تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


برامجنا الفنية ... هل انتهت صلاحيتها؟!!

فضائيات
الأحد 21-12-2008م
لميس علي

صدفة بحتة قد تقودك أحيانا لمشاهدة أكثر من برنامج منوع (فني خلال أربع وعشرين ساعة وربما في أقل من هذا الزمن.

وبالتالي قد تنعقد في ذهنك مقارنات ما بين البرامج التي تابعت، عفو الخاطر ودون أي تخطيط مسبق.‏‏

تزدحم خارطة الفضاء العربي البرامجية بهذه النوعية الترفيهية، كما توسم أكثر من كونها حاملة لأي توصيف آخر..‏‏

‏‏

برامج معروفة حتما من قبل متابعي الشاشة الصغيرة.. البعض منها قد ينجح في استحواذه على اهتمامك، فيعلق في مخيلتك شيء منه، والبعض الآخر يستفزك لأنه لايخرج من دائرة المجاملات، وصفِّ الحكي المعجون بمدائح لاطائل منها، والأسئلة التقليدية منتهية الصلاحية، فتبدو هذه الأخيرة كما لو أنها تحصيل حاصل لا أكثر ولا أقل.. تفتقر للروح الحقيقية سواء من قبل الضيف أو حتى الإعلامي.‏‏

من منا على سبيل المثال ممن تابع حلقة برنامج العراب مع سلطان الطرب جورج وسوف لم يدهش أو يتأثر بتلك الحلقة التي كانت علامة فارقة في برامج لقاءات الفنانين.‏‏

مؤخرا.. قدمت جومانة بوعيد في برنامجها (كلمة فصل) حلقة مع الفنانة فلة الجزائرية ، التي تحدثت بعد سؤال من جومانة عن خلافها مع الفنانة لطيفة التونسية، فلمحت فلة ولم تؤكد إلى علاقة ماللطيفة بسجنها ومنعها إلى الآن من دخول مصر..‏‏

صدفة أخرى تطل برأسها، تعلن أن هذا الطرف الآخر في الخلاف ( لطيفة) ستحل ضيفة على برنامج هيام منور (ضي القناديل).‏‏

ولهذا قد يخطر في بالك أن تتابع حلقة (ضي القناديل) من باب الفضول فقط.‏‏

لعلك تتعثر فجأة بجزء من حقيقة الأمر، الحقيقة التي تضمحل في عالم الأضواء والنجوم حتى لتكاد تنعدم.‏‏

المهم أن ايجاد صلة وصل بين البرنامجين، هي مجرد لعبة أو حيلة يسوقنا من خلالها لا وعينا، وليس وعينا بالتأكيد.. لغاية المتابعة (وبس).. بالطبع لن نقوم بمقارنات لأنها قد تبدو ظالمة في بعض نواحيها.‏‏

ولكن أبسط متلق سيدرك كفة من سوف ترجح وتكون الأكثر نجاحا وبالتالي أثرا على كل من ( الضيف، المقدم، المتفرج).‏‏

ونتساءل.. لماذا تبدو برامجنا المحلية بهذا الفقر المدقع أمام البرامج العربية وليس الفقر المقصود فقط انتاجيا- وإن كانت الناحية المادية لها التأثير الأهم في مقاييس هذا العصر، وإنما من حيث الفكرة.. طريقة التقديم مكانا وزمانا ( مدة البرنامج) .. الأسلوب العام للبرنامج.. القالب.. الرؤية الإخراجية.. إدارة الكاميرا.. وغيرها من عناصر فنية تسهم بإغناء أي برنامج مهما كانت هويته.‏‏

على ما يبدو أن التقنيات البصرية إلى الآن غائبة عن ذهنية معدي، مخرجي برامجنا المحلية والقائمين عليها..‏‏

تعالج الصورة لدينا بإمكانيات محدودة تتلاشى تماما أمام المؤثرات البصرية المذهلة التي تعالج بها نظيرتها في الفضاء العربي.‏‏

ولهذا مجرد الإخراج المتقن والصورة المشغول عليها بعناية في (كلمة فصل) سيكونان مؤثرا بصريا لايستهان به وإن كانت غايته فقط إمتاع عين المتلقي وترفيهها.‏‏

أليست العين أداة التلقي الأولى القادرة على اقتناص مواطن الجمال والإبهار وصولا إلى تحقيق أثر أعمق باتجاه مشاعر وفكر المتفرج.‏‏

قضية أخرى تميز بها ( كلمة فصل) هي تلك الفكرة والمبادرة النبيلة التي أقدمت عليها بوعيد، فحققت مصالحة ما بين كل من فلة والشاعر صفوح شغالة بعد فترة خصام وجفاء بينهما. عبر هذه اللفتة الكريمة منها أكدت أن الاعلام قادر أن يكون ذا غايات سامية تجمع لاتفرق بين أقطاب الفن. لتسمو بذلك جومانة ببرنامجها عن أسراب البرامج الأخرى التي تهوى التنقيب بفضائح الفنانين والمشكلات فيما بينهم.‏‏

وبين هذين النوعين (برامج راقية المسعى وبرامج تتصيد السوء) هناك نوع ثالث يمر مرور الكرام يبقى خجولا عاجزا عن الوصول إلى المعلومة المهمة من ضيفه والمحصلة المتوقعة نهاية تثمر اللاأثر.. حلقة (لطيفه) في(ضي القناديل) كانت من هذا القبيل.. فالأمر سيان سواء شاهدت أم لم تشاهد..‏‏

فبينما عزفت وغنت فأطربت (فلة) مع موسيقا حية، اكتفى التلفزيون السوري بإدخال كليبات جاهزة كفواصل على الحوار.‏‏

هل نكتفي من كل ما تقدم للقول.. إن البرامج الفنية المنوعة في التلفزيون السوري على الرغم من محاولات التغيير لم تزل إلى الآن تتخبط في دائرة مفرغة.. إذ يصعب على أي منا تذكر أي برنامج مميز ضمن هذا المجال.. وهو أكبر مؤشر يدلل على صحة ما ذهبنا إليه..‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية