تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مبادرات سلام أم لعبة أ قنعة?

لوموند- < بقلم هيرفيه دوشاريت*
ترجمة
الأحد 23/9/2007
ترجمة دلال إبراهيم

يبدو أن الأمور جميعها تحركت ودارت هذا الصيف حول مسألة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي,

من إعلان الرئيس جورج بوش عن عقد مؤتمر سلام دولي في الخريف المقبل, ولقاء يجمع بين محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية وأيهود أولمرت رئيس وزراء (إسرائيل) في مدينة أريحا وأخيراً إعلان خطة سلام شمعون بيريز (رئيس إسرائيل), ولا شيء في تلك العناصر الثلاثة للسلام يدعو للطمأنينة والراحة, ولا شيء فيها يدعو للتفكير والتخيل أن ثمة أملاً بسلام حقيقي يبدو في الأفق.‏

وأود أن أخفف قليلا من جرعة تفاؤلي خوفاً من وقوع خيبة أمل, لأن أي امرئ لا يشعر بأنه خلف كل تلك التحركات الخجولة يكمن تصميم وعزم صادق من كافة الأطراف لتحقيق سلام عاجل, بل إننا لن نجافي الحقيقة إن قلنا, إننا في أجواء توحي بعكس ذلك, إذ يسود انطباع عام أن كل زعيم للأطراف المتنازعة والراعية يعاني ضعفاً على الصعيد الداخلي, يبحث, بشكل خاص إلى التغرير والخديعة أملاً منه في إعادة رفع شأنه, فرئيس وزراء (إسرائيل) انخفضت شعبيته وسلطته إلى أدنى درجاتها منذ حرب لبنان, بينما رئيس السلطة الفلسطينية تراجعت سلطته بعد انهيار اتفاقه مع حركة حماس. أخيراً يحاصر الكونغرس والرأي العام الأميركي الرئيس جورج بوش ويضيق الخناق عليه, بعدما أدركوا أنه لم يحرز أي تقدم في (الشرق الأوسط) ولن يحرزه.‏

وواقع الأمر يقول سوف نحضر نوعاً من لعبة الأقنعة, لن يكون إيجاد حل للصراع هدفاً حقيقياً. وعليه من المشكوك فيه أن السلام سيولد من رحم تلك المباحثات التي ستجري بين شركاء الأمس, وضعفاء اليوم في قبول تقديم تنازلات لا بد منها لتحقيق غاية السلام.‏

وتعززت شكوكي تلك مع غياب ثلاثة شروط أساسية لإنجاح هكذا مفاوضات, حتى الآن وأول تلك الشروط هي ضرورة إشراك حماس في اللعبة, والواقع يقول باستحالة إنجاح أي مفاوضات إن واصل المجتمع الدولي مقاطعته لحركة حماس, ولا سيما أنها تمثل حكومة شرعية جاءت عبر صناديق اقتراع أشرفنا عليها وأطرينا على ديمقراطيتها النزيهة. والفكرة الخرقاء الداعية إلى إثارة الخلاف بين حماس وفتح مرفوضة قطعياً, بل ينبغي عودة اللحمة إلى الشعب الفلسطيني. ويتم ذلك عبر اتفاق سياسي بين حماس وفتح, واجبنا تجاهه تشجيعه كالاتفاق الذي رعته سابقاً المملكة السعودية, وكذلك من خلال موافقة الأسرة الدولية على إجراء مفاوضات مع أي حكومة حيث سوف تتمخض عن هذا الاتفاق.‏

والشرط الثاني يتعلق ب(إسرائيل) وهو ضرورة تحليها بالشجاعة للذهاب إلى أبعد ما تستطيع في إبداء إرادة السلام لديها. وعليها أن تعود إلى مبادىء اسحق رابين. وإن كانت ترى صعوبة في ذلك, فليس أمامها من مخرج, إن أرادت يوماً أن تعيش في المنطقة بسلام.‏

وأخيراً, ينبغي عدم المباشرة بمسار سلام جديد وبعيد الاحتمال, وإنما الالتزام بتحقيق السلام منذ اللحظة الراهنة, حيث نماذج الاتفاق النهائي موجودة وموضوعة من قبل الفصول السابقة وهي ثوابت الرئيس بيل كلينتون, ومفاوضات طابا, ومبادرة جنيف وبناء عليه, علينا عدم إرجاء أي بنود كما جرى سابقاً في اتفاقيات أوسلو, لتحقيق تسوية شاملة للصراع, وإنما الاتفاق عليها منذ البداية, حتى وإن تم وضع مراحل انتقالية ووضع ضمانات ضرورية للأمن. إنه اتفاق سلام, وليس مسار سلام,سيضع حداً لهذا الصراع. وحتى الآن, ليس في نية الإدارة الأميركية التي تمتلك الوسائل الكفيلة لاستكمال الشروط الثلاثة ولا سيما من جهة (إسرائيل) شق الطريق لتحقيق ذلك. بل إنها رفعت مساعداتها العسكرية إلى( إسرائيل) بنسبة 25%. وتلك إشارة هزلية منها إلى المنطقة, يفهم منها أننا, وللأسف لسنا على موعد مع السلام بعد.‏

وزير خارجية فرنسي أسبق‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية