تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المشاركون في ندوة الدراما تورجيا:دور الناقد المسرحي غير فاعل

مســـــــــرح
الأحد 21-12-2008 م
مها يوسف

لو كانت الدراما تورجيا اختياراً جمالياً يقوم على إضمار صلب المتلقي واستفزازه المباشر أثناء العرض باعتبار أن هذا المتلقي جزء لا يتجزأ من العرض. هل الدراماتورجيا هي هذه الرغبة في صدم المتلقي؟

هذا ما حاول الأستاذ عبد الحليم المسعودي من تونس تلخيصه خلال مداخلته في الندوة الفكرية الدولية لمهرجان دمشق المسرحي الرابع عشر والتي كانت بعنوان «تجليات الحس التجريبي في الدراماتورجيا التونسية المعاصرة من خلال تجربة المخرج المؤلف والتي أدارها الأستاذ عبد الإله فؤاد من المغرب، في البداية أشار الأستاذ عبد الحليم إلى أن دور الناقد في الوطن العربي غير واضح وعادة ما يلتبس بعدة أدوار إما واضحة مكشوفة أو سرية. وثمة مسألة أساسية وهي فكرة الكاتب المؤلف. ففي المسرح العربي المعاصر بعض المسرحيين المخرجين الذين يقدمون أنفسهم على أنهم مخرجون مؤلفون وهذا ارتباك يضاف إلى مجموعة من ارتباك المفهومية كما أن الدراماتورغ يقدمون أنفسهم على أساس أنهم مؤلفون, وهذه الظاهرة موجودة في تونس وخاصة لدى بعض المخرجين، فمن أين أتى الدراماتورغ؟ لقد كان انفتاح التجربة المسرحية التونسية على ممارسة فن الكتابة الدراماتورجية معبراً عن رغبة صانعي الفرجة المسرحية في اجتراح لغة مسرحية جديدة تحتضن اقتراحاتهم الجمالية وأطروحاتهم الفكرية وزوايا نظرهم لعالمهم الحاضر. وكان هذا الانفتاح متزامناً مع ظهور بوادر ما يمكن أن يشكل حركة مسرحية طليعية على غواية ما يسمى بالمغامرة الدراماتورجية، وهي مغامرة أذابت جليد المسافة بين استقلالية الكاتب المسرحي وبين المخرج الذي كانت مهمته نقل النص من دفتي الكتاب إلى مساحة الركح، وإذا كانت الدراماتورجيا تعني في معناها الكلاسيكي فن كتابة النصوص الدرامية أو المسرحية، فإنها تحولت طوال تاريخ الدراما إلى نوع من الفقه الصارم الذي يعنى باكتشاف قواعد وقوانين تخص تأليف النص المسرحية.‏‏

وأضاف الأستاذ عبد الحليم إنه: يمكن أن نشير في هذا الشأن إلى مدى تأثير مؤلفين في تكريس قوانين هذه الدراماتورجيا الكلاسيكية وهما كتاب ممارسة المسرح لهيدلان دوبينياك وكتاب دراماتورجيا هومبورغ لليسينغ وعلى ضوء هذين المؤلفين انخرطت الكتابة الدرامية في حيزها الشعري والتأليفي دون أن تتطرق بشكل مباشر للإخراج الحركي للعرض المسرحي.‏‏

هل يمكن اعتبار الدراماتورجيا عالماً للكتابة المسرحية أم عالماً للإنتاجات الفنية ثم ما التطورات التي عرفتها الدراماتورجيا في فرنسا وخاصة بالنسبة للمغرب؟ هذه الأسئلة حاول الدكتور حسن المنيعي من المغرب الإجابة عنها (موضحاً أن الدراماتورجيا تبشر إلى ما يسمى بتقنية المسرح، وبطبيعة الحال تهدف إلى وضع مبادىء تأسيس النتاج وإلى تحليله، وقراءته. لهذا كانت بالنسبة للفرنسيين أكبر شعرية للمسرح هي شعرية أرسطو، التي خضعت لتأويلات وشروحات ثم ظهرت شعريات كثيرة كالدوبينياك ولليسينغ والبرشيتة ودراما أوغست سترندبرغ في مسرح المضطهد عندما وسم شعرية أرسطو بأنها شعرية قسرية تلزم المسرح بأن تبقى نصوصه ثابتة وهذه الثباتية التي ارتبطت بما يسمى بالدرامات الكلاسيكية هي التي سيثور عليها المسرح الفرنسي وتم ذلك من خلال خلق المعايير والقواعد التي أعلنت عنها كل الشعريات بالإضافة إلى وجود مدرسة أساسية في تاريخ المسرح وهي تأثير المدرسة التعبيرية لأنها خلقت مسرحاً لا يخضع لتراتبية الفصول. خلقت مسرحاً يسمى بالمحطة. وفي نفس الوقت هذا المسرح كان ينطوي على نقلة برزت في المسرح الفرنسي وهي تحطيم ما يسمى بالأجناس أي التواطؤ الذي وقع بين التراجيدية والكوميدية والتي أدت إلى ظهور شكل جديد وهو يسود كل الكتابات وهو الفروتيسك الذي أسس مفهوم مأساوية الإنسان في علاقاته مع نفسه ومع العالم.‏‏

بالإضافة إلى تأثير كبير يدخل في نطاق الترجمة والاهتمام بالتراث المسرحي الكلاسيكي وإعادة الكتابة وغيرها ونتيجة هذه التأثيرات ظهر ما يسمى بالمسرح اليومي وهو مسرح يكتبه مجموعة من الكتاب وهذا المسرح انقسم إلى أشكال، هناك ما يسمى بالمسرح الصرفي والمحادثة والمحكي. فأصبحت الدراماتورجية الحديثة عبارة عن ثورة ضد الدراماتورجية الكلاسيكية التي تميزت بالمسرحية ذات الصنع المحكم من أجل صناعة دراماتورجية أخرى ترتبط بالواقع. فما هو موقع النقد من كل هذه التجارب. النقد منذ بداياته عدو للمسرح فكان نقداً يقوم على القدح والمدح وكان يوظف لغة غائمة بحكم جهل النقاد بما يسمى بصناعة الدراماتورجية. فالنقد المواكب للمسرح هو الجامعي التحليلي الذي يتناول المسرح بكل أشكاله انطلاقاً من النص وصولاً إلى العرض كما تناولت الجلسة عدداً من الشهادات منها الأستاذة عبلة الرويني من مصر التي تحدثت عن المسرح المصري الذي لا يوجد فيه شخص الدراماتورج إنما هناك أشخاص يقومون بهذه المهنة سواءً كان معداً أو مترجماً أو منتجاً. فالمخرج تقريباً هو الذي يمارس هذه الوظيفة في مصر. ولا يمارسها بحكم أنه يمتلك هذه الذهنية الدراماتورجية بل نمتلك قدراً كبيراً من السلطة باعتبار أن الدراماتورج كمفهوم وفضاء متعدد الدلالات هو أكثر حرية وحواراً ومناقشة والتي مازلنا غير مدربين على هذه اللغة.‏‏

أما الأستاذة عزة القصابي من عمان قدمت في البداية نبذة عن بدايات المسرح العماني وأضافت أن ما لفت انتباهها هو اختيار موضوع الدراماتورج وهذا يعني أن المسرح يتجه إلى التخصصية أي أننا نبحث عن التخصص ضمن التخصص. كما نوهت الأستاذة عزة إلى دور الدراماتورج في العملية المسرحية وأن طبيعة عمل الدراماتورج موجودة في صلب العمل المسرحي سواء كان كلاسيكياً أم في العروض ذات الطابع التجريبي.‏‏

لقطات:‏‏

- أثناء شهادة عادل قره جولي ذكر أن اسمه قد كتب خلال المهرجان بأربع مرات مختلفة.‏‏

- الدكتورة عزة خرجت عن موضوع الدراماتورج لتقدم لنا نبذة عن المسرح العماني.‏‏

- كما بدأت مداخلتها عن شعورها بالبرد في القاعة.‏‏

- حرص الأستاذ عبد الحليم أثناء مداخلته على الاختصار خوفاً من أن يرموه بالأحذية كما فُعِلَ بالرئيس بوش.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية