تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نظرية السيادة والمتغيرات الدولية

شؤون سياسية
الأحد 23/9/2007
محمد كشك

نشأت نظرية السيادة في القرن الخامس عشر مع بداية ظهور الدولة الحديثة في الغرب وكذا مستعمراتها في إفريقيا

وآسيا بالذات أميركا اللاتينية وأول ظهور لهذا المبدأ بشكل حقيقي كان في مؤتمر (وستفاليا) الذي عرف مستقبلاً باتفاقية وستفاليا في عام 1648 تلك الاتفاقية التي أنهت ثلاثين عاماً من الحرب والقتال بين الدول الأوروبية وتبع ذلك مؤتمر برلين في عام 1888 الذي على أساسه تم تقسيم الدول الإفريقية للدول الأوروبية باعتبارها أقاليم مستعمرة. إن الهدف الأساسي من نشوء هذا المبدأ أي مبدأ السيادة هو وقف الحرب بين الدول الأوروبية وذلك بأن تكون لأية دولة حدود معروفة ومعترف بها من قبل المجتمع الأوروبي وعلى كل دولة أ لاتتجاوز تلك الحدود المتفق عليها فضلاً عن خدمة المصالح الأوروبية في القارات الجديدة وعلى رأسها القارة الإفريقية. إن مبدأ السيادة, مبدأ رضا الدولة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية, ولكن هذه المبادىء ماعادت تعرف بذات التعريفات التقليدية السابقة بالرغم من أن كثيراً من نصوص ميثاق الأمم المتحدة تؤيد ذلك, وهناك مجموعة من الأسباب تدخلت في هذه المبادىء نذكر منها اندلاع الحربين العالميتين الأولى والثانية, ظهور التنظيم الدولي والإقليمي, قيام الحرب الباردة, التطور الهائل في تكنولوجيا المعلومات مكّن الأفراد من الدخول في معاملات تجارية ضخمة, تنامي الاختصاص الدولي بالذات في مجال القانون الجنائي الدولي, ظهور حركة دولية مسنودة بوعي جماهيري لترسيخ تطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان, ظهور أنشطة جادة لتطبيق القانون الدولي الإنساني, انخفاض الحروب الدولية, وازدياد الحروب الأهلية, أي الحروب الداخلية , ظهور الجرائم الدولية, والجرائم المنظمة, عدم مقدرة الدولة الحديثة في الحد من تحرك رؤوس الأموال الكبيرة, عدم مقدرة الدولة الوطنية في السيطرة على الحدود الجغرافية براً وبحراً وجواً, ظهور مجموعة من المبادىء التي تنظم الاستثمار في أعالي البحار واستخدامات الفضاء الخارجي والنظر إلى الموارد الطبيعية باعتبارها ثروة عالمية يجب أن تستغل لمصلحة البشرية جمعاء, ظهور حركة نشطة للمحافظة على البيئة, ظهور شركات دولية ضخمة ذات جنسيات متعددة بها مقدرات مالية أحياناً تفوق بعض الدول, ظهور حركات سياسية مسلحة تتعامل معها المنظمة الدولية وباقي المنظمات والوكالات المتخصصة باعتبارها كيانات سياسية لديها وضع دولي خاص, وفي وطننا العربي فقد لعب الاستعمار الغربي البريطاني والفرنسي دوراً أساسياً في تجزئة المنطقة العربية. وفي تمكين اليهود من السيطرة على فلسطين وقد اتجه الفكر الغربي الاستعماري منذ عام 1905 لتنفيذ خطة تجزئة الوطن العربي في إشارة إلى أن المنطقة التي تقع شرق وجنوب البحر الأبيض المتوسط يسكنها شعب واحد بلغة وثقافة ودين وتاريخ واحد وهو الشعب العربي ووحدة هذه المنطقة تشكل خطراً على مستقبل الاستعمار في العالم ولذلك لابد من زرع حاجز بشري غريب في منطقة فلسطين لفصل شرق الوطن العربي عن مغربه وضرب أي حركة للوحدة العربية ومن هذا المنطلق كانت مؤامرة اغتصاب فلسطين وإقامة الكيان الصهيوني, وفي إطار المواجهة مع الاستعمار بدأت مسألة القومية العربية تتطور كأفكار ومن أهدافها تحقيق الوحدة العربية بغية تحقيق تقدم اقتصادي واجتماعي,. وكان أن تبلورت هذه الأفكار لتظهر بشكل واضح في حركة حزب البعث العربي الاشتراكي في سورية التي بدأت عملها في أوائل الأربعينيات ثم أعلنت رسمياً عن وجودها من خلال مؤتمرها التأسيسي الأول في السابع من نيسان من عام 1947 وبدأت (قيادة قومية واحدة) من مختلف الأقطار العربية كتعبير عن وحدة الأمة العربية, ولاسيما أن حزب البعث رفع شعار ( وحدة حرية اشتراكية ). إن تمسك الأمة العربية بهويتها القومية يحفظ لها كيانها وسيادتها في ظل المتغيرات الدولية والمهددات التي تجابهها, فهنالك هجمة أمريكية صهيونية استعمارية شرسة تستهدف القضاء الكامل على الوجود القومي العربي وتمزيق أفكاره القائمة حالياً على أساس وطني إلى كيانات متعددة !! وتسابق أمريكا واسرائيل الزمن لتحقيق أهداف تلك الهجمة.‏

إن الحل كما أشرنا في العودة إلى تنفيذ مشروع الوحدة العربية المرتقبة, وفق برنامج يعتمد التصدي للتآمر وتوحيد كفاح الجماهير ضد المخطط الأمريكي والصهيوني .. فهل نرى ذلك?!‏

كاتب سوداني‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية