص، فأنا لدي الإنترنت أقلب صفحاته حتى ساعة متأخرة من الليل دون أن يزعجني أحد فأحصل على ما أريد من أغانٍ وأفلامٍ ٍ وأصدقاء وأقتبس منه الأفكار والمعلومات وكل ما أريد.‏

- ميس (ف) طالبة معهد: الإنترنت يحررك من التقييد والحصار اللذين يفرضهما عليك الأهل والمجتمع معاً، لقد تعبت من التخلف الذي يلف حياتنا ومجتمعنا، أحلم بذلك اليوم الذي نتحرر فيه من عبودية العادات والتقاليد ، فما فائدة هذه الرقابة كلها إن لم أكن حريصة على نفسي، ومن قال إن الفتيات لا يتبادلن الأقراص الإباحية خلسة عن المجتمع.‏

المجتمع أم نحن من يعاني انفصاماً بالشخصية ولمعرفة الآثار الكارثية التي تصيب مجتمعنا وأفراده دون استثناء من جراء انتشار ثقافة الإنترنت والأقراص الليزرية المشبوهة كان لنا اللقاء التالي مع الأستاذ الدكتور ابراهيم زعرور نائب سابق في البرلمان، الوكيل الإداري لكلية الآداب في دمشق:‏

-هل نحن قادرون على الحفاظ على كيان الشباب وهويتهم؟‏

من المؤكد أن لكل أمر وجهين إيجابي وسلبي وكما قلنا القيم والثقافة العربية الأصيلة الموجودة في مجتمعنا باقية لا محالة ولكن علينا الانتباه إلى ما يبثه الغرب عبر شبكات الإنترنت وغيرها لنحصن شبابنا من أفكارٍ بعيدة عما يريده هذا الغرب من إفراغ الشباب العربي من المحتوى القيمي لهم ولذك أصبح لزاماً علينا توعيتهم والانتباه لما يريدونه ويرغبون به ، فهذا التقدم العلمي مطلوب كما هي الرقابة مطلوبة أيضاً على هذه الشبكات وهي مسؤولية المجتمع وأدواته المتعددة ووسائلها منها (الإعلام بكل أشكاله والوزارات المتخصصة كوزارة الثقافة والتربية والتعليم العالي وغيرها ) وبرأيي إن أهم شيء علينا ترسيخه فيهم وتقويته هو ثقافة المقاومة التي أثبتت عبر أفكار حزب البعث أولاً وحزب الله تالياً من خلال تجربته ونضاله ضد الكيان الصهيوني الغاصب أهمية الحرب الحديثة التي تعتمد فيها أحدث التقنيات المعلوماتية.‏

- القيم الدخيلة ولدت مشاعر غرائزية بين الشباب والفتيات، كيف نقدر على الحد منها؟‏

- إذا أردنا أن نحصي أعداد الشباب الذين يستخدمون التقانة لأغراض لا أخلاقية فإنهم لا يتجاوزون الحد الذي نخافه، المهم أن تبقى الرقابة الاجتماعية وتأخذ الهيئات الشعبية دورها كاملاً في الحفاظ على سلوكياتهم، فعندما نفتح أمامهم مجالات التعليم التقني والمعلوماتي الهادف والذي ينتمي إلى تراث هذه الأمة ، نحصنهم من آفات العولمة الجديدة ونعود بهم إلى ثقافة العزة وحضارتها التي لا مثيل لها في قيمها ومؤثراتها على العالم أجمع.‏

-ما النصيحة التي يمكن أن توجهها لكل الأطراف المعنية وخاصة الشباب؟‏

- - أبدأ أولاً بالهيئات الاجتماعية وصولاً إلى كافة الوزارات المعنية والمسؤولة عن الأمر ثم إلى شباب هذا الوطن أوصيهم أن يأخذ كل واحدٍ فهم مسؤولية تصويب الأخطاء وتسديد الخطا الصحيحة وتمكين أنفسهم من نيل العلوم على درجة عالية من الوعي بأهمية كل مرحلة يمرون بها وانعكاساتها عليهم وعلى المجتمع والوطن .‏

وأخيراً الخوف من مجاهل الظلمة التي ترخي بظلالها على شبابنا أن تفعل ما عجزت عنه جيوش بربرية وأن يتخلى الشباب عن الكرامة العربية، فيتبعون طرقاً لا نهاية لها إلا غفلة قلب فموت سريري فغثاء سيلٍ لا مكان له إلا باطن الأرض بعد أن كان بين النجوم.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية