|
لوموند كارل روف الرجل الذي يدين له جورج بوش برئاسة الولايات المتحدة استقال من منصبه في البيت الأبيض لينصرف إلى شؤونه العائلية, روف الذي يوصف بأنه مهندس استراتيجية بوش السياسية بل (رجل الظل) كما يطلق عليه الصحفيون المعتمدون في البيت الأبيض, حيث يجلس في المقعد الخلفي ولايراه أحد, يقف وراء كل الأعمال الملتوية التي أوصلت بوش إلى السلطة فمنذ بداية سبعينيات القرن الماضي بدأ بإدارة ناد للشباب المحافظين من الحزب الجمهوري وبحماس شديد عمل ضد الشيوعية قبل أن يبدأ ولعه بنيكسون ثم معاوناً لجورج بوش الأب ثم عضواً في نادي العائلة, وعلى رأس وكر من المستشارين لعب أدواراً قذرة في الحياة السياسية, فلكي يبعد آن ريشارد المرشحة لإدارة ولاية تكساس عام 1994 أطلق حولها إشاعة أنها تنتمي إلى مجموعة من السحاقيات لتشويه سمعتها الأخلاقية وبذلك خسرت الانتخابات ولكي يضمن نجاح بوش كمرشح جمهوري عمل على إظهار منافسه ماك كين على أنه رجل غير متوازن وأنه خائن وقد سجن أثناء حرب فيتنام ومن ثم أدى أدواره في الحملات ضد فيدل كاسترو وشافيز ثم في قضية تهريب اليورانيوم التي كشفتها زوجة السفير جوزيف ويلسون وكذبت اتهام صدام حسين بشراء اليورانيوم من نيجيريا, وكارل روف هو من أوعز إلى الصحفيين للتقليل من أهمية القضية والتعتيم على كشف الكذبة الرئاسية وأدين لويس ليبي الذي كان الوسيط في هذه العملية بستة أشهر سجن وقد استفاد روف من منصبه في البيت الأبيض ليرفض الإجابة على أسئلة المحققين. اللقب الأهم الذي يحمله روف هو أنه (عقل بوش المدبر) إذ يقال إن بوش له رأسان واحد له والآخر لروف, كما أنه مهندس انتصارات بوش, لكن هندسته هذه أثارت الانقسامات في واشنطن على الصعيد التكتيكي السياسي. لقد بدأ جورج بوش يفقد فريقه الرئاسي ويأتي روف في آخر قائمة طويلة ممن هجروا البيت الأبيض بعد رامسفيلد ودان بارتلي وروب بورتمان مدير الخزينة ومستشاري الأمن القومي وإن لم يبق حوله سوى واحدة فهي كونداليزارايس التي أكدت أنها لن تغادر حتى نهاية ولاية بوش في كانون الثاني ,2009 وبرحيل روف يبدو أن جو الهيمنة في واشنطن يشارف على الانتهاء وأن إدارة بوش بدأت تتصدع على جميع الجبهات قبل عام ونصف من نهاية ولايته. إذاً كارل روف كان يجسد المكر السياسي في هذه الإدارة وهو سيد أفكار بوش منذ أن ضمن له حكم تكساس ومن ثم إنجاحه في الانتخابات الرئاسية لعام ,2000 وبعدها لعام 2004 وأكثر من كونه تكتيكياً فإن روف كان مقتنعاً بقدرته على تغيير تاريخ البيت الأبيض بتأسيسه غالبية جمهورية تمتد لأجيال قادمة, ولكن خطأه الفادح كان ترويجه للحملة الانتخابية من خلال الحرب على العراق ومن ثم أصبح هدفاً سهلاً للجنة الشؤون القضائية بسبب دوره في إقصاء تسعة قضاة فيدراليين لأسباب سياسية رغم أن الرئيس بوش وجد له مبرراً بادعائه أن تلك هي امتيازات المجلس التنفيذي لكي يجنبه المثول أمام لجنة التحقيق. لقد صرح روف لصحيفة وول ستريت أنه لن يبقى لكنه لن يرحل وفقاً لرغبات الشارع ثم وجه التهمة للديمقراطيين بالتسلط عليه وملاحقته ويشبه نفسه ب موبيديك (الحوت الكبير) في رواية أرنست هيمنغواي (الرجل والبحر). من جهته رئيس الأغلبية الديمقراطية هاري ريد أعرب عن سروره لاستقالة روف متهماً إياه بأنه وضع في خدمة الاحتياجات السياسية لزبانية الرئيس بوش على حساب مصلحة الدولة بمجملها. إن رحيل صديق بوش الحميم يضاف إلى قائمة كولن باول ورامسفيلد وولفوفيتزليبي صناع سياسة المحافظين المتطرفة التي قادت إلى كارثة العراق وها هو يغادر سفينة تبحر في جميع الاتجاهات وفي وقت تهتز فيه أركان البيت الأبيض. |
|