|
شؤون سياسية وبين ما تمارسه على أرض الواقع على النقيض تماماً من سلوكيات وممارسات تعكس الوجه الأسود لهذه السياسة ولغوغائيتها في هدر كرامة الإنسان وجعله مجرد عبد وخادم مطيع لها. لكن الوجه الأخطر لهذه السياسة الأميركية هو أنها كما يبدو تقود العالم إلى إحياء حرب باردة جديدة بسبب عودة روسيا وظهور منظمة شنغهاي للتعاون التي جمعت بين الصين وروسيا على طاولة موحدة الأجندة في الأشهر القليلة الماضية. وليس بالشيء الجديد أن واشنطن لا تزال تنظر إلى روسيا على أنها مصدر للتهديد والخطر إذ إن الولايات المتحدة لديها هاجس قديم جديد من أن الحرب الباردة معها لم تنته مع سقوط الاتحاد السوفييتي وذلك بسبب أن موسكو وواشنطن ما زالتا تتبنيان مواقف متعارضة إلى حد ما إزاء كافة الملفات الدولية والإقليمية الساخنة. ولاسيما منها منطقة الشرق الأوسط والتوجهات الأميركية الهادفة بشكل أساسي إلى عسكرة العالم إضافة إلى بعض بنود منظمة التجارة العالمية التي تريد الولايات تحويلها منذ نشأتها إلى منظمة لاحتواء العالم وجعله لعبة بين يديها تتحكم من خلالها بالمقدرات ومصير الشعوب كي تبسط امبراطوريتها في أقصر فترة زمنية. كما أن واشنطن وإلى اليوم لا تزال تنظر في جوهر استراتيجيتها إلى روسيا أو الصين على أنهما مصدر الخطر الأكبر وخاصة روسيا التي تحمل الإرث السابق للاتحاد السوفييتي ولا تزال كوامن العداء للولايات المتحدة موجودة خاصة في الاعتبارات المتعلقة بالعداء القومي الاجتماعي التاريخي بين القومية السوفييتية السابقة والغرب بشكل عام. إضافة إلى أن روسيا لا تزال تملك إلى اليوم عدة مقومات تؤهلها لتكون القوة الخصم الأول للولايات المتحدة باعتبارها تمتلك الوفرة الفائضة في كافة أنواع الموارد الطبيعية ما يجعلها أقوى من أي عقوبات اقتصادية قد تفرض عليها. كما أن روسيا تمتلك كماً هائلاً, من صنوف الأسلحة التي لا تزال خارج دائرة الاستخبارات الأميركية. كما أن الروس يعون تماماً مدى إصرار الولايات المتحدة على سعيها في تحقيق المزيد من الانهيارات لروسيا بعد أن نجحت في إسقاط الاتحاد السوفييتي وتسعى أميركا جاهدة إلى محاصرة روسيا عن طريق إخضاع المناطق المحيطة إلى سيطرتها وهيمنتها وهذا ما تدركه موسكو جيداً اليوم وعلى هذا الأساس تريد واشنطن مهاجمة إيران, ما فعلته في العراق وأفغانستان ومن أجل الاستحواذ على المخزون النفطي والغازي الإيراني إضافة إلى سعي أميركا لعرقلة إتمام بناء مشروع خط أنابيب لنقل النفط الإيراني الذي وقعت عليه طهران وموسكو مؤخراً والذي تخشى واشنطن من أن يستكمل بناء هذا الخط باتجاه باكستان فالهند. إن جميع الاحتمالات قائمة بدون شك لكن الأقرب إلى الواقع والمنطق كما تسجله وقائع السياسة الأميركية خلال العقدين الماضيين هو المزيد من سعي واشنطن لفرض الهيمنة على العالم ولإضعاف روسيا والصين وغيرهما. حتى الكتلة الأوروبية كي يبقى الجميع تحت السيطرة الأميركية ومن ثم محاصرتها سياسياً وعسكرياً لإضعافها. وما ينطبق على روسيا أو الصين من هذه المخططات الأميركية الضاغطة ينطبق بطبيعة الحال على أوروبا ولو بشكل أو بأشكال أخرى كي يضمن استمرار الهيمنة الأميركية عليها وبالتالي جعل مصيرها كمصير غيرها. وباقي شعوب العالم. |
|